الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

دولة الإجراءات 100ساعة ودولة الفساد إلى قيام الساعة

سأظل أصرخ ليل نهار من دولة الفساد التي تنتشر في مصر في كل مكان وداخل كل مؤسسة من مؤسسات مصر،فرغم شعارات الحكومات المتتالية التي ترفع جمل رنانه لزوم الإستهلاك المحلي،وأقول المحلي لأنها لا تخرج عن نطاق سماء المجتمع المصري،أما من بالخارج فللأسف يرون مالا نستطيع أن نراه نحن الشعب المصري،كل مسئول يقول أن الدولة تسعى للقضاء على الفساد الإداري وأن العملية تسير بخطى ثابتة نحو ذلك،فهم واهم كاذب،كل هؤلاء يتحدثون من وراء المكاتب الفخمة المريحة والمكاتب المكيفة في إنفصال كامل عن الواقع المصري،وهذه بالتأكيد هى السمة الغالبة على كل المسئولين،هل فكر وزير أو محافظ مثلاً أن يطلب من التلفزيون المصري أن يرسل له "ماكيير" يقوم بتغيير معالم وجه سيادته ثم إحضار "استيالست" يلبسه ملابس رثه لهيئة مواطن مطحون ثم يذهب لعمل مصلحة عادية مثله مثل أي مواطن ليكشف المؤامرة التي تحاك لهذا الشعب في كل لحظة داخل ردهات المصالح الحكومية،قد تهمسون الآن بينكم وبين أنفسكم بأن الكاتب مجنون أو يهذي،معقول يقوم وزير أو محافظ بهذا الفعل،وهل هذا من اختصاصه،أرد عليكم وأقول،نعم هذا من اختصاصكم أيها المسئولين،ألم تسمعون أن عمر بن الخطاب فعل ذلك،ألم يتطرق إلى مسامعكم أن عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين فعل ذلك،ياسادة تفحص حال الرعية من إختصاص المسئول وبنفسه وليس بواسطة تقارير من يكتبها هو أيضاً فاسد.
تعالوا معي الآن لأحكي لكم موقف حدث لمواطن داخل مصلحة من مصالح الدولة العامة التي تهدف في الأساس إلى تأدية خدمة للمواطن مقابل رسوم زهيدة رمزية والموظف الذي يقوم بها يحصل على مقابل أداء الخدمة متمثلة في مرتبه الشهري،يحكي زميل لي ذهب برفقه ابن زميل له في العمل،فقد توفى الأب منذ أيام وكان يعمل بأحد شركات القطاع العام،وكان قد إلتحق هذا الأب المتوفي في بداية حياته بوزارة التربية والتعليم بمنطقة حلوان وعمل بها فترة تم خلالها التأمين عليه فيها ثم ترك الوزارة وعمل في شركة القطاع العام،وبالتالي فإن ابن المتوفي يسعى لأن يثبت تلك الفترة التي عمل فيها أبوه بوزارة التربية والتعليم ليضمها إلى تأميناته لأن ذلك سيساعد على زيادة معاش والده.
انظروا معي ماذا حدث،دخل زميلي وبرفقته ابن الرجل المتوفي لمصلحة التأمينات الإجتماعية وسألوا عن الموظف المختص وعرضوا عليه ورقه بها تفاصيل مدد خدمة الوالد-رحمه الله- وطلبوا منه أن يحصلوا منه على الرقم التأميني لفترة خدمة المتوفي في وزارة التربية والتعليم،الموظف نظر في الورقة ثم أخرج قلم رصاص،وقلم رصاص لماذا؟،ستعرفون بعد قليل،أمسك بالقلم الرصاص وبدأ يمارس هوايته في التعقيد،علّم على كل مكان في الورقة،دائرة هنا يكتب بجوارها لابد من إحضار كذا من مكان كذا،دائرة أخرى في مكان أخر ويكتب بجوارها تعليقاً مفاده أن تلك المدة تحتاج إلى كذا،ثم في النهاية ينظر إليهما وهو يناولهم ورقتهم التي أصبحت مشوهة بشخابيط القلم الرصاص وهو يقول اذهبوا وأحضروا لي ماكتبته فهذا حقوق أموات ولابد أن نتحرى الدقة كاملة لنعطيهم حقوقهم،وبما أن زميلي "مدقدق"كما يقولون على الرجل الخبرة الفهلوي اللي بيفهمها وهى طايرة،لاحظ أن هذا الموظف يضع بجواره على المكتب علبتين سجائر ماركة "مارلبورو" إذاً هو مرتشي وإلا فكيف لموظف مرتبه متواضع أن يدخن هذا النوع الغالي من السجائر،خرج زميلي من الغرفة ومعه الورقه وذهب إلى الساعي "بتاع الشاي" في أخر الطرقة وعرض عليه الأمر وحين ناوله الورقه سارع الساعي مندهشاً وهو يقول "إنتوا روحتوا للأستاذ كذا"،عرف من دوائر القلم الرصاص أن من فعل ذلك أستاذ فلان،تقريباً هذا التشوية معروف به هذا الموظف،طلب "بتاع الشاي" من الرفيقان أن ينتظرا قليلاً بعد أن حصل منهم على 50 جنيهاً وأخذ الورقة وعاد بها إلى نفس الموظف الأستاذ فلان وبعد دقيقة طلب الساعي من الرفيقان أن يدخلا مرة ثانية للموظف،دخلا وكأنهم يدخلان لأول مرة لمكتبه،طلب منهم الجلوس ثم أمسك بالورقة وأخرج من درج المكتب "أستيكه" وبدأ يمسح كل الدوائر والشخابيط التي كتبها وهو يقول موجهاً حديثه لأصحاب الورقة"إنتوا مصعبين الموضوع ليه،الموضوع سهل والله يا أخوانا" وبعد أن أعاد الورقة إلى سابق نصوعتها وجمالها إلتفت إلى يساره ثم أخرج دفتر به الأرقام التأمينية وبحث عن الرقم ثم كتب على الورقة بقلم حبر هذا المره "3596..." كتب الرقم التأميني وزيلها بخاتم المصلحة ثم ناولهم ورقتهم ولكن هذه المره وهو مبتسم بشوش،هل علمتم الآن لماذا استعمل القلم الرصاص في أول مرة والقلم الحبر في المرة الثانية؟.
مارأيكم ياسادة في هذا الموقف،بالتأكيد كل المصريين يعلمون ما كتبت وحتماً جربوه في مره من مرات تعاملهم مع أي مصلحة حكومية،فهذا الطبع الغالب عليها كلها،حتى داخل أحد مؤسسات الشرطة التي تختص بتطبيق القانون على المخالف يحدث ذلك ولو متعجبين مما أقول اسألوا كل من يتردد على وحدات المرور،يحدث ذلك في قلب مصلحة تتبع وزارة العدل المنوطة بالفصل بين الناس في المظالم ولو متعجبين أعيدوا قراءة حكاية الشهر العقاري مرة أخرى،بل يحدث في معقل رمز الدين الإسلامي في مصر،في قلب مؤسسة الأزهر وبين الدعاه واسألوا في المعاهد الأزهرية وكذلك في الأوقاف داخل إدارات التفتيش الدعوي المسئولة عن مراقبة خطباء المساجد والتفتيش عليهم.
كل مؤسسات الدولة لم تنجوا من هذا الفساد الإداري الذي يصُب في جيوب الفاسدين ويعطل مصالح الناس ويؤلمهم في كرامتهم مثلما يؤلم السوط ظهر المذنب،ويُضّيع على الدولة مليارات الجنيهات ،ثم في النهاية نعود ونجد سيادة المسئول يرتدي أفضل الثياب ويقول لنا بقلب وبال مطمئن أن حرب الدولة ضد الفساد قائمة وأننا بصدد القضاء عليها في القريب العاجل،أعتقد إن كنتم تعلمون تلك الحقائق كلها من سوء وتدني مستوى الخدمة وتركها في يد بلطجية المصالح ما قلتم ذلك ولعلمتم أن دولة التعقيدات الإدارية تستغرق بدل الساعة مائة ساعة أما دولة الفساد رغم أن قضاء المصلحة فيها لا يستغرق ساعة إلا أنها ستظل قائمة إلى يوم الساعة إن لم نتخذ إجراءات واقعية تتلائم وطبيعة الفساد من شأنها القضاء على خراب طال الأخضر واليابس في بلدنا مصر.
وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق