الخميس، 11 ديسمبر 2014

من جمهورية الصين الشعبية إلى جمهورية الأغاني الشعبية المصرية


أعلن صندوق النقد الدولي أنه ابتداءً من 7 ديسمبر 2014 أن الصين أصبحت القوة الإقتصادية الأولى في العالم متقدمة على الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة حيث بلغ حجم الدخل القومي الصيني 17 تريليون و400 مليار دولار مقابل 17 تريليون دولار فقط لأمريكا.

بالطبع هذا الخبر قد لا يعني شيئاً لجمهور الشعب المصري الذي لن يفهمه بسبب غياب عقله في الحشيش والمخدرات بعد أن أثبتت الإحصائيات أن من بين كل 10 مصريين هناك 9 يتعاطون المواد المخدرة ولكني هنا أحاول أن أخاطب القلة القليلة من أفراد الشعب الذي يمثل الـ1% من الفايقين لأقول لهم أننا مازلنا نتلقى أخباراً تزيدنا حسرة وندماً على مافات وما سيفوت علينا في المستقبل،فالعالم يتحرك بسرعة كبيرة جداً ويتقلب كل لحظة من طور إلى طور أخر ونحن مازلنا وسنظل نتقلب على سرير النوم بمساكن علب الكبريت نحلم بجنيه زيادة في المرتب،هذا بالنسبة للموظفين العبيد عند الحكومة التي أجرت عليهم جراية شهرية لتسد جزءاً من رمق جوع أسرهم،والبعض الأخر يحلم بشريط فياجرا مجاني ينعموا على أثره بمتعة تنسيهم الدنيا ومافيها والأغلب من الشعب يحلم بقرش حشيش أو دواء ضمن الجدول "يبلبعوه" أو "يسفوه" للحصول على متعة زائفة تلهي عقولهم أكثر فأكثر،ولعل من مظاهر السرعة العالمية وتباين أحوال الأسواق أن الشركات الكبرى التي كانت تحقق إنجازات فيما سبق في السوق العالمي تنهار في الحال إن لم تسير بنفس سرعة التغييرات العالمية التي تعتمد على التكنولوجيا المتجددة،خذ عندك مثلاً كمثال،شركة نوكيا للهواتف المحمولة والتي كانت تسيطر على سوق الهواتف في العالم تراجعت وقيمت أصولها الآن بـ7 مليارات دولار تقريباً بعد أن كانت في السابق تقدر بمئات المليارات وكذلك شركة بلاك بيري اللتان سقطت أمام الوحش الكوري سامسونج وشركة آيفون الأمريكية وغيرها من الأمثلة الكثير .
أقول للـ1% الفايق من شعبنا المحترم أن الصين قفزت بسرعة البرق نحو الصدارة العالمية رغم عدد سكانها الكبير جداً الذي يقدر بمليار و338 مليون نسمه،ولكن لماذا أركز أنا دائماً على الصين كنموذج أسوقه للإخوة الفايقين في بلدي،السبب بسيط جداً وهو أن البلدين متشابهتين في التاريخ والفقر والصراعات وبداية النهوض،وبمناسبة النهوض فأود أن أبشركم أن الصين لم تنهض وحسب بل هروت بشدة نحو التقدم ونحن مازلنا "باركين" في "مليطة" الفساد والمصالح المشتركة بين الحرامية وأصحاب المصالح،ودعونا الآن نعقد مقارنة بسيطة من وجهة نظري حول خط سير البلدين.
  • تاريخ الصين تقريباً يساوي تاريخ الحضارة المصرية،هم بدأوا منذ أكثر من 6 آلاف عام من الحضارة ونحن نملك 7 آلاف عام أيضاً من الحضارة ولكنهم بنوا على حضارتهم حضارة جديدة ونحن نؤلف دائماً أوبريتات وأغنيات وطنية تمجد في حضارتنا السابقة ثم نصفق في نهاية العرض فخورين بتاريخنا أما حاضرنا فلا تعليق.
  • الصين قضت على حكم السلالات الملكية التي كانت تحكمها في عام 1911 وبدأت في التخطيط لقيام جمهورية ونحن في عام 1919 قمنا بثورة من أجل أن نجمع توقيعات لسعد زغلول ليسافر إلى مؤتمر باريس لعرض القضية المصرية بعد رفض المندوب السامي البريطاني وتحولت إلى ثورة شعبية ضد الإحتلال البريطاني ولكننا لم نتخلص منه حتى إعلان الجمهورية بعد ثورة 1952 وإسقاط الملكية.
  • استمرت الصراعات في الصين وفي مصر بعد ذلك ولكن الصين ورغم صعوبة الموقف لديهم استطاعوا في عام 1949 أن تحسموا تلك الصراعات والحروب الأهلية بها وأعلنت جمهورية الصين الشعبية ونحن منذ 1919 وحتى قيام ثورة 1952 لم نستطع أن نحسم أي صراع واستمر ت الصراعات عرض مستمر في جميع "سنيمات" القطر المصري والشعب يتابع بشغف أو بدون شغف لن تفرق في شئ ولكننا والحمد لله أعلنا نحن كذلك الجمهورية في ثورة 1952 وتقوفنا إلى هذا الحد لنستريح حتى اليوم.
  • في عام 1978 استطاعت الصين أن تنطلق إنطلاقتها الإقتصادية الكبرى حتى أصبحت أسرع الإقتصاديات في العالم نمواً حيث أصبحت أكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر مستورد للبضائع أما مصر فقد قامت والحمد لله بحرب 1973 وانتصرت على اليهود وحررت الأرض واستمرت في الإعتماد على الحليف الروسي في تطوير منظومة الدفاع لديها ثم توجهت للحليف الأمريكي "ماما أمريكا" بعد تقهقر روسيا مؤقتاً وبزوغ أمريكا كأقوى دولة في العالم واستمررنا في استيراد كافة البضائع حتى صرنا من أكبر الدول استيراد للمنتجات الخارجية لأننا استمررنا "مأنتخين" على الدوام.
  • من التسعينيات وحتى مطلع الألفية الجديدة استمر التلفزيون المصري في بث حملات التوعية بشيئان هامان هما تنظيم الأسرة مع ماما كريمة للحد من النسل وحملة التوعية بمرض البلهارسيا في الوقت الذي كانت تستقبل فيه الصين كل لحظة آلاف المواليد الجديدة تستغلهم في إقامة المشروعات الصغيرة للمساهمة في تقوية الإقتصاد الصيني فكانت النتيجة الحتمية أن أصبحت الصين اليوم الأولى عالمياً ونحن خسر التليفزيون المصري الحكومي مليارات الجنيهات بسبب الموظفين "العواطلية" الذين يقبضون ولا ينتجون وزادت مواليدنا رغم حملة ماما كريمة وكان علاج البلهارسيا هو السبب الأول في أن تتحول مصر لأكبر دولة في عدد المصابين بفيروسات الكبد والكلى في العالم مع إغلاق كافة المصانع المهمة كالنصر للسيارات مثلاً ومصانع الإنتاج الحربي التي تحول الغرض منها بدلاً من تصنيع الأسلحة إلى تصنيع الأجهزة الكهربائية المنزلية وتخصيص الشركات القومية عن طريق صفقات الحرامية.
في النهاية نحن مازلنا "مأنتخين" في "مليطة" الفساد والكسل الذي اتهمنا به الإخوة السوادنين كثيراً من خلال نكاتنا الكثيرة عليه والصين تفقز إلى قيادة العالم الأمر الذي جعل أمريكا اليوم تهدد بأن لديها طائرات إف 22 الخفية التي يمكنها تدمير وإغراف حاملة الطائرات الوحيدة التي تملكها الصين كغيرة من تقدمها عليها اقتصادياً أما نحن فقد تربعنا على عرش الأغاني الشعبية دون منازع وصارت جملة "أديك في السقف تمحر" و "مش هروح..مش هروح" و "من أول يناير هكون إنسان جديد" وغيرها الكثير من الأغاني التي تناسب مساطيل الشعب للتغني بها أثناء عمل الدماغ الصح هى مقياس ثقافتنا وبالمناسبة فهاهو يناير جاء ياعم شعبولا ونحن لم نعد شعب جديد بل شعب يعيش على الأوهام والتاريخ القديم كحياة ملك على ذكريات ضياع مملكته فتوهنا أكثر مما نحن تائهون ولا عزاء للشمتانين فينا في كل أرجاء المعمورة،وأخر كلماتي فإني متأكد أنه لن يقرأ هذا المقال أحد إلا القلة القليلة من "الفايقين" بسبب طوله ويستعصي على الـ99% من المصريين أصحاب الجمل القصيرة أن يفهموه.
وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق