ألم يكن اليوم غداً ثم جاء فقلنا غداً إن شاء
الله نفعل ولم نفعل شئ ، إن الغد باب المستقبل ومع المستقبل نبدأ بالتسويف وتقديم
مشيئة الله على كل طموحاتنا وآمالنا ولكننا إكتفينا بالتواكل على الله ولم نقدم
لأنفسنا شئ سوى الأمنيات ، غالباً ما نرجوا أن يكون الغد القريب لنا لا علينا ،
نطمح أن نحقق فيه الكثير والكثير ثم يأتي الغد فلا نفعل مما دعونا به إلا تأجيل
الدعاء إلى اليوم الذي يليه وربما لن يأتي اليوم الذي نطمحه حتى يأتينا اليقين.
إن عزمت فتوكل على الله ، هكذا علمنا ديننا ،
فالتوكل يلازمه العزيمة والعمل يلازمه الجهد والعرق ، وإن أجلت عمل اليوم إلى الغد
فستؤجل عمل الغد إلى مالا نهايه ثم تجد نفسك في النهاية طوفت في دائرة مفرغة لا
توصلك إلا لخيبة الأمل وضياع الأيام ومن ذهب يومه ذهب بعضه ومن ذهب بعضه أوشك أن
يذهب كله كما قال الإمام الحسن البصري .
نحن نعلم أطفالنا التفاؤل ونشجعهم على فعل
مانريد بأن نعدهم بالغد ، نقول لهم غداً إن إجتازتم الإمتحان فسوف نشتري لكم
الهدية التي تحبونها ، نزرع في أولادنا الصغار الأمل في المستقبل ونقلعه من داخلنا،
سمعنا من آبائنا عن الغد وأعتقدنا أنه بمجرد أن يأتينا لن يسعنا إلا أن نمد أيدينا
لنلتقط ما حلمنا به فلا نجد إلا السراب حتى تحولنا إلى عجزة وعالة على المستقبل
ولم يعد المستقبل يطيقنا ولم نعد نثق في مستقبلنا ، فخبنا وخاب أملنا وأصبحنا نلوم
على كل شئ إلا عجزنا وفشلنا فسميناها قلة حيلة وعلقنا الأسباب كلها على الزمن .
ياصديقي ليس الزمن هو المخطئ وليس الغد هو
السبب فيما نحن فيه ، إنما خُلق الله الغد ليبعث فينا الأمل والرغبة في اكتشاف كل
جديد ، افعل اليوم ما تستطيع على أقصى ما تملك من طاقة فاليوم حين يأتي يناديك
" يابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة"
، اغتنم يومك ولا تنتظر الغد فربما يكون اليوم هو أخر عملك وإن جاءك غدك فقد أضفت
إلى إنجازك إنجاز جديد ونجاح أخر ، لا تحول الغد إلى معول هدم ، بل اجعله بارقة
أمل نحو تحقيق طموحك ودليل على رغبتك في أن تحيا حياة لها هدف ، حياة صالحة تجعلك
ترضى عن نفسك وعن عملك وترفع من قدرك وقدراتك .
لماذا تقول غداً أفعل ، قل اليوم أفعل مثلما
فعلت أمس وغداً سأفعل أفضل مما فعلت اليوم وسابق نفسك على فعل الصواب ولا تقلل من
نفسك أو من عملك ، فالعمل مهما قل مستواه فهو حتماً يرفع شأن صاحبه وينقله من
درجات سلم الحياه الدنيا إلى الدرجات العلا ، لا تنظر إلى من أضاع حاضره ومستقبله
فتحسر على ماضيه وكن ممن يقتدي بمن اغتنم حاضره وعمل لمستقبله فحصد ماضٍ يتحدث عنه
التاريخ وتتناقله الأجيال ، كن أول من يبدأ من اليوم بالتحرك خطوة نحو العمل ، لا
تنتظر غداً وسيرفعك الله بعملك درجات وسيأتي الغد ليرفعك أكثر وأكثر ، هيا معاً
نبدأ وندعوا من نحب لنبدأ بالتفاؤل نحو العمل فبالعمل وحده تحيا الأمم وترتقي
الأنفس .
وفقي فكري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق