الجمعة، 3 مايو 2013

روعة عثمان أحمد عثمان في حب العمال


يكتبها وفقي فكري
عثمان أحمد عثمان صرح من صروح البناء والمقاولات والهندسة بمصر وبالوطن العرب كافة ، هذا الرجل الذي يعرف سيرته الجميع وتتعدي شهرته أفاق العالم بأسره ، عثمان أحمد عثمان الرجل الوحيد الذي نال شرف رئاسة مصر دون أن يتقلد منصب رئاسة الجمهورية ، تلك الرئاسة لم تكن رئاسة منصب ولكنها رئاسة حفاوة وتقدير وكرم استقبال من كافة ملوك وأمراء ورؤساء العرب ، فلم يحل ببلد عربي إلا نزل ضيفاً علي أميرها أو رئيسها ، لما له من حب ومكانة وكيان داخل قلوب كل هؤلاء .
لعل الذي جعلني أكتب عن عثمان شيئان ؛ أولهما حين نشرت صورته في ذكري مولده ففوجئت بسيل من التعليقات والإعجابات والمشاركات ، تتعدي المئات في لحظات ، مما يدل علي مكانة هذا الرجل في فلوب العاملين بشركة المقاولون العرب ، سواء من حضر عصره أو من سمع عن سيرته ، وثانيهما بعد أن قرأت كتابه " صفحات من تجربتي " لأصعق بهمة هذا الرجل وإصراره علي بلوغ هدفه رغم كل الصعاب والمعوقات ، فرأيت من الإنصاف أن أكتب عنه بعض الكلمات والتي لا يمكن أن توفي قدر هذا الرجل العظيم .
عثمان أحمد عثمان لا يحتاج إلي تقديم فهو علم خفاق في عالم المقاولات والبناء والتشييد في مصر والعالم العربي أجمع ، فيكفيه فخراً أنه أسس شركة المقاولون العرب لتصبح الشركة الأولي بالعالم العربي ، بل ومن كبريات الشركات العالمية ، لما لها من إمكانيات وتاريخ سباق من الإنشاءات والإنجازات في كل مكان ، فهي شركة المهام الصعبة والمستحيلة ، فلا شئ يستحيل علي رجالها من ذوي الخبرة والكفاءة .
والحديث عن المعلم عثمان أحمد عثمان يحتاج إلي صاحب مهارة ليغطي حياته ومسيرته الحافلة بالإنجازات والتغلب علي الصعاب ، ولكن لن أجد افضل مما كتبه هو عن نفسه من خلال كتابه " صفحات من تجربتي " لنتجول بين أوراقه نستقي منها العبر ويلهمنا القدوة والطريق إلي النجاح .
هذا الرجل الذي عاش حياه بسيطة بمدينة الإسماعيلية ، يتيماً وهو في سن الثالثة من عمرة فتولت أمه تربيته هو وأخوته الخمسة ، تلك الأم التي زرعت في قلبه الإصرار علي البلوغ إلي الأمل فجعلته صلباً لا يهاب الريح ، لقد قابل عثمان الكثير من التحديات حاله حال كل المصريين ، فقد ذاق الفقر واليتم ولكن ذلك لم يكن إلا دافعاً للأمام ، هذا الشاب الذي حدد هدفه فرغم حصوله علي مجموع درجات كبيرة وكان أمل أمه أن يكون طبيباً ، إلا أنه كان يحلم منذ صغره بأن يكون مقاولاً مثل خاله ، فدخل كلية الهندسة بالقاهرة وتحمل صعاب الفقر والغربة والفروق المادية بينه وبين أقرانه بالجامعة وتخرج من الهندسة ليبدأ فوراً في تحقيق حلمه ، فأسس شركته برأس مال 180 جنية فقط ، ولم يتكبر علي العمل بنفسه فعمل يد بيد مع الصنايعية والعمال فلقب بينهم بالمعلم ، ففرح بها وفضل هذا اللقب عن لقب مهندس .
ولكن لماذا كل هذا الحب الذي يكنه العاملين بشركة المقاولون العرب لهذا الرجل ؟!!
أعتقد أنني وجدت الإجابة حين قرأت كتابه وهو يروي قصة كفاحة ، فلخصت الإجابة علي هذا السؤال بكلمة واحدة ، إنه "الحب" ، الحب الذي أسس به عثمان شركته ، فوجد أفضل طريقة للمكسب هو أن تكسب قلوب العاملين ، وخير رباط يربطهم هو رباط العلاقات الحسنة والطبية بينه وبين الجميع ، وأقتبس من كلماته ماقاله في معرض حديثه عن الشركة " وتمكنت من بناء المقاولون العرب ، ليس بالمال ، ولكن بالعلاقات الإنسانية الطيبة التي جعلت قلوب الناس كلها معي ، فحولتها من مجرد فكرة إلي كل هذا الكيان العملاق الذي تجسد بهذا الحب " ، لقد كان عمله الطيب هو الذي يدافع عنه فاتخذ الأية القرآنية الكريمة "إن الله يدافع عن الذين أمنوا " نبراساً له يضئ حياته .
لقد كان هذا الرجل قوي بفضل قوة فكرته ، فقال عن إصراره في تحقيق حلمه " ليس هناك أقوي من رجل عاش من أجل فكره " ، لقد عاش عثمان أحمد عثمان من أجل فكرة إنشاء صرح عملاق يطاول عنان السماء ، فكانت شركة المقاولون العرب .
ولكن لماذا أحبه العمال البسطاء بالشركة علي مر السنين ؟ ، إن الحب يأتي من التواضع ، وقد كان عثمان شديد التواضع مع عماله ، ويتواصل معهم في كل المناسبات ويسأل عنهم ويودهم ، ويذيب أي فروق بينه وبين العاملين ، كما أن الحب يأتي حين يجد العمال من ينشئ لهم مرفق ليؤدي خدمة أو يقف بجانبهم أثناء العسرات ، فأنشئ عثمان الجمعيات الإستهلاكية والخدمات الطبية وأمن علي حياتهم ببوالص تأمين ، ووقف بجوار من وقع بمصيبة كرجل شهم وليس كمدير فأحبه الناس بصدق ولم يهابوا منصبه لأنهم لم يشعروا به يوماً ، فقالها ونفذها ، لقد قال " يجب أن يشعر كل من معك مهما كثر عددهم ومهما كان الفارق بينك وبينهم أنك جزء منهم ، فلا تتعالي عليهم ولا تترك أدني أثر في نفوسهم إلا ويدل علي أنك واحد منهم ، إذا فعلت ذلك فستجد دون أن تشعر أنهم رفعوك وكبرت بهم لأنك معهم ومن بينهم " .
ياليت قيادات الشركة الأن يدرسوا وبحق حياة عثمان أحمد عثمان ليعودوا بالشركة إلي أصلها وإلي سابق عهدها ، فكما قال المعلم " إن قيادة فرض السيطرة والقوة والأمر والنهي تؤتي نتائج عسكية تماماً ، ولا تفلح مع العامل المصري ، كما جربته ووجدته أكثر ميلاً إلي اسلوب ابن البلد " ، لقد عرف عثمان سر العامل المصري وكان حريصاً علي ان ينمي بداخل كل عامل الثقة بنفسة وعلي حب شركته فكبرت الشركة وحطمت صلد صخر السد العالي وتفجرت مع قدراته ينابيع الماء ، وشرايين الحياه .
دعوة لكل صاحب هدف وعقيدة أن يقرأ كتاب " صفحات من تجربتي " للمعلم عثمان أحمد عثمان ، فستجدون به الكثير من النماذج والتجارب التي حتماً سيستفيد بها كل من يقرأ هذا الكتاب ، وحقاً فإني كشاب لم ألحق بعصر عثمان أحمد عثمان أصبحت أفتخر وبصدق بهذا الرجل الذي بهرني بإرادته وإصراره ، ودهشت من طريقة معاملته للعامل حتي ظلت لليوم يتحاكي بها كل من عاش يوماً بعصره ، وأصبحت وبحق أفتخر أيضاً أني أعمل في هذا الصرح العملاق الذي أشعر بقوته وقيمته في ظل مؤسسه ، عثمان أحمد عثمان ، لقد استحق عثمان أحمد عثمان أن يتربع أميراً علي قلوب عاملي المقاولون العرب لما اكتنزه من رصيد من حسن المعاملة في حياته بقي أثره حتي اليوم ، وسيظل إلي الأبد إن شاء الله ، فيكفيه أنه كان سبباً في فتح باب رزق لأكثر من 80 ألف أسرة ، تدعوا له كل يوم بالرحمة والمغفرة ، رجل عرف كيف يستثمر في دنياه لأخرته ، فكسب الدنيا والأخرة ، فله منا كل التحية والتقدير ، وندعوا له الله جميعاً بلسان 80 ألف عامل بفسيح الجنان والدرجات العلا في جنات النعيم ، إنه نعم المولي ونعم المستجيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق