الخميس، 4 ديسمبر 2014

الفساد المصري على الطريقة الصيني

في الصين تم معاقبة 80 ألف مسئول منذ بدء حملة مكافحة الفساد في ديسمبر 2013 لحد دلوقتي وعندنا في مصر بعد مرور 4 سنوات على قيام ثورة يناير 2011 خرج الفاسدون من القفص ولم نسمع إلا على بضع حالات بسيطة من قبيل قفش مرتشي في حالة تلبس وهو يتقاضى رشوه أو نقل موظف لنشره ملفات تؤكد فساد في أحد المشروعات رغم أن الحكومة وقبلها الرئيس يعلمون أن فساد المحليات بمهندسيها وموظفيها هم المسئولين الآن عما حدث ويحدث كل يوم من انهيارات لعقارات ومباني يموت بسببها المئات وبالتأكيد يلمسون الفساد في المرور وفي الشهر العقاري والسجل المدني وغيرها من الأماكن التي تقدم خدمة للجمهور.
سيادة الرئيس كلف رئيس وزارته بالقضاء على الفساد فخرج لنا سيادة المهندس إبراهيم محلب وقال أن الفساد سيتم القضاء عليه خلال 6 شهور ، وده كان منشور بالمناسبة بالبونط العريض وعناوين رئيسية في أغلب الصحف منذ عدة شهور،الآن وقد قاربت الـ6 شهور على الإنقضاء لم نرى أملاً في فتح الملف من الأساس،وأنا أعتقد إن رئيس الوزراء لو كان قال إنه سنبدأ مكافحة الفساد لكان هذا التصريح أوقع،لأنه لن يستطيع أن يقضي عليه في ستة شهور ولا حتى سنه ولا سنتان ولكن يمكن البدء بخطوة في ترصد وتتبع كل أشكال وألوان الفساد المختلفة للبدء في القضاء عنها تماماً وتجفيف منابعها كما يقولون،فمثلاً وبما أننا بصدد الحديث عن التجربة الصينية في مكافحة الفساد فالـ80 ألف قضية التي تم ضبطها هناك كانت عبارة عن مكافحة البذخ والحفلات الرسمية وممارسة البيروقراطية وأساليب العمل غير المرغوب فيها والإهمال والإستخدام غير الحكيم للمركبات العامة واستخدام الأموال العامة للترفية الشخصي وأساليب العمل بتراخي وقبول الهدايا،كل ما سبق من قضايا قد تكون ذات أهمية قصوى لدى الصينين أما في مصر فهى لا تتعدى كونها أموراً واجبه لسيادة المسئول،فمثلاً سيادة الموظف الكبير يتم تخصيص بدل السيارة اثنين وثلاثة،واحدة له والأخريات تشهيلات لبيت معاليه،الحفلات ومصاريف الإجتماعات المبعثرة يميناً ويساراً مجرد نثريات واجبه لزوم الشغل وتوجيب للسادة الضيوف المهمين،البيروقراطية وما أكثرها فرض عين لا يمكن الإستغناء عنه وإلا فقدنا الهوية المصرية،الإهمال علاجها لفظ "معلش جت سليمة" في حالة خطأ القيادي و مسماها "يوم أم اسود إنت روحت في داهية" إن فعله الموظف البسيط،قبول الهدايا يعتبر مجاملة شخصية للمسئول وليست لوظيفته وبالتالي تشحن على بيته واسمها الحقيقي رشوة مقننه،كل ذلك عندنا في مصر لا يندرج تحت مسمى فساد وإنما أمور بسيطة يمكن معالجتها بلفظ "معلش" "متعملش كده تاني" "حرام متقطعش عيشه ده عنده كوم عيال" وما إلى ذلك من جمل التبرير والتسبيب التي لا تؤتي إلا مزيداً من التمادي في الخطأ والإصرار عليه.
قد لا أكون منصفاً إن تغاضيت عن بعض الإصلاحات التشريعية التي تسعى الحكومة لتطبيقها على استحياء من أجل تخفيف وطأة الفساد الحكومي مثل قانون الخدمية المدنية الجديد الذي من المنتظر أن يصدر خلال الفترة القادمة وهو بالتأكيد رائع مثله مثل الكثير من القوانين التي هى في أصلها إيجابية ولكن المشكلة كما قلت في مقالات أخرى لن تفعل شيئاً طالما القائم عليها فاسدين تم تجريف مبادئهم وطباعهم حتى صارت نفوسهم من أول وهلة لفحص تلك القوانين تبحث عن ثغرات أو عيوب في تلك القوانين ليتم من خلالها تفسيرها طبقاً لأهوائهم الشخصية.
أخيراً قد تكون تصريحات رئيس الجمهورية ورئيس وزراءه خلال الفترة الماضية بشأن سعيهم للقضاء على الفساد قد أثرت بالإيجاب على تصنيف مصر في تقرير مؤسسة الشفافية الدولية المعنية بمكافحة الفساد في تقريرها الصادر يوم الأربعاء 3 ديسمبر بتقدم مصر 20 مركزاً في قائمتها للمؤشر العالمي للشفافية لتحتل المركز 94 بدلاً من 114 ولكننا مازلنا في زيل القائمة كما أن الصين ورغم تأخرها عن مركزها في العام 2013 بمعدل أربع مراكز إلا أنها احتلت المركز الـ36 على مستوى العالم مما يجعلها أفضل منا بكثير لأنهم يسعون دائماً إلى التعامل مع تلك التقارير بجدية باعتبارها تقارير هامة تؤسس للسعي نحو تغيير الإستراتيجيات مما جعلها تعمل على مكافحة الفساد ليس بالتصريحات مثلنا وإنما بالفعل قبل القول أما نحن فكيفينا فلسفة التصريحات والإستعانة بتغليظ القوانين دون النظر إلى الإستراتيجيات والخطط الواضحة التي تهتم أكثر بمعالجة عيوب العنصر البشري قبل المحاسبة لذلك فنحن سنظل بلا رؤية طالما ظللنا بلا فعل يتوافق والأوضاع على أرض الواقع فأصبحنا نأخذ من التجربة الصينية في مكافحة الفساد الإسم الصيني سيئ السمعة فقط حاله حال منتجاتها التي تروج في مصر  وكما يقولون في مصر حين يرغبون في تحذيرك من المنتج الصيني "متشتريش الصيني لأنه مضروب وخليك في المضمون" فلا طولنا الأصلي ولا المضروب ولا كافحنا الفساد ولا أخذنا بالتجربة الصينية وخسرنا كل شئ .
وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق