قد يكون جلوسها علي مقعد محطة الأتوبيس هو علامة علي رحيلها يوماً ، أو ربما جاءت
الحافلة التي أرادت أن تستقلها ، قد لا يكون اختفاء ربما يكون إنسحاب أو ملل من
حديثي ، فأنا بالفعل كثير الكلام ، ولكن ليس ذنبي ، لقد وجدت طفلة تجلس علي مقعد
لمحطة الحافلات ، تنتظرها وتنكمش في رعب وكأنها خائفة من شئ ما ، لا أدري ماهو ذلك
الشئ الذي يرعبها ، اقتربت منها ودفعتني تعبيراتها المتناقضة أن أسألها ، ماذا
تنتظرين ياصغيرتي ، فأجابتني أنتظر الحافلة ولكني خائفة ، وجدت وجهها له إشراقة
الأطفال وبشارة المستقبل المضئ ، فضولي دفعني أن استوضح منها مما تخاف ، فلا داعي
للخوف المكان أمن وملئ بالناس ، وضوء النهار يسطع في كل مكان ، فمما
الخوف ، فجاوبتني بدهشة ، لا أعرف ، ولكني أشعر دائماً بالخوف ، ولا تسألني
لماذا ، فهذا طبعي أن أخاف من كل شئ وأي شئ.
عجباً لها وعجباً لشعورها ، ولكنها مميزة ، وكما أن شعورها غريب ، فشعوري أنا أيضاً غريب اتجاهها ، وهذا شدني إلي أن أتحدث معها ، ربما لأبعد عنها هذا الخوف ، أو قد يكون لأني اعجبت بملامح وجهها وشعورها الغريب .
يبدو أن هذه الصغيرة غريبة الأطوار ، وتلك ميزة أخري ولا يفهمها الكثير ، وأنا أيضاً قد أكون مثلها ، وتلاقت أرواحنا في هذه النقطة ، فأنا لم أقصد حين قابلتها أن تشعر معي بالملل في النهاية ، حتي وإن طالت أوقصرت مدة مكوثي معها ، فقد بقيت لأيام أمر بهذا المكان وتلك المحطة ، فأجدها تجلس نفس الجلسة وتنتظر ، فأجلس بجوارها لأتحدث معها ، وشعرت بالصغيرة تستمتع بحديثي ، أو أنني بهذه الطريقه أبعد عنها شعور الخوف ، ولعلني فسرت حرصها أن تكون متواجدة كل يوم بذات المكان ، أنها تعلقت بالحديث معي ، أو أنها وجدت الأمان وتشعر به في لحظات جلوسي بجانبها ، شعرت في حواراتي معها والتي امتدت بإستمتاع بالغ لأوقات لم أحسبها ، أنني أتكلم مع بالغه وليست طفلة ، شعرت أني أنا الطفل وتحول عقلي إلي سلوك الصبى ، فعلي الرغم من التفاوت الكبير بيننا في العمر والخبرات وكل شئ ، لم أشعر للحظة أننا كذلك فهي لديها عقل ناضج وملئ بالحكمة .
يوماً مثل كل الأيام الذي عشقت فيه أن أمر بهذا المكان ، فأجد إشراقة وجهها وقد تحول من الخوف إلي الإطمئنان بمجرد أن تراني ، كل يوم أردت أن أسألها عن اسمها ولكني كالعادة أنسى من فرط إعجابي بها ، لكن فجأه تداركت الموقف في هذا اليوم فبادرتها بالسؤال "لقد نسيت أن أسألك عن إسمك" ، تأخرت قليلاً عن الجواب ثم قالت "لا تسألني عن إسمي ، فيوم أن تعرفه لن تجدني " استغربت كثيراً لذلك وملئت الدهشه ملامح وجهي ، ولكني تداركت واعتبرت إجابتها نوع جديد من الغموض الذي يجب أن اضمه إلي قائمة غموضها ، ولا داعي لأن أجبرها علي ذلك ، وبالفعل راودني إحساس بالخطر ، وخشيت إن قالت لي عن اسمها أن تختفي ، وأنا من بلغ بي التعلق مبلغه حتى أنني لم أعد أتصور أن يأتي يوم ولا أجدها.
تمر الأيام وتتوالي إشراقات الشمس ، ويأتي ضوء النهار وينجلي الليل ، ويزاد تعلقي بتلك المحطة وبكل كرسي خرساني بها ، وبمن تجلس عليه كل يوم تنتظرني ، تناقشنا في كل شئ ، وتعلمت منها كل شئ ، وضافت لي الكثير وكانت تمر بنا الساعات ، وكأنها لحظات ، ولكنها كبرت وترعرعت وأصبحت بالغه ناضجه في عيوني وكأننا قضينا سنوات على المحطة ، تمر أمامنا العشرات من الحافلات كل يوم ولم تستقل يوماً واحداً منها ، لم أفكر أن أسألها يوماً لماذا لا تستقل إحداها ، قد أكون لا أشعر بمرورهم أمامي ، أو أن عقلي يرفض أن تذهب وأصبحت على يقين أني سأجدها في اليوم التالي .
عجباً لها وعجباً لشعورها ، ولكنها مميزة ، وكما أن شعورها غريب ، فشعوري أنا أيضاً غريب اتجاهها ، وهذا شدني إلي أن أتحدث معها ، ربما لأبعد عنها هذا الخوف ، أو قد يكون لأني اعجبت بملامح وجهها وشعورها الغريب .
يبدو أن هذه الصغيرة غريبة الأطوار ، وتلك ميزة أخري ولا يفهمها الكثير ، وأنا أيضاً قد أكون مثلها ، وتلاقت أرواحنا في هذه النقطة ، فأنا لم أقصد حين قابلتها أن تشعر معي بالملل في النهاية ، حتي وإن طالت أوقصرت مدة مكوثي معها ، فقد بقيت لأيام أمر بهذا المكان وتلك المحطة ، فأجدها تجلس نفس الجلسة وتنتظر ، فأجلس بجوارها لأتحدث معها ، وشعرت بالصغيرة تستمتع بحديثي ، أو أنني بهذه الطريقه أبعد عنها شعور الخوف ، ولعلني فسرت حرصها أن تكون متواجدة كل يوم بذات المكان ، أنها تعلقت بالحديث معي ، أو أنها وجدت الأمان وتشعر به في لحظات جلوسي بجانبها ، شعرت في حواراتي معها والتي امتدت بإستمتاع بالغ لأوقات لم أحسبها ، أنني أتكلم مع بالغه وليست طفلة ، شعرت أني أنا الطفل وتحول عقلي إلي سلوك الصبى ، فعلي الرغم من التفاوت الكبير بيننا في العمر والخبرات وكل شئ ، لم أشعر للحظة أننا كذلك فهي لديها عقل ناضج وملئ بالحكمة .
يوماً مثل كل الأيام الذي عشقت فيه أن أمر بهذا المكان ، فأجد إشراقة وجهها وقد تحول من الخوف إلي الإطمئنان بمجرد أن تراني ، كل يوم أردت أن أسألها عن اسمها ولكني كالعادة أنسى من فرط إعجابي بها ، لكن فجأه تداركت الموقف في هذا اليوم فبادرتها بالسؤال "لقد نسيت أن أسألك عن إسمك" ، تأخرت قليلاً عن الجواب ثم قالت "لا تسألني عن إسمي ، فيوم أن تعرفه لن تجدني " استغربت كثيراً لذلك وملئت الدهشه ملامح وجهي ، ولكني تداركت واعتبرت إجابتها نوع جديد من الغموض الذي يجب أن اضمه إلي قائمة غموضها ، ولا داعي لأن أجبرها علي ذلك ، وبالفعل راودني إحساس بالخطر ، وخشيت إن قالت لي عن اسمها أن تختفي ، وأنا من بلغ بي التعلق مبلغه حتى أنني لم أعد أتصور أن يأتي يوم ولا أجدها.
تمر الأيام وتتوالي إشراقات الشمس ، ويأتي ضوء النهار وينجلي الليل ، ويزاد تعلقي بتلك المحطة وبكل كرسي خرساني بها ، وبمن تجلس عليه كل يوم تنتظرني ، تناقشنا في كل شئ ، وتعلمت منها كل شئ ، وضافت لي الكثير وكانت تمر بنا الساعات ، وكأنها لحظات ، ولكنها كبرت وترعرعت وأصبحت بالغه ناضجه في عيوني وكأننا قضينا سنوات على المحطة ، تمر أمامنا العشرات من الحافلات كل يوم ولم تستقل يوماً واحداً منها ، لم أفكر أن أسألها يوماً لماذا لا تستقل إحداها ، قد أكون لا أشعر بمرورهم أمامي ، أو أن عقلي يرفض أن تذهب وأصبحت على يقين أني سأجدها في اليوم التالي .
مرت حافلة بجوارنا ، مثل كل الحافلات التي
كانت تمر كل لحظة ، ولكنها فجأة توقفت عن حديثها معي علي غير العادة ، ونظرت للحافلة
بتأمل ثم تحولت إلى وجهي بنظرة فاحصة ثم قالت " أنا إسمي فرحه" فتمددت
حدقة عيني لتتلقى ضوء الإبهار المفاجئ الذي فاجأتني به ، فرحت كثيراً ، واعتقدت أن
الثقه وصلت بيننا إلي حد أن تأتمني علي إسمها ، كل المشاعر الجميله إجتمعت داخلي حين
عرفت أخيراً اسمها .
رجعت إلي بيتي وليلاً تذكرت قولها "لا تسألني عن إسمي ، فيوم أن تعرفه لن تجدني" ولكني لم أسألها ، هي من قالت لي بمحض إرادتها ، لايمكن أن ترحل ، أنا لم أسئ لها بشئ فلماذا ترحل .
رجعت إلي بيتي وليلاً تذكرت قولها "لا تسألني عن إسمي ، فيوم أن تعرفه لن تجدني" ولكني لم أسألها ، هي من قالت لي بمحض إرادتها ، لايمكن أن ترحل ، أنا لم أسئ لها بشئ فلماذا ترحل .
شعوري كان يحدثني طيلة الليل علي أنني لن
أجدها غداً ، ظللت أعد الساعات حتي جاء الميعاد اليومي ، انطلقت بسرعة إلي المحطة
متلهفاً فلم أجدها ، كذبت إحساسي رغم الرعب وقبضة الروح التي سيطرت على أحشائي ، حدثت
نفسي ربما تأخرت لسبب ما وستأتي .
جلست أنتظر علي الكرسي الخرساني بمحطة
الحافلات ، ولم تأتي ويبدو أنها لن تأتي ، فتذكرت أنها قالت لي إسمها ، الآن فهمت
معني نظرتها الفاحصة لي لحظة وصول الحافلة ، لقد حان ميعاد الرحيل ولكنها لم تشأ
أن تقول لي ، فضلت الرحيل في صمت .
لقد وهمت يوماً ، أن أداوم علي حوار دائم
بمحطة حافلات هي نفسها دائمة التغير ،
أصررت ألا أفقد الأمل ومررت اليوم التالي علي المحطة لعلها تأتي ، ولم أجدها ، ولم
أجد المحطة ، لقد أزالوها على مايبدو ولم يبقي لها أثر ، هل هذا معقول لا أثر ،
كيف يحدث ذلك .
أين محطة الحافلات ، أين المقاعد الخرسانيه
التي كانت هنا ، لا أثر لأي شئ.
سألت أحد المارين بالمكان ، أستفسرته عن المحطه ، نظر إلي في استغراب وكأنه ينظر إلي مجنون قد ذهب عقله وقال"لايوجد محطه للحافلات هنا " ، ولكنني متأكد أن المحطة كانت موجودة وحتى أمس .
سألت أحد المارين بالمكان ، أستفسرته عن المحطه ، نظر إلي في استغراب وكأنه ينظر إلي مجنون قد ذهب عقله وقال"لايوجد محطه للحافلات هنا " ، ولكنني متأكد أن المحطة كانت موجودة وحتى أمس .
سألت أخر وسألت أخرون ، سألت الجميع ، فأكدوا
لي أنه لا وجود لمحطة للحافلات هنا ولم تكن يوماً موجودة .
قد أكون مجنوناً ، قد يكون حلماً ، قد يكون
وقد يكون ، ولكن الذي أعلمه جيداً أني جلست يوماً علي محطة الحافلات والتقيت
الفرحة التي يوم أن عرفتها كانت النهاية قبل البداية.