الجمعة، 19 سبتمبر 2014

الروتين مشكلة مصر الحقيقية




في عام 2011 اطلعت على خبر يقول أن مجموعة من الشباب المصري إخترع أول سيارة بدون سائق وتستطيع التحكم بها من خلال الكمبيوتر ولكننا بعد ذلك لم نسمع شئ جديد عن هذا الموضوع وكأنه نكته عابرة مرت علينا لم تضحكنا أو افتكاسة رداً على صناع فيلم عسل إسود للفنان أحمد حلمي الذي تم عرضه في العام السابق له وكان به مشهد لأمريكي من أصل مصري استأجر سيارة بخاصية الـGPS لتحديد الإتجاهات لأنه كان ينوي زيارة بعض المعالم الأثرية في مصر وأراد الإستعانة بها في الذهاب بسهولة إلى تلك الأماكن ولكن كالعادة المصرية خرائط تحديد الأماكن تاهت في مصر وذهبت بأحمد حلمي إلى القلعة على أنها أهرامات الجيزة ، وعدم وجود خرائط لمصر واضحة بطرق محددة بها نستطيع أن نضع نقطة البداية ونقطة النهاية مشكلة واقعية يعلمها القاصي والداني .
ومن أجل إيجاد حلول عملية تتيح استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطويعها مع الواقع المصري ظهر تطبيق اسمه وصلني ومن خلاله أو عبر موقعه الإلكتروني تستطيع أن ترسل له وجهتك ليدلك على أفضل وسيلة مواصلات تستقلها لتصل بأسهل الطرق أو تدلك على أفضل الشوارع ولكن العشوائية في الشارع المصري وعدم تعود المواطن على استخدام الإنترنت في مثل تلك الحالات جعلت التجربة تبدو متواضعة رغم تبني أحد شركات المحمول للفكرة وسبحت في بحر من رفض الواقع المصري لها.
من أيام سمعنا عن أول ظهور فعلي للسيارة التي تسير بلا قائد والتي أنتجتها شركة جوجل العالمية وأنها ستسير بالفعل بشوارع لندن مطلع عام 2015 أي بعد شهور قليلة جداً وستنتشر بأمريكا وأوروبا كلها خلال فترات وجيزة ، والسؤال الآن ، ألم تكن هذه هى نفس فكرة الشباب المصريين وخرجت للنور منذ عام 2011 ولماذا لم تنفذ ، أم أنها لمجرد أنها تقنية بتصنيع أمريكي سترى النور ، وإن أراد الجانب الأمريكي أو الأوروبي الترويج لها وبيعها بمصر ستفعل مثلما تفعل الصين حين تبحث كيف توائم منتجها طبقاً لمتطلبات السوق المحلي والتغلب على المعوقات ، ولماذا لم نستطيع نحن أن نطوع إختراعنا رغم أنه كما يقولون أهل مكة أدرى بشعابها .
الجواب متمثل في الروتين ، الروتين العقلي من جهة والروتين الوظيفي من جهة أخرى ، روتين جعل منظومة عقولنا لا تستجيب لإشارات التطوير والتحسين ومواكبة العصر ، فهو العدو الأسوء الذي يواجه قاطرة التنمية الآن ، وعلينا أن نواجه التأخر الفكري للكثير من القيادات وأصحاب القرار الذين تعودوا أن يحافظوا على نمط السير داخل الحيط والسير على درب من سبقوهم خوفاً على كراسيهم ومناصبهم وخشية المخاطرة والشجاعة التي تتطبلها الرؤى الجديدة في الفكر والتحديث .
اليابان أو أي دولة متقدمة أخرى ليست أفضل منا في شئ ، فنحن لدينا العلماء والمخترعين والعباقرة والمتفوقين ونملك أدوات النجاح ولكننا نخشى التغيير الذي يؤدي للنجاح والسبب مجموعة ممن يطلقون عليهم رجال الصفوف الأولى عاشوا وسيموتون على نسق التفكير الرجعي وللأسف هؤلاء يطلقون عليهم الصفوة ولكنهم في الحقيقة ليسوا إلا أجساد تلتصق بكراسيها وتحميها من زلازل التكنولوجيا والتقدم العلمي حتى فصلونا عن العالم بواقع متردي مخيف .
علينا أن نواجه الروتين المصري حتى ننتصر عليه وننتصر لأنفسنا وعلى الدولة التي تبدأ الآن مرحلة جديدة بأن تتبنى العلماء والمخترعين والباحثين وأن تقدم أهل العلم والثقافة وأصحاب الخبرة في التطوير والشباب وعليها أن تطيح بالفكر القديم العقيم الذي لا ينجب إلا تخلفاً ورجعية فمصر في تلك المرحلة تحتاج إلى تطبيق فكر مختلف جرئ وغير تقليدي حتى نستطيع أن نحقق ما نحلم به في أقرب وقت ونتفوق على الآخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق