الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

الكلام الحرام


الفتوى الأخيرة التي أصدرتها دار الإفتاء المصرية بخصوص تحريم الشات بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه إلا لعذر وضرورة تعتبر من الفتاوى الجديدة في هذا الشأن وتدق جرس إنذار لرواد شبكات التواصل الإجتماعي وتضعهم ضمن المتحدثين بالكلام الحرام ، والفتوى جريئة وحديثة في هذا المجال ولكنها ليست المرة الأولى التي تخرج فيها دار الإفتاء عن الأمور التقليدية المعتادة في الفتاوى ، فقد أوصى مرصد فتاوى التكفير التابع لها منذ أيام بضرورة إصدار ميثاق شرف أخلاقي لمستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي لما لاحظوه من خطر داهم يهدد المجتمع ، ويبدوا أن دار الإفتاء قررت أن تقتحم لغم الشات وتواجه آفة العالم الحالية المتمثلة في المحادثات الإلكترونية بين الجنسين ، وفي هذا تطوير وتحديث للفتوى في الإسلام وبرهان على مواكبة العصر وهذا أفضل مميزات الفتوى الشرعية التي لابد أن تراعى الزمان المكان واختلاف الظروف ومستجدات الأمور ، وعلى هذا الدرب أيضاً سار الأزهر الشريف في خط موازي لدار الإفتاء وانطلقت تصريحات على لسان الكثير من علمائه يؤكدون أن تحريم الشات درء للزنا وكأن لسان حالهم يقول أنه مثل الخمر ، وقد حرم الله الخمر ، فعلى الرغم من أن به منافع إلا أن أضراره أكبر من نفعه بنص القرأن الكريم ولذلك فتحريمه أفضل للبشرية وكذلك الشات قد يكون به منافع مثلما تقول الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من أجل منفعة ما أو تعارف إنساني أو لتقديم مشورة ولكنه يشجع على فوضى أخلاقية كبيرة في المجتمع مثلما قال الدكتور محمد محمود هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر.
وفي الحقيقة فإن دار الإفتاء تأخرت كثيراً في الإنتباه لهذه المشكلة التي تكاد تمثل المصيبة الأكبر في عالمنا المعاصر ، فشباب اليوم أصبحوا يعتمدون إعتماداً كلياً على هذا النوع من أنواع التسلية لقضاء معظم أوقاتهم في متعة إلكترونية كاذبة ، وربما لزيادة حجم البطالة وعدم وجود عمل للشباب والبنات أتاح لديهم وقت كبير جداً من الفراغ وكذلك تأخر سن الزواج لدى الجنسين وانتشار أجهزة المحمول رخيصة الثمن ذات تقنية الإنترنت ورخص باقات الإنترنت مما يجعلها متاحة للجميع ، كل ذلك جعل الهروب إلى الدخول في الشات متعة كبيرة ورغبة ملحة لدى الطرفان على أساس تبادل المنفعة وقضاء وقت سعيد بدون خوف أو رقابة .
وتأخر دار الإفتاء في إخراج الفتوى يدعو للتساؤل عن أسباب غض الطرف طوال السنوات الماضية عن مثل تلك الحالات رغم أنه بالتأكيد وصلت لها الكثير من طلبات الفتوى التي تكشف النقاب عن وجود مشكلة جديدة في حاضرنا فيما يخص الشات ولم تلتفت لها إلا بعد أن استفحل وصار إدماناً وأصبحت المواجهة صعبة ومعقدة ، فمشكلة الشات لم تعد تقتصر على النصب الإلكتروني أو الإستغلال أو سبباً في زيادة حالات الطلاق أو تدني الأخلاق فحسب وإنما تعدته لتصبح بيوتاً للدعارة ومهنة ومأوى عشوائي خطير ، أجل فالشات الآن يستخدم من قبل الشباب والفتيات في مواقع أخرى غير مواقع التواصل الإجتماعي لممارسة مايسمى بالجنس الإلكتروني وهو النوع الذي يلجأون إليه لتبادل المتعة بالوهم ومنها حالات تصل لحد اللقاء وممارسة الرزيلة ويكون السبب الشات وهناك شبكات للدعارة تعتمد عليها للتسويق لنشاطها واصطياد الضحايا ، كل ذلك يؤكد على أن المشكلة بدأت منذ سنوات وتحولت من تسلية إلى مهنة وإدمان ؛ مهنة لتجار الجنس وإدمان لمن يهربون من واقعهم إلى براثن الوهم .
إن فتح ملف مواقع الشات الإلكتروني كان مطلباً ملحاً فرضه الواقع رغم تأخره ، والفتوى بتحريمه لن تحل مشكلته ولن تمنع من إستخدامه لأنها قضية تعدت حدود المشكلة وتحولت إلى زلزال صار يضرب المجتمع ويهدد أخلاقه ويحتاج إلى آليات أعمق من ذلك تتماشى وحجم الكارثة ، وإن كنا فعلاً  نريد القضاء عليها لابد أن تُحل مشاكل المجتمع التى أدت لوجود تلك الظاهرة ، ودراسة الأسباب أهم معيار لوضع الحلول الصحيحة والمنطقية والفعالة ، ومن تلك الحلول أن تحاول الدولة إيجاد فرص عمل للشباب للقضاء على أوقات الفراغ الكبيرة لديهم ، الفراغ ياسادة أهم سبب ويؤدي إلى حدوث مصائب لا يتخيلها عقل ، ولابد من تغير ثوابت وتقاليد المجتمع البالية تجاه الزواج وتيسيره ، وضرورة وجود رقابة من قبل الأسرة والمدرسة على سلوك أبنائنا وتوجيههم للإستخدامات المفيدة للتكنولوجيا الحديثة ، هذه بعضاً من حلول كثيرة يمكن للمتخصصين أن يبدأوا منها في طريق حل المشكلة التي بدأت دار الإفتاء ومشيخة الأزهر الشريف إقتحام دهاليزها وعلى المجتمع المدني كذلك أن يشارك بقوة في التصدي لها.
وفقي فكري
#فيس_بوك
#شات
#مشيخة_الأزهر
#دار_الإفتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق