الأحد، 1 فبراير 2015

معتقلات 2015

في العام 1997 اعتقل أحد زملائي في الجامعة وعاد إلينا بعد أن تركنا في سنة أولى جامعة عاد إلينا في سنة رابعة جامعة عام 2001 وكان شاباً محترماً جداً من الصعيد كل ذنبه أن أحد أفراد الجماعات الإرهابية أيام مبارك زجت باسمه وسط أسماء خليتهم لمجرد أنه يوماً لعب معه الكرة في قريته فعرف اسمه ومع التعذيب اضطر أن يعطي أي أسماء عشوائية تأتي في ذهنه وكان الحظ العسر لهذا الزميل أن ذهب يوماً في أجازة من جامعة القاهرة ليزور اهله بقريته ولم يعود إلا بعدها بثلاثة سنوات.
حين قابلناه بعد خروجه من المعتقل وكان ومازال شاباً متزناً محترماً كما تركنا من قبل لا يشوبه شائبه حدثنا كثيراً عما كان يحدث له ولزملائه من تعذيب داخل سجون المعتقلات وكم تحمل من معاناه ولكن الله ألهمه فاستعان بقراءة القرآن وأصر على استكمال المذاكرة وهو بالمعتقل ليساعد نفسه على إنجاز هدف وضعه أمام عينيه عله يخفف عنه المحنة التي هو فيها وبالفعل عاد إلينا وهو معنا في الدراسة ولكني أعتقد على ما أتذكر أنه تأخر دفعة واحدة فقط .
لكن ما لاحظته أثناء حكاياته عن التعذيب في المعتقل أنه اقسم يوماً وهو في كامل هدوءه وقال "والله الذي لا إله غيره وأنا أقول لكم هذا الكلام وأنا في كامل قواي العقلية لو أنني مكنت أن أتقابل مع الضابط الذي حقق معي وكان يعذبني لقتلته وأنا مرتاح البال ولكني للأسف كنت معصوب العينين أمامه ولم أراه يوماً ولكني استطيع أن أميز صوته من بين ملايين"،وهذه الجملة تنقل لك كم يلاقي المعتقلين من هوان وعذاب كبير دخل كهوف السجون حتى أنه يدفع احدهم بدلاً من أن يخرج للدنيا ليبدأ حياته من جديد أن يتحول إلى قلب عليل من غل الإنتقام ولهيب رغبة التدمير بعد أن لاقي من ظلم على يد بشر مثله بدون ذنب أقترفه إلا أنه عبر عن رأيه بكل سلمية أو حتى أخذ في الرجلين كما يقولون مثلما كان يحدث كثيراً أيام مبارك ونظامه.
وكان من اقسى ما سمعت من هذا الزميل الفاضل ما رواه عن موقف حدث أمام عينه في زنازين الإعتقال تحت الأرض حين سمع شيخاً كبيراً يستجير بالله من ظلم الضباط وتعذيبهم لله فكان يقول "يارب عليك بالظالمين يارب.. يارب" فما كان من الضابط الذي بلغ به الإعتقاد حد اعتقاد فرعون حين قال أنا ربكم الأعلى فرد على هذا الشيخ بقول أسوء من فرعون قائلاً " ربنا بتاعك ده لو جه علشان ينقذك هحبسه معاك" والعياذ بالله لعل الجملة الأخيرة تنبئكم بمحتواها بدون شرح مني فهى جملة شافية كافية واضحة المعالم والمفهوم.
اليوم ونحن في عام 2015 وبعد سنوات طويلة وما مررنا به من ثورة عظيمة ورفع غطاء نظام فاشي دموي أسمع من أحد الزملاء نفس المقولة التي تفوه بها شبيه فرعون في نظام مبارك ولكن هذه المره هناك فارق كبير،من قال الجملة في المرة الأولى كان ضابطاً وصل به غيه بسبب ما بيده من سلطان أن يحذو حذو فرعون أما في العام 2015 نجدها تخرج من مسئول مدني،موظف ولكنه قيادي صاحب سلطة ونفوذ قالها لموظف أخر بسيط في مستواه الوظيفي حين أراد هذا الموظف البسيط أن يذكره بوجود الله الذي يستجير به من ظلمه في استخدام سلطة جائرة دمرت حياته فقال "انت مش خايف من ربنا" فما كان منه إلا أن قال له هذا المسئول حسبما ذكر هو لي "مفيش ربنا في الأرض،ومافيش عدل في الدنيا" بعد سنوات طوال عادت على مسامعي تلك الجملة الشنيعة التي خزنتها ذاكرتي من 13 سنه وكررت على مسامعي للمرة الثانية ولكن هذه المرة من مسئول مدني وليس أمني.
لعل الآن الوضع أصبح ظاهراً أمامكم ولعلكم علمتم الآن الإجابة على السؤال الذي يبحث عن إجابة حول "هل تغير الوضع الحالي عن سابقه من العهود؟"،ولكني أجبت لنفسي بعد طول معاناه عن هذا السؤال بعد أن وضع القدر في طريقي جملة سمعتها مرتين ولم تنساها أذني في الماضي ولن تنساها كذلك في المستقبل ولعل الله ينصف هذا الشاب الذي قال لي بسبب معاناته من حكم سلطة متجبره جعلت الدنيا في عينه أسود من ظلام الكهوف "والله لولا أني أخاف الله لانتحرت" وإني لأقول له يا صديقي العزيز أثبت فإن من بين سلاسل الضيق يأتي الفرج وبعد الظلام يأتي النهار الوضاح وإن الله لمطلع على أمرك وعسى أن ينصرك نصراً مبيناً كما نصر من قبلك فإنه الحي القيوم البصير بحال عباده وإنه على كل شئ قدير.


وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق