الجمعة، 17 يونيو 2011

شتاء الصيف

تنهطل الأمطار فجأه من السماء علي الأرض قد يكون بغزارة وقد يكون بهدوء ورويه وتنقطع الأمطار أيضاً فجأه وتجافي الأرض ولا ترويها ولا تشبع ظمأها ، ولكن كيف تمطر في الصيف علي صفحات الوادي وعلي النهر الجاري لماذا إذاً نحتاج إلي أمطار الصيف علي جانبي الوادي الممتلئ بالماء العذب،حين نري سقوط المطر في الصيف علي صفحة جداول الماء التي تنطلق جرياً بالوادي نري غرابة كبيره فالشمس مشرقه والهواء ساخن وماء السماء يلتقي بماء الأرض فيزعجة ولكنه أيضاً يتراقص معه في إنسجام كبير، تقع القطرات علي سيول الماء بالنهر فتزيده رونقاً علي جماله وتجعل سطح الماء يتلاعب في إنسيابيه ويحتضنه بتراقص وتناغم رائع تنظر إلي الأفق فتري الشمس وهي مشرقه تملأ وجنات الأرض ولكن هناك سحابه عابره تحجب قرص الشمس عن الأرض في رقعه بسيطة ولكنها تجعل المنظر يبدوا في غاية الإبهار فبخار الماء المتطاير من قطرات المطر بسبب درجات الحراره المرتفعه يجعل أشعة الشمس تبدوا وكأنها خيوك من نسيج ينسدل من السماء إلي الأرض ، قد تبدوا أشعة الشمس وكأنها مخنوقه عن الظهور ولكنها تتلاعب بقطرات المطر وتحولها إلي بلورات من اللؤلؤ الباهر الذي يعكس ضوء الشمس ويسطع في الفضاء ...
 السماء تمطر لؤلؤاً وزمرداً وياقوتاً،كل ألوان الأحجار الكريمه تنهطل من السماء إلي الأرض في الصيف ، ورغم أن الموقف غريب وأن المطر في الصيف نادر ولكنه زاد الأرض رونقاً وجمالاً ونسج خيوطاً من نسيج الأحلام واللاواقعيه للمتأمل في أحوال الدنيا وجعل الدفء يعم الفضاء ونشر الأمطار في السماء بتداخل منسجم وتآلف رائع.
في الصيف تسير سحابة المطر من مكان إلي أخر تجوب السماء لتسقي في طريقها كل ما تقابله وتترك علامه علي وجنات الأرض لتقول أني مررت من هنا في صيف حار وجاف وسقيت هذا المكان للحظات وربما أعود يوماً إلي نفس المكان وربما لا أعود ولكن في النهايه مررت علي الوادي وتراقصت مع سيوله وفيضانه وتلاعبت بصفحته، قد لا يتذكرني لأني لا أترك علامه علي نهر أو بحر ولكن جوانب الوادي ملئت بالطين والماء المختلط وقد ينبسق من تحتها في لحظات برعوم زهر أو نبات يكبر ويشتد عوده ليصبح دليلاً وعلامه علي مروري من هنا....
سحابة الصيف تسير وتجوب السماء وتمر علي تلال الأرض ووداينه وقد تصبح ذا فائده في أحيان كثيره وقد تنعدم جدواها في أحيان أخري فكما تعبر علي أرض خصبه وتلال خضراء تزدهر بمجرد العبور عليها فإنها أيضاً تمر علي مساحات هائله من الصحاري والقفار التي لاتلقي بالاً لمرورها ولا تجد علي سطحها إلا الأصفرار والجدب..
لايهم الصحاري إن تمطر السماء في الصيف أو في الشتاء فالنتائج واحده ،سيضيع المطر هباءاً منبثاً ولن تستفيد الأرض ولو بقطره واحده ولن تترك علامه علي مرورها ولن يشاهد سقوط هذه الأمطار ويوصفها أحد من البشر لأنها صحراء لايسكنها إلا الحيوان الضاري والوحشي الذي لا تراه يتأمل إلا في فريسته ولا يفكر إلا بقانون الغاب ، يرتب كيف يقع بالفريسه في شباك مخالبه ليمزق جسدها وينهش لحمها كما ينهش الجوع معدته.
قد تمر سحابة الصيف بهدوء أو بغير هدوء علي وجه الصحاري فلا تهتم إن أمطرت أو أجدبت فالشيئين لهما نفس النتيجه ستذهب الماء سدي بين حبات الرمال التي لا ترغب ولا تعرف كيف تحافظ علي الخير الذي نزل إليها من السماء.
سحابة الصيف قد تسقي وديان لا تحتاج إلي ماء ولكنها تترك علامه علي جنبات الوادي تقول أنني مررت من هنا وتمر علي صحاري تحتاج إلي الماء ولكنها لا تعرف كيف تحتفظ بالمطر لينفعها فيضيع هباءاً في جوف الأرض..
إنها الدنيا تعطي من لايحتاج فلايعبأ أن يستفيد لكثرة ماعنده وتعطي من يحتاج فيترك هذا العطاء يضيع دون أن يستفيد لأنه لايعرف كيف يستفيد