الثلاثاء، 5 مايو 2015

زق يا مجدي


يا مجدي زق بقى يا أخي مالك كده مخستع وأعصابك تعبانه،ماهو لو كنت متجوز زيي كنت عذرتك لكن أنا عارف انك مضرب عن الجواز بتقلد شوية العيال الهايفين بتوع اليومين دول اللي بدل ما يعملوا حاجه مفيدة في حياتهم يهرشوا في راسهم ويقولولك أنا مضرب عن الجواز وهو في الحقيقة مش لاقي واحدة ترضى بيه،كاتكوا نيله.
- أهو إنت قولت بنفسك إحنا عيال هايفة ومفيناش أعصاب،زق بقى لوحدك العربية دي ياعم الأعصاب ودور على ميتك تسخن سلام
بص محمود يمينه وشماله لقاه لوحده واقف جنب عربيته النصر القديمة والمكان ضيق ولازم يزق العربية اللي قدامه دي علشان يقدر يركن عربيته وإلا هيبات جنبها للصبح علشان خايف الونش يجي يشيلها،في لحظة ندم شعر محمود إن الجلاله خدته وتقمص دور المصلح الحكيم وادى درس ملوش أي تلاتين لازمه لمجدي جاره اللي كان أمله الوحيد إنه يساعده في ركن عربيته.
في الحقيقة محمود هو اللي محتاج يراجع نفسه في موضوع الأعصاب ده بس أهو زي كل المصريين مقضيها كلام وخلاص،المهم مفيش مفر إنه يحرك رجليه ويجري ورا مجدي مع إطلاق سارينة لسانه زي المطافي علشان يترجاه يرجع يساعده.
- خد يا مجدي يا أخي هو الواحد ميعرفش يتفك معاك بكلمتين،طب متزعلش يا سيدي أنا اللي أعصابي مخستعه وانت زي الفل،يعني دول أول مره ماكل يوم بنقول الكلام ده اشمعنى النهاردة يعني؟
مجدي كان عارف إن ده هيحصل علشان كده ابتسم ورجع تاني لصديقة وبدأ يساعده من جديد.
- عارف يا مجدي عربيتي دي من سنة كام،دي من سنة 1992 وزميلنا اللي كان شغال في شركة النصر قبل ما يطلعوه معاش إجباري قالي إنها كانت من ضمن 50 عربية كانوا أخر خط الإنتاج للمصنع قبل ما يخربوه،الله يخرب بيتهم.
- يا سيدي والله عارف وانت سمعتني الكلمتين دول من زمان،وكل يوم والتاني أجي هنا أزق عربيتك وتقولي البوقين دول،غير بقى يا محمود،وبعدين العربية دي مبتتزقش ليه؟
- ماهى دي المشكلة يا أبو الأمجاد العربية دي زي ما انت عارف بتاعة جارنا طوني اللي شغال في سفارة سويسرا،بسم الله ماشاء الله،عربية أخر موديل واتوماتيك ومبتتزقش.
- أمال ليه كل يوم تاعبنا معاك وبنضيع وقتنا ع الفاضي.
- إحنا كده يا مجدي هنفضل نزق في العربية طول عمرنا علشان نركن،ياريت كنا بنزقها علشان ننضف الزبالة من تحتها ونخلي قدام عمارتنا جميل لكن للأسف بنزق علشان نوسع مكان لعربيتي النصر ونركنها ونطلع ننام.
- عارف يا صديقي محمود إنت مشكلتك أيه؟ مشكلتك إنك عايش في الماضي،عربية قديمة ونضاره قديمة،حتى لبسك بتفصله عند عم منصور الترزي بتاع الموديلات القديمة،شكلك بقى عامل زي أحمد مكي في فيلم طير إنت،ومعندكش غير كلام أما فعل مفيش،وكل يوم تفضل تزق علشان توسع مكان لعربيتك رغم انك عارف ان عربية طوني أتوماتيك ومبتتزقش ومع كل ده برضه كل يوم مصر تعمل كده.
- أنا هقولك يا مجدي على حاجه،تعرف إننا من أيام محمد علي وإحنا بنزق في العربية دي علشان نركن ويارتنا كنا بنزق علشان نطلع نجري ونحصل اللي سبقنا .
- محمود إنت بدأت تخرف،محمد علي وهبل أيه،ياعم فوق بقى وبيع العربية الأنتيكه دي وهاتلك عربيه حديثه.
- منين يا حبيبي مكنش انعذر ولا باع جذر،ما أنت عارف العين بصيره والأيد قصيرة.
- ياعمنا بدل التزويغ كل يوم من الشغل ورجوعك البيت بدري علشان تنام شوفلك شغلانه تانية جنب وظيفتك تساعدك في حياتك،وأهي فرصة ترجع تلاقي طوني خالع من المكان وتركن عربيتك الجديدة براحتك.
- يعني أنا لوحدي اللي بزوغ من الشغل ما فيه 6 ونص مليون موظف في الدولة منهم 6 مليون بيزوغوا.
- طب أمال ليه خاوتنا من الصبح بالقيم والمبادئ وقفلوا مصنع النصر الله يخرب بيتهم والمثاليات اللي إنت معيشنا فيها.
- ياعم بفك نفسي معاك بكلمتين وبعدين ماهو فيه برضه 90 مليون مصري كلهم مفيش فيهم غير لسان،هو لو كان فينا حاجه غيره كنا وقفنا محلك سر من أيام محمد علي.
- تاني محمد علي؟
- تاني وتالت ورابع ده حبيبي،الغريبة يا أخي إن مصر معملتش حاجه مفيدة من يومها،يعني محمد علي ده هو اللي عمل كل حاجه موجوده لحد دلوقتي،عمل بعثات للخارج علشان نتعلم،قسم مصر إدارياً،بنى النهضة الحديثة في كل شئ،وأولاده شقوا الترع وعملوا النهضة الزراعية وكان الجنية المصري في عصرهم بيساوي كام جنيه دهب،وكنا بنسلف أوروبا فلوس كمان،قولي من يومها بقى عملنا أيه جديد.
في اللحظة دي ظهر طوني كالعادة وألقى التحية عليهم بلكنه مكسره وخد عربيته وخلع بأقصى سرعة.
- وأهو طوني كل يوم يطلع يجري زي الصاروخ مش منتظر حتى لما نرد عليه السلام،يرفع محمود يده ملوحاً لطوني الذي اصبح بعيداً في أخر الشارع ويقول: مع السلامه ياطوني.
- فين مجدي،يا مجدي يا ابو الأمجاد
مجدي زهق من تخريف محمود سابه وخلع،ومحمود خلاص معدش محتاج لخدماته والمكان بقى فاضي وزي الفل.
زي كل يوم شغل،يركن محمود عربيته مكان طوني اللي مش هيجي من الشغل إلا بكره الفجر ويبدأ يتثاءب ويجهز نفسه علشان يطلع ياكل ويضرب كوباية الشاي وياخدله تعسيله.
نام يا محمود ومتخافش على عربيتك في الحفظ والصون،ماهي بقالها سنين مركونة في الحفظ والصون ومحدش بيجي جنبها،وأيش ياخد الريح من بلاط عربية كهنة أصبحت ذكريات من أيام عز شركة النصر لتصنيع السيارات.

وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق