الاثنين، 27 أبريل 2015

أنا مريض نفسي



دلوقتي حانت لحظة الإعتراف بالسر اللي كنت بحاول اخبيه طول الفترة اللي فاتت...
ياجماعة أنا دلوقتي أملك الشجاعة اني أقول اني مريض نفسي.
ايوه مريض نفسي،هو ده السر اللي كنت بحاول أخبيه بقالي يجي سنين،بس خلاص معدتش قادر أخبي أكتر من كده،بجد تعبت.
لازم اتكلم واحكي حكاية تعبي النفسي اللي بدأت إرهاصتها الأولى من حوالي سنتين واكتشفتها بمحض الصدفة البحته لما كنت بركب المترو،أيوه أنا بعترف اني موظف وبركب المترو كل يوم صباحاً ومساءً،تمام كده زي ولا مؤاخذه اللبوس اللي بياخده العيانين بمرض شديد وبياخدوا علشان يخفوا بسرعه مرتين؛واحدة صباحاً والأخرى مساءً،المهم مطولش أنا في موضوع اللبوس ده وتعالوا نرجع لموضوع المترو،لاحظت وأنا راكب المترو ويجي أي حد كان نايم وصحي فجأه مخضوض معتقد إن محطة نزوله فاتته وبيسألني عن المحطة اللي جاية بسرعة وتلهف فاقوم أنا اقوله بدون تفكير،"اللي جايه مبارك" وقبل ما أكمل كلمة مبارك وفي حرف الكاف بالتحديد آكل الكلمة في بقي وابلعها وأرجع اقول تاني "قصدي اللي جايه الشهداء".
في الأول كنت فاكرها ذلة لسان وخلاص لكن اكتشفت اني مع كل مره أي حد بيسألني عن المحطة الجاية ويصادف تكون الشهداء أقوله على طول "اللي جايه مبار..ك"،في الأول وأحنا لسه كنا قرب الثورة كنت بخاف لما بغلط وأقول كلمة مبارك واتوتر وأخاف يحسن اللي حواليا يضربوني ويقولوا عليا فلول،لكن دلوقتي ومع السنين خلاص معدتش فارقة مع الناس كتير مبارك من الشهداء ومعدش حد بيركز معاك أو بيبصلك بصة من فوق لتحت ويستحقرك زي زمان.
أيوه أنا بعترف اني مواليد 80،مواليد مبارك وماما سوزان،وايه فايدة المكابرة وإخفاء الحقيقة إذا كان لساني بيسبقني وبيقول الحق غصب عني وبيكشفني قدام نفسي ويواجهني بأن بداخلي فلول.
أنا جوايا فلول!!!
أنا مريض بعصر مبارك!!
أنا من جيل ماما سوزان ومهرجان القراءة للجميع!!
أنا من جيل حملة تنظيم الأسرة وحملة مكافحة البلهارسيا !!
أيوه هى دي الحقيقة اللي كنت بحاول اخفيها من زمان ولساني وعقلي الباطن كان بيقاومها وللأسف لساني كان بيكشفني في كل مرة بقول بكل عفوية "اللي جايه محطة مبارك يا حاجه".
أخيراً قررت وبعد شجاعة ذاتية إني أروح لدكتور نفسي أتعالج وأعرف منه ليه أنا لسه متمسك بالإسم القديم لمحطة الشهداء وبقول عليها دايماً مبارك رغم اني ليل نهار قاعد بنقد في الحكومة وبشتم في مبارك.
هل أنا عندي ازدواج في الشخصية يا دكتور؟
ده السؤال اللي سألته لدكتور نفسي شاب زيي بيقولوا عليه شاطر جداً وكمان ميزته إنه مهاود في فزيتة الكشف بتاعته،يادوبك بياخد 150 جنيه بس فس الجلسة.
رد صديقي الدكتور-أه ماهو بقى بعد كده صديقي وفي الأخر هقولكم ليه بقى صديقي- وقالي مبتسماً لأ ده مش ازدواج في الشخصية،ده صراع داخلي بين حاجتين.
الأولى حنينك لعصر مبارك اللي من جواك عارف انه كان الأحسن ولأنك عشت فيه أغلب عمرك فأنت مصبوغ من راسك لحد رجليك بعصر مبارك وعقلك الباطن رافض يبعد عنه.
والثانية عدم اعترافك إن اللي ماتوا في ثورة 25 يناير دول مش شهداء.
اللي ماتوا في 25 يناير مش شهداء؟!!!
إنت بتقول أيه يادكتور،إزاي وأنا ليل نهار بقول الكلام ده وبدعي للشهداء وبكتب أحلى كلام عنهم.
هى دي الحقيقة،وإذا كان على الكلام فاحنا في مصر أجمد ناس نقول كلام وشعارات،مش مهم الشعارات،المهم الحقيقة الكامنة جواك- وفي اللحظة دي حسيت إن الدكتور قال كلمة كامنة دي بحشرجة وكأنها مش قادرة تخرج من لسانه مع ميل للبكاء.
لأ،طالما قولت كامنة يا دكتور بالتأثر ده يبقى إنت كمان فيك حاجه،احكي يا دكتور إحنا من جيل واحد وهنحس ببعض.
فجأة انفجر الدكتور في البكاء وقالي: " أنا كمان مواليد 80 زيك ومش قادر أنسى مازينجر وعم بطوط وبوجي وطمطم وفطوطه،ولما بفتح التلفزيون وأنا قاعد لوحدي بسيب كل التوك شو والرغي بتاع السياسة وأفضل أدور على بطوط أو حاجه لبوجي وطمطم أو مازينجر وأتفرج عليها وأنا فاتح بقي بكل سعادة وفرح ولا بحس بالدنيا وأنا معاهم،حتى من شوية قبل ما تيجي عندي كنت لسه بتفرج على حلقة لمازينجر،ثم أرجع الدكتور رأسه لمسند الكرسي الجالس عليه وتأوه تأويهه خرمت ودني وكأن جبل من الهموم أزيح من داخله عندما أفضى لي بهذا السر.
قلت للدكتور: "الآن أنت صديقي في كفاح مرض عصر مبارك،تعالى اقعد جنبي يا دكتره وكلملنا أي حد من الدكاترة اصحابك الدكاترة النفسيين بس ميكونش من مواليد 80 علشان يعالجنا،وكمان وحياة أبوك يا دكتور هاتلنا حلقة لبطوط نتفرج عليها سوا،أنا لسه ليا وقت عندك في جلسة العلاج ومن حقي أخلصه".
فأمسك الدكتور بالريموت وهو في غاية السعادة وبدأ يقلب في القنوات وهو في غاية السعادة وكأنه طفل وجد طفل أخر زيه جاي يلعب معاه،وانطلقت الضحكات وجلجلت في العيادة مع كل موقف أو مقلب ينفذه عمل بطوط في مقلب من مقالبه مع البط الصغير.

وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق