السبت، 14 يناير 2012

عندما تسقط الدموع


غريبه هي الأحاسيس الإنسانيه فسبحان من خلقها وجعلها هكذا متشابكه ومتداخله وجعلها تستدعي بمؤثرات وضوابط لايمكن أن يتحكم فيها الإنسان ولا يتسطيع أن يمنعها إن قضت الحاجه لوجودها ، فتلك الأحاسيس والمشاعر لا يستطيع الإنسان أن يملي عليها حكمه أو يمنعها من الظهور أو الإختفاء فالقادر علي عملها هو الله وحده لأنه خلقها ويعلم متي يجب أن تخرج ومتي يجب ألا تخرج ، ولذلك فإننا إن شاهدنا شخصاً يحاول أن يسيطر عليها ويضبط عملها علي هواه فإن ذلك يذهب به إلي الإضطراب النفسي ويضعه في مشاكل مجتمعيه كبيره لأنه يحاول أن يخل بنظام عمل تلك المشاعر ويكبت جماح عملها وفي الغالب نسمي هذه الشخصيه مختل عاطفي أو غير متزن عاطفياً لأنه لعب في ميزان شعور هذه الأحاسيس ولهذا سميت بالمشاعر لأنها هي التي يمكنها أن تشعر وتحس بما يستدعي عملها وإنطلاقها إلي خارج الجسد لتعبر عن طريق مجموعه من الإماءات والتعبيرات التي قد ترسم علي الوجه أو يقوم بها الجسد والأطراف لتفرغ طاقة إحساسها بعاطفه معينه أو تأثرها بإحساس معين .
ومن أشهر علامات التعبير عن العاطفه والشعور بالمؤثرات التي تؤثر في مراكز المشاعر لدي الإنسان هي الدموع ، والدموع هي أداه يعبر بها الإنسان عن عاطفه معينه سواء بالسلب أو الإيجاب ، فنحن إن فرحنا بكينا من شدة الفرح وإن حزنا بكينا من شدة الألم ولكن الفارق كبير بين الدمعتين فالأولي تعبر عن سعاده بالغه تنهمر معها الدموع لتباركها وتؤكد علي السعاده التي تغمر النفس جراء تأثره بخبر ما أو موقف معين ، ولأن السعاده لها درجات ومراتب من حيث شدتها داخل النفوس لذلك فإن السعاده التي تلازمها دموع هي قمة درجات السعاده وأعلي مستويات الشعور بها ، ولكن لماذا السعاده التي يلازمها دموع هي من أعلي الدرجات لدي النفس البشريه ؟ إن ذلك يرجع إلي أن هذه الحاله يرتبط بها عواطف وأحاسيس أخري تمتزج مع عاطفة السعاده ألا وهي عواطف الوفاء والإمتنان والصدق والشفافيه والوضوح والولاء والوفاء وغيرها من المشاعر الجيده ولذلك فلن نجد دموعاً تنهمر من شدة السعاده إلا وصاحبتها تلك القيم ولهذا فهي أقصي طرق التعبير عن السعاده.
أما النوع الثاني وهو الدموع التي تصاحب الحزن فمن يتأملها يجدها رغم قسوتها خلقها الله لتعبر عن الراحه وتفرج عن الإنسان همه وحزنه وتشتت سحب غمه ويأسه وبذلك فإن هذه الدموع رغم قسوتها إلا أنها ضروريه لمن أراد أن يستمر في مشوار الحياه لأنها سبيل لتفريج الهم والكروبات ومن كتم دموعه ساءت حالته وإنتقلت من سئ إلي أسوء لأن مظهر التعبير عن الحزن بالدموع ليس هو أسوء الدرجات للتعبير عن الحزن فهناك المراحل الأسوء التي معها قد يكبت الإنسان مشاعره ويحبسها داخل نفسه دون أن ينزل دمعه واحده مما قد يؤدي به في النهايه إلي الإنفجار وترسل به إلي الموت المحقق .
لذلك فنصيحتنا إن اصابك مكروه أو أمر محزن فرجاء أن تبكي ومن الأحسن أن تبكي كثيراً حتي تخفف عن نفسك كثيراً لأن الدموع في هذه الحاله تفرغ طاقات الحزن لديك وتنظفك من الهموم والألام وتغسل قلبك بشعور الرضا وتنقل روحك إلي طور الإستقرار ثم النسيان الذي وهبه الله لنا لنرمي فيه كل تلك المشاعر والأحداث المؤذيه ولولاه ماإستطعنا أن نكمل الحياه.
صديقي.....صديقتي نصيحه لا تمنع نفسك من البكاء إن شعرت بذلك فأتركها تبكي سواء في فرح أو حزن فكله جيد لك ولنفسك ولا تحاول أن تمنع تلك التعبيرات من الظهور ولا تضغط عليها لتكبتها لأن ذلك ليس بالشئ الجيد لك ولحياتك لأن الله خلق لنا الأحاسيس والمشاعر وخلق معها وسائل التنفيس والتخفيف عن النفس بها حال تأثرنا بها ومن أهمها الدموع فلا تمنع دمعه أن تسيل علي خدك لترسل رساله بشعور معين إلي كل من يراها فإن الدمعات كثيراً ماتكون أقوي بكثير في التعبير من الكلمات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كتبها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وفقي فكري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 7 يناير 2012

الشهامه والنفس البشريه



الشهامه في العلاقات الإنسانيه ميزه لا يمتلكها كل الناس ولكنها تتواجد في نمط من الناس لن نجدهم إلا بصعوبه ، فالقيم النبيله نادراً ما نشعر بها في شخص نقترب منه أو نبحث بداخله عنها وربما أن الحياه المعاصره قضت علي كثير من هذه القيم ثمينة المعني حيث أنها إنقرضت كما إنقرضت معظم نسمات الماضي الجميل وأصبح طبيعياً أن نجد من يحمل من الصفات السيئه الكثير فقد حل محل مصطلح الشهامه مصطلحات أخري جمه تعطي صفات سيئه تعكس تدهور الأخلاص لدي الجنس البشري في العصر الحالي فساد مصطلح وأنا مالي وملناش دعوه خلينا في حالنا ، كبر دماغك مفيش حد فاضي لحد ، وغيرها من الألفاظ التي تعبر عن إنطوائية كل فرد علي نفسه وتقوقعه علي حاله وإنفصاله عن الأخرين .
ورغم أننا نحن البشر بطبيعتنا مخلوق إجتماعي ويميل إلي التألف والتقارب إلا أن المجتمع البشري يسير حالياً عكس إتجاه طبيعته وطالما أن المخلوق يسير عكس ما جلب عليه فإن هذه بالتالي سيؤدي إلي حدوث خلل في تركيبته التي إعتادت أن تمارس الحياه الإجتماعيه داخل مجتمعات متجاوبه ومتعاونه نحو هدف واحد وهو الحياه .
قديماً كنا أو بالأصح كان يحكي لنا أسلافنا أن الشهامه كانت عنصر طبيعي داخل المجتمعات وخصوصاً المجتمع العربي الإسلامي لما كان يمليه عليهم تعاليم الدين الإسلامي وكان يفرض عليهم من حب التأخي والتألف والحض علي التعاون فيما بينهم ، ولقد عشت في صغري تجارب في قريتي التي كنت أعيش بين أهلها وكان من أفضل ميزاتها هو التعاون والشهامه والوقوف مع الأخر في وقت الشده حتي أنني عشت يوماً إشتعال النار في بيت ريفي بسيط وما هي إلا لحظات وأجتمعت الاف الرجال والنساء وحتي الأطفال ليطفئو النار بل وحتي من كان علي خلاف مع صاحب المصيبه نسي في هذه اللحظه كل الخلافات ودخل إلي داخل المنزل المحترق لينقذ مايمكن إنقاذه ، وبالطبع نجم عن الحادث بعض الحروق التي لحقت بالشباب الشهم الذين ألقوا بأنفسهم داخل كتلة النار لحرصهم الشديد علي إطفاء النار وأنقاذ المنزل من الحريق .
هل منا الأن من يري مثل هذه المواقف في عصرنا الحالي من المواقف التي تظهر مدي الشهامه التي تسري في عروق الرجال ، ورغم أنه كان من المفترض أن تكون الشهامه مرادفاً لكلمة الرجوله لتصبح كالدم الذي يسري في العروق إلا أننا نجد الأن رجالاً يحملون لقب الرجوله ولا يحملون معني الرجوله لأنهم أصبحوا هياكل تسير مجرده من أفضل الصفات الساميه ألا وهي الشهامه.

لقد تحولت المجتمعات الإنسانيه إلا اللإنسانيه وأصبحت مسوخ لرجال تخطو علي الأرض دون أن ينبض في عروقهم النخوه والرجوله والعرفان بالجميل ، ولعل السبب في ذلك هو بعد هذه المجتمعات عن الدين واصوله ونفورهم من تطبيق شريعته وبالتالي فالبعد عن العادات والتقاليد التي نتوارثها من اباءنا وأجدادنا أصبح أمر حتمي لأن العرف هو جزء من الدين ويكمله ويدخل في حكم الشرع من الثوابت التي تحكم مع الدين .
إن النفور الذي تقابل به النفوس البشريه الصفات الطيبه وتتمرد عليها سيؤدي في النهايه إلي الإستمرار في السقوط في بئر الهاويه وسيؤدي توهان تلك النفوس في ضبابات ودوامات العقد الإنسانيه التي سيخسر بها العالم البشري ذاته لأن الفضائل والصفات الطيبه التي تربينا عليها هي عنوان الإنسان ومصيره ومصباح ينير له درب الحياه .
دعوه لكل من يربي طفلاً أن يزرع فيه حب الصفات النبيله وأن يغرس فيه جذورها لأنها ستحميه من تقلبات المستقبل وستثبته علي طريقه ، عودوا إلي ما تربينا عليه وأجعلوا الشهامه من أول الصفات التي ندعوا إلي عودتها حتي نقف بجوار بعضنا البعض لنستقوي ببعضنا علي ذلاتنا وحتي نعبر بحاضرنا إلي مستقبل مجتمع صحي يسوده ويحكمه قانون العرف .
من أراد ان يكون رجلاً فليتمسك بداخله علي صفات الرجوله ومن يريد أن يعتز بنفسه فليعتز بمن بجانبه حتي يعتز به الجميع .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كتبها ـــــــــــــــــــــــــــــــــ وفقي فكري ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ