الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

روائح الفساد بشذا عطور الياسمين

كنت أفكر في كيف أن بعض الناس في بلدي مصر حين يمرون على مكان لتجمع القمامة يسارعون في وضع أيديهم على أنوفهم ليسدوا موضع استنشاق الروائح الكريهة المنبعثة من الزبالة في حين أن الأغلبية لم يهتموا في الأساس ولم يلحظوا أنهم يمرون على مكان نتن رائحته نفاذه،وربما أحدهم وهو يمر بجوارها أخذته الجلالة من هموم الدنيا فيأس ثم استشعر الطمأنينة في نفس لحظة مروره بجوارها فأخذ نفس عميق عبأ به صدره ثم أخرجه بتنهيده تنم عن الراحة ولم تشغله إن كان يمر بجوار هرم تليد من الزبالة أم لا أو أن ماملأ به صدرة كم هائل من النفايات والجراثيم،المهم أنه استراح،ثم كيف يلحظ ذلك وعيناه أصلاً تعودت على رؤية هذا المنظر في كل صباح وظهيرة ومساء وليل يومه ولاسبيل لأن يشعر بالتغيير  إلا في حالة واحدة فقط،إن خرج من باب بيته في الصباح ففوجئ بأن المكان نظيف،ربما ذلك فقط هو الذي سيصيبه بالذهول من هول ما رأي من تغيير غير منطقي على ملامح وسمات منطقته.
نفس الشعور هذا ستجده متطابقاً على من يدعم نظام مبارك،فمن كثرة الحياه وسط زبالتهم وفسادهم ونحرهم في عقول البني أدمين تحولوا إلى أشباه بني أدمين،تراهم أناس يتحركون أمامك،يأكلون ويشربون ويتناسلون بواسط أقراص الفياجرا،ويحملون عقل وعيون وأذن،ولكنهم لا يفكرون ولا يرون ولا يسمعون إلا ما اعتادوا أن يتم حشوه بعقولهم ويعرض أمام عيونهم ويمر على طبلة أذانهم من خلال وسيط خارجي يفكر لهم ويرى لهم ويسمع لهم بالإنابة،ولا غرابة في ذلك فـ30 عاماً بالطبع وقت كبير كفيل بأن يجعل السجين في زنزانة منفردة في ظلام دامس يفقد نظره وسمعه وعقله بسبب الضمور الكامل في أعضاء لم تستخدم طيلة هذا الفترة،كما أنه أدعى لأن يتم تنويم هؤلاء المؤيدين لنظام الفاسد مبارك ليس مغناطيسياً ولكن تنويماً على غرار من ركب سيارة قاصداً سفراً طويلاً فنام على صوت تكرار أصوات حركة السيارة التي اعتادها على طول طريق سفره فلم يعد مطباً صناعياً يوقظه ولا أصوات بعض الماره الحانقين على السائق الذي كاد يدهسهم يشغل باله أو يقطع عليه حبل الإستمتاع بنوم عميق مطمئن إلى مهارة السائق وبراعته حتى وإن طالبه هذا السائق في نهاية المشوار بأضعاف الأجرة أو استعبده لغسل سيارته مقابل استمتاع الراكب بنوم هادئ ولذيذ في حين أن السائق كان يجتهد في سحل الناس ودهسهم على قارعة الطريق وقبض ثمن ذلك أجر مضاعف.
ولعل أجمل شئ قرأته اليوم كان عن اختراع اعتبره نقله نوعية واكتشاف مفصلي في حياة المصريين كافة،فقد أعلن مخترع فرنسي والحمد لله عن اختراعه لحبوب معطرة لعلاج انتفاخ البطن الذي يعتبر أحد أهم المشكلات الصحية في حياة الإنسان في العالم كافة وفي مصر بصفة خاصة،فهذا العلاج سيساعد المعارضين قبل المؤيدين في استنشاق هواء ليس نظيفاً فقط بل ومعطراً أيضاً،لماذا؟، لأن تلك الأقراص ستعالج عدة روائح،أولها بالطبع الروائح الناجمة عن ألام التقلصات البطنية وما ينتج عنها من انفجارات لا تقل عن انفجارات قنابل الإرهابين ويزيد عليها روائحها المميزة حيث طور المخترع تلك الحبوب لتحتوي على روائح ذكية ورائحة الشيكولاته التي حتماُ سيحبها النساء كثيراً مما يحول انفجار تلك الروائح من جسم الإنسان للهواء في وجوه الأخرين من كارثه أخلاقية إلى ميزه وحظ سعيد لم يشتمها بالصدفة وتحول العادة من مزمومة إلى مفضلة،وثانيها معالجة رائحة الفساد التي تنبعث من كل موظف ومسئول داخل مؤسسات الدولة الذين تفوح من أفواههم رائحة الفساد والسرقة في المال العام،وهذه الميزة بالطبع سيستغلها هؤلاء الفاسدون للتغطية والتعتيم على أفعالهم القذرة في سرقة المال العام وستغنيهم عن استعمال معطرات الفم المكلفة أو حتى لبان كلوريتس الذي يوحي بتدني المستوى الإجتماعي لهم،كما أن مؤيدي نظام مبارك من أفراد الشعب سيجدون في ذلك فرصة أكيدة لأن يستشعروا ولأول مره بروائح ذكية في حضرة الفاسدين وإن كنت أشك في أنهم سيشعرون بالفارق في كل الأحوال،لأن من يشعر بها بني أدمين أحياء،أما هؤلاء فكما قلنا أشباه للبني أدمين اعتادوا أن يفكروا وينظروا ويسمعوا كما يرغب وسيطهم وليس لهم مطلق الإرادة في تقديم أي فعل أو حركة خارجة عن إرادة هؤلاء المسيطرين عليهم.
بقيت كلمه هامة أود أن أقولها في النهاية وهى أني أتمنى لو أن وزارة الصحة تسعى بجد واجتهاد لتوفير منتج الحبوب المعطرة لروائح وانتفاخات البطن في السوق المحلي بسعر رمزي من خلال تخصيص دعم مادي لشرائها بالسعر العالمي وتقديمها للمواطن بسعر رمزي على غرار عقار سوفالدي لأن هذا وبحق مشروع يستحق النظر فيه لأنه سيحول جميع الروائح الكريهة التي تملأ فضاء وطني من قذرة ومعفنة إلى شذا زهور الياسمين وعطور تفوح منا جميعاً لننسى أو نتناسى أموراً كنا ومازلنا وسنظل نمر بها إلى يوم الدين.
وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق