الاثنين، 27 أبريل 2015

راجعلك يامدينة ياللي مقدرة قيمة النجيلة



ياااااه بعد شهور طويلة أخيراً وصلت بلدنا ودلوقتي أنا زي ما بيقولوا في المثل الشعبي "بتمرمغ في تراب بلدنا" بس المره دي أنا "بتمرمزغ" على النجيلة في غيط قريتنا في الفلاحين،ايوه قريتنا،أنا قصدي ببلدنا في الجملة اللي فاتت مش مصر خالص،أنا قصدي بيها بيتنا وغيطنا في الفلاحين في المنصورة.
القرية دي زماااان من يجي 20 سنه كده كنت بحلم ليل نهار اني اسيبها واطلع بقى للعيشة والبرطعة في المدينة،بيقولوا هناك بنات مزز وزي الفل وكمان فيها الكهربا منورة الدنيا ليل نهار،والمحلات والكافيهات وكل حاجه ممكن تخليك مبسوط وسعيد مفتوحة ليل نهار،بيقولوا كمان إن فيها ناس لابسه نضيف وحاطة برفان ريحته زي الفل،مش زي عندنا في البلد مفيش غير ريحة العرق ومفيش تحتك غير تراب لو جه عليه شوية ميه يتحول لطين يبوظلك هدومك وفوقك مفيش غير سما صافية مش قادرة تمنع الشمس إنها تقور دماغك في الصيف وانت شغال في الغيط وفي الشتا مليانه سحاب اسود غامق هيخليك تصحى طول الليل تداوي في نقع سقف البيت عليك لحد الصبح من كتر الشتا،بيقولوا إن في المدينة مفيش مطره كتير،وبرضه فيه كمان تكييفات شغالة ليل نهار بتخلي صيفك طراوه.
زمااان كنت بحلم ليل نهار اني اسيب اللونين اللي معرفش غيرهم،الأخضر والإسود،منين ما تبص مش هتشوف إلا خضار الزراعة حواليك ومنين برضه ما تبص تاني مش هتشوف إلا الأرض السودا اللي الفلاح شغال فيها ليل نهار علشان يزرع ويقلع فيها،زهقت خلاص من ده كله،عايز اشوف ألوان تانية،زهقت من النجيلة اللي طالعة في كل حتة في المحصول في غيطنا ومهما نكافح فيها ونشيلها ترجع تاني تطلع اقوى من الأول،سبنا فيها الحمير ياكلوها برضه مخلصتش،جبنا مبيد ليها من دكان الراجل بتاع المبيدات برضه مماتتش،كنت فاكر ان النجيلة دي مرض العصر لأني مكونتش شايف غيرها لدرجة اني كنت بحلم في اختراع يقضي عليها بتاتاً علشان أرتاح شوية من شغل الغيط.
النهاردة وبعد طول غياب رجعت لنفس الأرض ولقيت لسه النجيلة موجودة ومخلصتش،الحمار ده اللي واقف هناك وببص عليه وهو بياكل في النجيلة هو هو نفس شكل الحمار اللي سبته من أكتر من 20 سنه بياكل فيها وبرضه مخلصتش،بس المره دي أنا راجع البلد ونايم على النجيلة اللي كبرت وزادت مساحتها أكتر من الأول وأنا مبسوط بيها،معقولة كان هيجي اليوم ده اللي أحس فيه اني بحب النجيلة؟! ايوه يا سيدي ومحبهاش ليه،ما أنا روحت خلاص المدينة وعشت فيها وشوفت إن النجيلة دي ليها استخدامات تانية كتير غير إنها بتبوظ حياة الفلاحين،فيه دلوقتي مثلاً نجيلة بتتزرع في ملاعب كرة القدم علشان اللاعيبه يجروا عليها ومينكسروش،ولأول مره اكتشف إنها حنينه،أيوه يا عمنا حنينه لأنها بتمنع لاعب بالملايين إنه يقع وينكسر عليها وبتخليه يقوم ويكمل لعب علشان الجماهير تهتفله،النجيلة دي بيزرعوها ويرووها في الجناين علشان الأطفال يلعبوا عليها،كمان مش هتلاقيها بشكل كويس ومنسق إلا في فلل وسرايات الناس العليوي وهى موجوده حوالين البيسين بتديك راحة نفسية مع تناغمها مع البورسلين اللي في الأرض،أول مره أحس إن النجيلة اللي الحمار بياكلها دي ثروة قومية المفروض منفرطش فيها،عايز اقول لصاحب الحمار ابعد حمارك عن النجيلة علشان دي حاجه كويسة بس خايف ميفهمنيش،وازاي هيفهمني وهو مطلعش من القرية ولا راح المدينة وشاف أيه أهمية النجيلة في حياتنا؟
ياسلام على النوم فوق النجيلة والإستمتاع بالسما الصافية فوقي والأرض السودا الحنينه،دي أول مره احس فيها إن السما الصافية في القرية ميزة،أول مرة أحس إن الأرض السودا تحتي حنينه عليا وبتحبني وانها أحسن من أسفلت المدينة اللي مبيرحمش محتاج قعد عليه يشحت لقمة عيشة والناس فاكراه متسول.
أنا مش قادر بقى لازم اقول لصاحب الحمار إن حماره بيدمر ثروة قومية لازم نحافظ عليها،أخيراً قومت اتكلم مع الفلاح:
- ياعم الحاج ابعد حمارك عن النجيلة كده هيبوظها
- طب ما يبوظها،أنا عايزه يقضي عليها خالص علشان ارتاح منها
- بس لو حمارك فضل ياكل فيها كده هيخلصها وإحنا محتاجينها
- مش انت فلان ابن عم فلان اللي عايش في مصر
- ايوه ياحاج
- ايوه ايوه..علشان كده متعرفش،بص يا بني إنت من يوم ما طلعت روحت مصر وحميرنا وحمير الجيران وجيران الجيران بياكلوا في النجيلة دي ولا النجيلة بتخلص ولا الحمير الطفسة دي بتشبع..فمش عايزك تقلق خالص عليها..النجيلة بتكفي الكل.
حسيت في اللحظة دي إن كلامي مع الفلاح ده ممنوش فايدة،ماهو عمره ما عاش بره القرية وشاف النجيلة دي ممكن يتعمل بيها أيه،وبعدين ما أنا كمان كنت زيه زمان بحلم بكائن فضائي يجي يخلصنا من وبا النجيلة وبلاويها فلازم أعذره وأعرف ان عمره ماهيقتنع بكلامي إلا لو عاش في المدينة.
راجعلك يا مدينة ياللي مقدرة قيمة النجيلة ومبتسبيش الحمير ياكلوها ويضعيوا قيمتها،راجعلك يا بلد محلات البيتزا والفينو،جايلك يا مدينة الكابوتشي والكابتشينو،راجعلك ولما هرجعلك هحكي لأصحابي فيكي على الناس اللي عايشين في بلدنا وعندهم نجيلة بالكوم وبدل ما يستفيدوا منها بيخلوا الحمير ياكلوها ليل نهار.

وفقي فكري
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق