السبت، 15 نوفمبر 2014

ماما أمريكا وجمعية رعاية الحمير

حين شاهدت اليوم مسرحية "ماما أمريكا" بطولة الفنان الرائع محمد صبحي وتأليفه ومن إخراجه أيضاً والتي تم عرضها عام 1998 تأكدت بما لايدع مجالاً للشك أنني أنا على الأقل كنت حماراً لا أفقه شئ،بالطبع حماراً مثلما مثلها الفنان محمد صبحي في مسرحيته حين مثل العرب في جمعية رعاية حقوق الحمير،تأكدت لي تلك الفرضية بعد أن أتممت اليوم قراءة كتاب "البحث عن الذات" للرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد ذهولي من علاقات الدول العظمى بالدول العربية وكيف كانت مصر منبطحة إنبطاحاً كاملاً للإتحاد السوفيتي أيام عبدالناصر ثم بعدها للأمريكان أيام السادات بعد أن تسلمت قيادة العالم من بريطانيا وتفكك الإتحاد السوفيتي إلى دويلات وحتى اليوم،وكنت دائماً أتسائل لماذا نخضع لقوى عالمية أخرى ونحن نستطيع أن يكون رأينا من عقولنا،ولكن جاءت الإجابة على تساؤلي الليلة بعد أن شاهدت المسرحية بشكل مختلف وتصادف أن قرأت كتاب "البحث عن الذات" للسادات لأجد النتيجة الحتمية أن كافة الدول العربية فيها الكثير الذي يحكمه الغرب وأن قادتها مجرد هياكل أشباح فقط والبعض الأخر يرطع في صراعات داخلية تأججه نفس الدول صاحبة المصالح وبالتالي فهى تتحكم في مجرى الأمور داخلها وتستطيع أن تحول دفة الأحداث في أي لحظة تريدها والنتيجة الثانية أننا لا نستطيع أن ننتج غذائنا ولا سلاحنا وبالتالي فلابد أن نظل تابعين للأبد.
لقد شاهدت ولأول مرة مسرحية "ماما أمريكا" بشكل مختلف وكأني كنت أعمى ثم أبصرت اليوم،كأني كنت نائماً واستيقظت،كأني كنت مسافراً وعدت،لماذا لم أفهم، المعاني التي صرخ بها الفنان محمد صبحي منذ عام 1998 على خشبة المسرح يصرخ في المشاهدين أمامه حتى تنتفض عروقه ويتصبب عرقاً من أجل أن تفهم الناس ما يحدث حوله،فما يكن من هؤلاء إلا التصفيق الشديد للفنان ويضحكون بدلاً من أن يبكون،ويخرجون من المسرح وهم في غاية الإنشراح والفرح بعد وجبة الضحك المتواصل أمام فنان عملاق .
أنا الآن أكاد أقسم أن محمد صبحي كان كمن يكاد يلطم على وجهه ليلحظ الناس أنهم غافلون فلا يرى إلا شعباً كان قد غب في النوم غباً حتى تحول شخيره إلى ضحكات متواصلة على كل شئ وأي شئ بلا معنى وكأنهم مسوخ مغيبة عقولهم لا يفقهون شيئاً.
نظام مبارك الذي سمح بعرض تلك المسرحية التي تهاجم أمريكا وإسرائيل في المنطقة بكل صراحة كان متأكداً من أن الشعب كله لن يصحو من نومه العميق حتى وإن صرخ الفنان محمد صبحي ونزل من فوق خشبة المسرح يهز كل مشاهد ليوقظه من سباته المتواصل،لن يتجاوب معه أحداً فمثلما كنت أنا أفتح فاهي أمام من يتكلم أمامي بكلمتين سياسة كالأهطل كان الشعب كذلك منبطحاً على وجهه لا يرى إلا ما تريده السلطة أن يراه عن طريق أقراص الهلوسه والصرصرة القادمة من أبواق إعلام السلطة ومثقفي الحاكم والمعارضة الكرتونية الهشة التي تعايشت مع أصحاب المصلحة كالعائل والطفيل،كما أن نظام مبارك نفسه كان يحتاج أحياناً،مثله مثل غيره، لأن يضع أمام أمريكا موقفاً مستفزاً ليقول لها أن مصر مازالت تتحرك أو لا تتحرك،الأمر سيان،ولكن لابد أن يكون دائماً بين العبد وسيده بعض المناوشات التي تعطي للحياه معنى أو بعض المصلحة المتيادلة.
أنا اليوم حزين على نفسي وعلى وطني،حزين لأني أعلم أن الشعب المصري مازال كما كان،وكلمات "الشعب العظيم صاحب حضارة السبع آلاف سنة والفراعنة والشعب الواعي الفاهم اللي محدش يقدر يضحك عليه"،كل تلك الكلمات تحولت للبوس يأخذه الشعب ليشعر بالفرح ويعيش على التاريخ دون أن يقدم أي جديد في مستقبله،ولكن في الحقيقة الشعب لم يعد يملك من الثقافة إلا التفاهه والسحطية التي حولته إلى مسخ يسمع مايضخ له في عقله ضخاً ثم يعاود فيردده كالبغبغان دون أن يفهم منه شيئاً.
اصرخ يا محمد صبحي،اصرخ يا كل من استيقظ لتوه من نومه العميق وتأكد أنه لن يسمعك أحداً فمازال الشعب نائم كما كان نائماً بفعل مهدئات الإعلام المشعوذ الذي يطلب أذنك ليملؤه حقداً فوق حقدك وفي نفس اللحظة يمد يده لجيبك ليسرق منك مقابل الفتنة .

وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق