الأحد، 23 فبراير 2014

مصر لا صاحب لها



يكتبها : وفقي فكري
وقف الفنان عادل إمام في فيلمه الشهير النوم في العسل يقول للناس في أحد مشاهده أمام منزل أحد الدجالين الذين يستغلون جهل الناس وحاجتهم قائلاً لهم أن هذا الرجل دجال ولن يفيدكم بشئ ورغم أنه كان يلعب دور ضابط شرطة برتبة عقيد إلا أن جهل الناس كاد أن يفتك به حين حرضهم مساعد الدجال عليه ، ورأينا في التسعينات حرب شعواء في كل وسائل الإعلام علي الدجل والشعوذة إمتلأت بها شاشات التليفزيون والإذاعة ولم تخلو المسلسلات والأفلام من مشاهد تحذر من ذلك .
واليوم بما أننا في عصر التكنولوجيا والإنترنت فأرجو من كل من يقرأ سطوري هذه أن يتوقف قليلاً عن القراءة ويفتح صفحة إنترنت ويكتب في محرك البحث جوجل جملة "صاحب مصر" ، إن كنت بحثتم عن تلك الجملة فستجدون أن كل نتائج البحث تخرج لكم بعناوين كلها تتكلم عن المشير عبدالفتاح السيسي وتتناول تحليلات كثيرة لمن يقدمونهم في الميديا علي أنهم أساتذة ودكاترة في مجال علم الفلك والتنبؤات الفلكية وستري العجب العجاب ، كل من يتحدث في هذا المجال يصف المشير السيسي علي أنه صاحب مصر وأنه ذكر في مخطوطات أثرية منذ آلاف السنين ، المنقذ والمخلص وكأنه المهدي المنتظر ، وهناك من يصفه بالنجم الساطع في السماء ويربطه بمسارات وحركات الكواكب ومن يصفه بنوع من النسور الخرافية ينقض علي فريسته ويقض عليها وأقاويل فلكية وتنبؤات كثيرة وكأن هؤلاء يقرأون الغيب ويطلعون علي المستقبل .
حقاً مثلما يقال في عالم الموضة أنها تعيد نفسها كل فترة وتعيد لنا موديلات وقصات قديمة فإن الأمر ينطبق بالتمام والكمال علي السياسة والدجل ، وقد خلطت السياسة بالدجل لأن هذا ما آراه الآن من أفواه منافقة تعيد لنا الدجل ولكن بشكل مختلف وبدلاً من أن نتصور أوكار الدجالين ببيت مظلم وبخور وتجهيزات تبعث في قلب من يراها الرعب فإننا نجد الآن بيوت الدجل عبارة عن استوديوهات فارهة متقدمة ومجهزة بأحدث أساليب التكنولوجيا تخترق كل بيت وتسحر أعين الناس كسحرة فرعون لتقلب لهم الحقائق وتزيف الواقع فنري شعباً منساقاً دون وعي كمن يسير نائماً مسلوب الإرادة نحو الهاوية.
ياسادة كفاكم إستخفافاً بعقول المصريين البسطاء وكفاكم هرتلة وتخاريف وتزييف متعمد للواقع ، السيسي ليس صاحب مصر ، ومصر لم يكن لها يوماً صاحب ، بل مصر ملكة تتربع علي قلوب الجميع ونحن رعاياها وفي خدمة هذا الوطن ومن يتقدم للقيادة لا داعي لأن نحوطه بهالة من الرهبة ليتمكن من الحكم ونسمع له ونطيع مسلوبين الإرادة وكأنه قديس من العصور الوسطي ، وليس هناك داعي أن نفعل كما فعل المعز لدين الله الفاطمي حين جاء ليحكم مصر ويستقل بها عن الخلافة فرفض الناس فاختفي عنهم فترة ثم أشاع بين العامة أنه صعد عند ربه ثم ظهر عليهم بعد فترة وقد خرج من باطن الأرض في هالة من نور وجواهر وجلل فصدقه الجهلاء وصدقوا أنه جاء لخلافة مصر من قبل ربه ، إن كانت أفواهكم تمتلئ بتلك الخرافات فعار عليكم أن تحملوا لقب إعلاميين وعليكم أن تفكروا ملياً لأن أمثالكم من أصحاب المصلحة لا يتركون بصمة مهما علا صوتهم ، ولا تعتبوا علي الإخوان في إستعمال الدين لخدمة أهدافهم إن كنتم تستعملون الدجل لسحر عقول الناس وأطلقوا القنوات الدينية التي سودت شاشاتها بسبب معارضتها لكم وأتركوها تنافس هرتلة القنوات الأخري وكما يقولون "هرتلة بهرتلة"، وكلمة أخيرة أقولها للمشير السيسي ، سكوتك يعني موافقتك علي هذه التخاريف وموافقتك تعني إنحدار رصيدك إلي الإفلاس وعلي المتطوعين أن يتوقفوا عن النبح الدائم من أجل أن تلقي لهم عظمة خالية من اللحم وليتها ترمي لهم ، ولكنهم سيظلون يلهثون سواء ألقت لهم أم لم تلقي لأن هذا هو طبع الكلاب . 

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

لا تتركوهم يشتكون للأشباح


يكتبها : وفقي فكري
لايمكن أن يري قيادات شركة المقاولون العرب كل هذه الإضرابات والإحتجاجات التي تضرب الكثير من الأماكن العمالية الهامة ولا يحركون ساكناً ، هناك الآلاف من العمال في ورش العامرية بالأسكندرية وورش شبرا وترسانة المعصرة منذ منتصف الأسبوع الماضي يمتنعون عن العمل وكأن شيئاً لا يحدث ، لماذا يلتزم مجلس الإدارة الصمت الرهيب ولا يتجاوبون مع مطالب واحتجاجات هؤلاء العمال ، لماذا يتركونهم فريسة للشائعات ولتسخين الصحافة والتليفزيون حتي نسمع أن مطالبهم وصلت إلي صرف 20 شهراً ميزانية وقرأت بنفسي تصريحات محرفة وغير حقيقية عن العمال علي صفحات الجرائد تقول أن الميزانية إنخفضت من 15 شهر في الأعوام الماضية إلي 4 شهور فقط هذا العام وهذا غير صحيح  ، بالتأكيد يري مجلس الإدارة كل يوم الصحف والقنوات ويعلمون ما يحدث ورغم ذلك نتعجب من الجموح المتعمد عن التواصل مع هؤلاء العمال .
نري وزير الإسكان يزور إدارة الحاسب الآلي في منتصف الليل ليتابع طباعة شيتات الميزانية ولاوجود للمهندس محسن صلاح في الصورة ثم يذهب اليوم للمضربين بترسانة المعصرة ولا يسبق ذلك زيارة من رئيس مجلس الإدارة للتواصل مع العمال رغم أنهم من أيام علي نفس الحال ، هل التواصل مع العمال أصبح حقاً فقط لوزير الإسكان مع عمال الشركة في غياب من مجلس إدارتها ، وهل سيعتبر العمال هذا الإحجام تكبراً وعناداً أم تعالي وتقليل لحجم تلك الإضرابات .
ألا يعنيكم دراسة تلك المطالب والنقاش مع العمال والنظر في طلباتهم ، ألا تتواصلون معهم وقد علمتم أن ألاف العمال يمتنعون منذ عدة أيام عن العمل مما يكلف الشركة كل يوم خسائر بالملايين ، ألا تهتمون بمصلحة الشركة وما تتكبده كل يوم من ملايين تهدر علي الأرض ، لقد كان من السهل أن يتدارك مجلس الإدارة كل هذا العناء منذ البداية بتواصل مباشر مع العاملين وشرح الموقف لهم ومواجهتهم بالحقائق وإشراكهم في الأمر ومناقشتهم في مطالبهم وكان من السهل أن تحل الأزمة بكل بساطة ولكن سياسة الغموض والأمر الواقع لن تزيد الأمر إلا إلتهاباً وسخونة ، أرجو من مجلس إدارة الشركة أن يستمع إلي العمال لأن هذا أحد أهم أولوياتهم فبدون العامل لن تكون هناك شركة ولن يكون هناك مجلس إدارة ، نرجوكم ألا تتركوا العمال يتحدثون إلي الأشباح التي تحرضهم علي العنف ورفع سقف المطالب فالحاقدون كثُر والمتربصون بالشركة كثُر والعمال لهم حقوق ومطالب تستحق المناقشة والحوار فلما التأخر ولما نتركهم يضربون رؤسهم في جدران من الصخر .

الجمعة، 7 فبراير 2014

ياجامع الناس ليوم لا ريب فيه




تصيح الطفلة منادية علي أبيها في لهفة قائلة "هيا يا أبي لقد مر من اليوم نصفه ونريد أن نذهب إلي منزل عمتي " يبتسم أحمد وينظر بوجه بشوش إلي ابنته قائلاً " ولما الإستعجال ياحبيبتي فلدينا سيارتنا ولن يستغرق الطريق سوي ساعة فقط ونصل إلي بيت عمتك " تجذب طفلته الأخري قميصه في براءة قائلة "قل إن شاء الله هكذا قالتلي أمي" فيحملها بين يديه مداعباً إياها في لطف وقد حثهما علي سرعة الصعود إلي الكرسي الخلفي من السيارة والإستعداد للمغادرة .
يبدو أن اليوم مشرقاً وجميلاً وسط كل تلك الحقول والهواء العليل هكذا يصف أحمد شعوره بجمال الطبيعة لزوجته الجالسة بجواره داخل السيارة وقد ودعوا قرية العائلة وانطلقوا يجتازون الأميال وسط الزراعات نحو بيت أخته الكبري بأحد المدن القريبة ، يمعن أحمد النظر نحو الطريق ويبدأ في إعداد قائمة الأعمال التي ينوي أن يقوم بها فور وصوله إلي المدينة ، ربما ليس لديه الوقت الكافي للقيام بها كلها ولكن سيبدأ في تحقيقها من لحظة الوصول ، يراجع أحمد القائمة ، هناك جولة سريعة لابد أن يقوم بها فور الوصول لزيارة الأماكن التي يحمل بداخله ذكريات لها في وقت صباه ، هناك زيارة لمنزل عمه بأحدي القري المجاورة للمدينة ، لديه أيضاً موعد مع أحد الأصدقاء وأشياء أخري، يكرر ويؤكد مراراً وتكراراً علي مواعيده ولكن يبدو الوقت ضيقاً لإجراء كل ذلك قبل موعد العودة إلي منزله ، يشعر أن الوقت يسرقه فيضغط علي دواسة البنزين ليسرع أكثر ولكن فجأة يري مؤشر حرارة السيارة يرتفع بسرعة شديدة ثم يقفز فجأة إلي الخط الأحمر وينزعج أحمد لذلك ويتوقف علي جانب الطريق مسرعاً نحو مقدمة السيارة يستكشف الأمر فيري قربة ماء التبريد وقد خلت من الماء ودرجة حرارة السيارة قد بلغت من الخطورة مايجعل السير مع ذلك مستحيلاً ، ينظر حوله ، عليه أن يجد مكاناً يحضر منه زجاجة ماء يملؤ بها قربة ماء التبريد ، فلا يجد إلا منزلاً ريفياً بعيداً محاطاً بالزراعات ، يتوجه إليه في طلب الماء ويرجع وقد بدأ يستعد لإرجاع الحال إلي سابق عهده وينطلق نحو تحقيق خطته ، تسأله زوجته من داخل السيارة عن المشكلة فيشير إليها مبتسماً "لاشئ لا تقلقي سننطلق حالاً ، فقط نقص بماء التبريد " تطل عليه ثانياً ابنته الكبري من شباك كرسيها الخلفي قائلة " إن شاء الله" فيلوح لها أحمد بضجر آمرها بالعودة إلي داخل السيارة ، ولكنه فكر في أن ينزع غطاء صمام دورة الماء ليفرغ الهواء المختلط بالماء أثناء ملئ القربة لضمان حسن السير وراحة البال من حدوث أي مشكلة أخري ، وبالفعل يقوم بذلك ولكن غطاء الصمام يقع اسفل السيارة ويضيع وسط الشوائب ويبحث عنه فلا يجده ، يعاود البحث عنه مرة أخري ولكن لا أثر له ، ظل علي هذا الحال طويلاً ، الليل بدأ يسدل خيوطه علي الطريق والوضع لم يتغير ، يعاود البحث وقد مر أكثر من ثلاثة ساعات وهو يقف يبحث عن حل وسط هذا الظلام ولكن مازال لايجد غطاء الصمام ، تنزل زوجة أحمد من السيارة للمرة الثالثة وقد حملها الملل علي أن تشارك زوجها المشكلة وتسأله "قل لي ما المشكلة عسي أن أساعدك " فيقول لها غطاء صمام دورة مياه تبريد السيارة ضاع مني ولا أجده ولايمكن أن نسير بدونه ، فتبادره زوجته قائلة " إذاً كرر ورائي هذا الدعاء لتجد الغطاء فيرد عليها أحمد في انفعال واضح " وهل هذا الدعاء هو ما سيرجع لي الغطاء ، أرجوكي عودي إلي مقعدك حتي أركز في ايجاد حل لما نحن فيه " فتبتسم الزوجة قائلة في هدوء " لن تخسر شيئاً ، فقط ردد خلفي هذا الدعاء ... اللهم يا جامع الناس ليوم لاريب فيه اجمعني و ضالتي " قالها أحمد خلف زوجته ثلاثاً ليتخلص من إلحاحها وعاود البحث عن الغطاء ولكن لم يجده ، ينتظر أن يقوم الدعاء بمفعوله ويجد الغطاء كما تدعي زوجته ولكن لا فائدة ، يقف أحمد أمام موتور سيارته وقد أرهقه التعب والبحث وارتسم علي وجهه اليأس فتداعبه زوجته محاولة التخفيف عنه قليلاً مستفسرة عن شكل هذا الغطاء ويرد عليها أحمد بضجر وعدم اهتمام واصفاً إياه لزوجته ويحاول أن يقرب شكله إلي شئ تعرفه فيقول لها هو غطاء بلاستيكي مثل غطاء بلف عجلة السيارة وفجأة يقف أحمد مذهولاً ويكرر قائلاً " غطاء بلف عجلة السيارة " ويهم مسرعاً نحو عجلات سيارته يبحث عن غطاء بلف إحداها فلا يجد وزوجته متعجبه من فعله وتسأله فلا تجد منه رداً سوي " غطاء بلف عجلة السيارة" يدعو الله أن يجد هذا الغطاء في العجلة الإحتياطي بالشنطة كأخر أمل له وبالفعل يجدها ويعود بها مسرعاً للصمام ويضعه ويجده نفس المقاس ونفس الشكل وقد أغلق بالفعل الصمام فتنطلق حنجرته صارخة " الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر" كررها كثيراً بصوت عالي جداً كالمجنون من ذهوله من تأثير الدعاء ، لقد كان يعتقد أن الدعاء لن يجدي وكرره خلف زوجته بلا اهتمام فقط ليسكتها وكانت أقصي أحلامه أن يستجاب الدعاء ويجد الغطاء ولكن الله أبدله بشئ أخر كان أمام عينيه ولا يراه ، لقد استجاب الله للدعاء بعد ترديده بلحظات وأحمد يقف متجمداً من عظمة فعل الله في إيجاد البديل بشئ لم يكن يتوقعه مطلقاً ، يتلجم لسانه للحظات ثم يعاود الصراخ مرات أخري قائلاً " الله أكبر ... الله أكبر ... الحمد لله " وقلبه ممتلئ بالفرح والسرور ويصعد إلي سيارته وقد عادت تعمل مستعداً لإستكمال رحلته إلي منزل أخته مخاطباً زوجته " نحمد الله علي معجزته لنا وسنسرع للحاق بمواعيدنا قبل فوات الأوان " فتجذبه ابنته الصغري من الخلف قائلة له " يا أبتي قل إن شاء الله " فيرد عليها أحمد مبتسماً وكأن هماً قد ألقي من علي كتفيه " إن  شاء الله يابنتي فبدون مشيئته لن يتحقق شئ مهما كنا نعتقد أننا ملكنا الدنيا " وينطلق أحمد وأسرته نحو المدينة وقد أزاح الله عنهم أمراً كان مفعولا .
كتبها : وفقي فكري

الأربعاء، 5 فبراير 2014

صرخات أصحاب المعاش من المجهول




يكتبها : وفقي فكري
وسط كل هذا الزخم السياسي علي الساحة المصرية والحديث المتكرر عن الدستور الجديد ثم انتخابات الرئاسة القادمة والبرلمانية يتناسي الناس أصحاب المعاشات ومناقشة أحوالهم وظروفهم المعيشية الصعبة وبدلاً من أن نتجه نحن الشعب إلي معالجة مثل تلك القضايا التي تضرب المجتمع في عمقه الإستراتيجي ننشغل بتخوين بعضنا البعض وتبادل الإتهامات حول التشكيك في الآراء واتهام بعضها بجر البلاد إلي نفق مظلم.
وفي الحقيقة فإن الذي سيجر المجتمع المصري إلي نفق مظلم ليس مناقشة المستقبل السياسي لمصر خلال الفترة المقبلة وحسب وإنما لمنع ذلك لابد أن نحاول معالجة الكثير من الأمراض المستعصية التي تركتها لنا أنظمة سابقة وتهدد بالإنفجار وتجعل الأمل في التطوير والتقدم أمراً ميؤساً منه.
ولعل قضية المعاشات هي من أولي تلك القضايا التي يجب معالجتها حالياً ، ففي مصر الحكومات المصرية المتعاقبة تتعامل مع من يخرج علي المعاش علي أنه قد إنتهي عمره الإفتراضي ولابد أن يتلاشي وراء الجدران حتي يأتيه مصيره المحتوم ونتركه لمواجهة المجهول عكس عقيدة الغرب في تلك النقطة ، فإن كان خبراء علم النفس والأطباء في مصر والعالم العربي يقولون أن العمر يبدأ بعد سن الستين في إشارة منهم إلي دعوة أصحاب المعاشات للتفاؤل فإن الغرب لايكتفي بالقول والأمنيات وإنما يحولها إلي خطة يتم تنفيذها تكفل لهؤلاء حياة كريمة تحقق لهم الإستمتاع بالحياه وسبل الراحه.
أما في بلدنا مصر فإن من يخرج علي المعاش يتفلص مايتقاضاه من الدولة فجأة إلي أقل من ربع رابته الشهري ويبدأ في مواجهة عناء الحياه وتأخذه الصدمة إلي عدم الإتزان والبحث في الأرض عن سبل حياه تعيد له كرامته فلا يجد إلا الإهانة والتعب حتي الموت ، أليس من حق هؤلاء المواطنين الذين أفنوا زهرة حياتهم في خدمة الوطن أن يجدوا في النهاية معاش يكفي الحد الأدني لحياه شبه كريمة ، ألم يدفع هؤلاء أموالاً وتأمينات وشيخوخة وضرائب تنفعهم وقت الحاجه في كبرهم ، إن المواطن بعد سن الستين تزيد عليه أمراض الشيخوخة والأمراض المزمنة التي لحقت به بسبب عمله وضغوطه ويحتاج إلي رعاية صحية تتكلف الكثير والكثير من المال ولا يستطيع مواجهة كل ذلك بسبب قلة المجهود وتراجع الصحة ، فكيف يلبي ذلك وقد أصبح لا يقدر علي العمل .
لقد قال رئيس اتحاد المعاشات المستقبل البدري فرغلي أن أموال المعاشات تصل إلي 600 مليار جنيه وأموال التأمينات تصل 225 مليار جنيه وكل تلك الأموال في حوزة وزارة المالية رغم عدم إختصاصها واختصاص وزارة التضامن الإجتماعي بذلك مما أدي إلي ضياع غالبية فوائد تلك الأموال علي مستحقيها بالإضافة إلي إستغلال الحكومات السابقة لتلك الأموال في مشروعات أخري وضياعها في كروش أصحاب المصالح وأيضاً اللغط الكبير الذي أثير حول سرقة أموال المعاشات والتأمينات من نظام مبارك وأن تلك الصناديق خاوية ، فلماذا كل هذا الفساد في حق شيوخ لم يعدوا قادرين علي توفير لقمة العيش لأنفسهم ؟.
لا يعقل ونحن في عام 2014 أن يظل هناك مواطنين ومواطنات بعد سن الستين عاماً ومازالوا يتقاضون أقل من مائة جنية كمعاش للتضامن الإجتماعي ولا يعقل أن تكذب الحكومة الحالية بهذا الشأن وتصرح بزيادة هذا المعاش بنسبة 50% إعتباراً من يناير 2014 ويذهب الناس فلا يجدوا إلا 10و15% من تلك الوعود فقط ، لقد طالب سعيد الصباغ الأمين العام لنقابة أصحاب المعاشات برفع الحد الأدني للمعاشات عن 80% من الحد الأدني للأجور أي بما يعادل 960 جنيهاً شهرياً بالنسبة للتضامن الإجتماعي ونجد ذلك منطقياً وحقاً من حقوق هؤلاء ونرجوا أن يعاد النظر أيضاً في معاشات الخارجين علي المعاش من وظائفهم ليتلائم ومرتباتهم التي كانوا يتقاضونها أثناء الخدمة ليستطيع هؤلاء المواطنين الذين خدموا وطنهم بكل جهد واجتهاد من مواصلة حياتهم بشكل يليق وآدميته حتي يقضي الله أمراً كان مفعولا .

السبت، 1 فبراير 2014

أمن يجيب المضطر


يكتبها  : وفقي فكري
يحكي أن شاباً خرج يوماً من بيته متوجهاً إلي عمله في الصباح الباكر وقد أرهقته الهموم والحاجة ولكن التعفف يخفي من علي ملامح وجهه أي أثر لذلك ، هذا الشاب كان مازال في أوائل سنوات زواجه وقد أنجب طفلة لم يتعدي عمرها العام وما أحزنه وأثقل قلبه بالحزن أن الشهر قد أوشك علي الإنتهاء ولم يتبقي إلا عدة أيام ولكن الراتب الذي يحتسب بالجنيهات قد نفذ ولم يعد يملك بجيبه إلا جنيهان لايكادان يكفيان للذهاب للعمل ، فسار علي جانب الطريق وقد إنشغل عقله بذلك يفكر ويفكر ولا يري أي بريق من الأمل ، يتسائل من أين سيكمل الشهر ومن أين سيأتي بالمال ، سار لا يشعر بخطواته ولا يشعر بوقع قدميه علي الأرض ، بدأ بلا شعور يتمتم في صوت خافت يناجي ربه " يارب .... يارب .... يارب أنت اعلم بحالي وغني عن سؤالي ، اللهم فرج عني كربي " أضاف كلمات أخري إلي دعائه بكلمات تلقائية بدون ترتيب ولا تجهيز ، يناجي ربه وهو واثق من فرج الله ولكن من أين يأتي الفرج؟!!!
هو لا يهتم بأي شئ سوي بالتناجي مع مولاه ، يشعر براحة كبيرة ورضا تام ، تقذف الطمأنينة بقلبه ولكن الهم والحزن مازال يملؤ قلبه ، يعاود الدعاء ، يشتكي إلي الله همه في صوت خافت ، يحكي لربه ما ألم به من ظروف قاسية وكله يقين أن الله يعلم شكواه وحاله فكلماته مع ربه تريحه وتشعره بالأمان .
فجأة وهو يسير علي جانب الطريق يستيقظ علي صوت صافرة أتوبيس نقل عام يأتي مسرعاً ويكاد يصدمه ولكنه يبتعد بسرعة في خوف لحظي مع فجائية الموقف ويحاول الإبتعاد قدر ما يستطيع عن هذا الأتوبيس فقد يلحق به من أذي الطين وشوائب عجلاته مايفسد عليه نظافة ملابسه ، ويعبر الأتوبيس مسرعاً وكأنما كان كابوساً مزعجاً قطع عليه مناجاته مع ربه وأفاقته من حلاوة التواصل مع خالقه ، ولكن الحذر لا يمنع من وقوع الخطر فقد أزفت الآزفة ولحق بملابسة بالفعل قطعة طين طارت من عجلات الأتوبيس وارتمت علي قميصه فازداد حنقه وغضبه فالأمر لا يحتمل المزيد من الآلام ، يحاول أن ينظف ملابسه من قطعة الطين الكبيرة التي لطخت قميصه وهو يلتفت للنظر إلي الأتوبيس ويتمتم بكلمات مليئة بالإحباط من زيادة الهموم هماً جديداً ولكن فجأة يأتي الفرج من حيث لا يحتسب ، يرسل اصابعة لقطعة الطين ليبعدها ليجد مختلطاً بها ورقة مالية فئة العشرين جنيهاً ، يتناولها بسرعة في استغراب غير مستوعب أن تكون القاذورات مصدراً للنقود ، يمسك بالعشرين جنيهاً ويلتفت ينظر بسرعة إلي الأتوبيس وقد ابتعد ، يهم بالإشارة والنداء علي السائق ولكنه كان قد ابتعد يقف متحيراً ماذا يفعل ولكن فجأة وكأنما جاءه هاتف يقول له هذا إجابة الله لدعوتك وقد رزقك بهذه النقود من حيث لا تحتسب في نفس اللحظة تنهمر الدموع متلاحقة من عينيه بسرعة وقد علم مدي رحمة الله تعالي بعبادة ، لم يجد علي لسانه إلا ترديد كلمة الحمد لله ، أخذ يرددها مرات عديدة لا يعرف عددها ، ثم قذف الله في قلبة الآية الكريمة (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) ، حقاً إن أخلصت الدعاء تيقنت من الإجابة فلا أخلص ولا أنقي من دعوة ملهوف إذا دعى ربه .