الأحد، 22 يونيو 2014

مصر الأكثر تعاسة بين الشعوب والأقل إنتحاراً لماذا ؟





بقلم : وفقي فكري 
مصر دائماً تعشق أواخر الترتيبات العالمية في كل الإحصائيات التي تخرج عن المنظمات العالمية ، ولن تجدها مطلقاً في أوائل أي قائمة إلا إن كانت تلك القوائم لإحصائيات عن فساد أو فقر أو غيره ، وعلى هذا الغرار يأتي ترتيب مصر في قائمة الدول الأكثر سعادة كالعادة في المراكز الأخيرة في زيل قائمة احتلت الدنمارك قمتها كأكثر دول العالم سعادة وبالتأكيد دول أوروبا وأمريكا الشمالية كانت الأوفر حظاً في الترتيب ، وسنؤجل حديثنا الآن عن لماذا مصر تحتل المركز الـ 130 من ضمن قائمة ضمت 156 دولة على مستوى العالم ضمن القائمة التي صدرت عن شبكة حلول التنمية المستدامة التي تطلقها الأمم المتحدة لترتيب الدول الأكثر سعادة في العالم مطلع العام الجاري ، ولنحاول معاً أن نستوضح عن أسباب سعادة الدنمارك وماهو مفهوم السعادة لديهم وهل السعادة مرتبطة بتقدم وثروات أم أخلاق شعوب وعادات وقيم .
لقد قرأت تقريراً حول الدنمارك بدافع الفضول لأطلع على أسباب تلك السعادة فوجدت أن الدنمارك من الدول الصغيرة حيث يقطن بها 6 ملايين نسمه فقط وأن بها 400 جزيرة وبالتالي فالماء والطبيعة الخلابة تحيط بها من كل جانب ولكن ليس هذا هو السبب فهناك دول أصغر وأقل في عدد السكان ولا تحتل ترتيبات متقدمة مثلها ، وأيضاً هناك دولاً بها مناظر طبيعية خلابة وتحتل ترتيباً أقل ، إذاً السبب لا يختبئ وراء تلك الأسباب وحدها ولكن هناك أسباب أخرى ، حين قرأت عن شعب الدنمارك وجدته أكثر شعوب العالم وعياً بالحقوق وبالتالي الأكثر مساواة بين الطبقات والأول في مستويات التعليم والصحة والسكن والعمالة وخدمات الحكومة والدعم الإجتماعي ونسبة صرف المواطن الدنماركي على الترفية أعلى ، كما أن نسبة ساعات العمل إلى ساعات الأجازات أعلى ، وأن الدنمارك الأعلى في مؤهلات السكان (الأكثر تعليماً) والأكثر تسامحاً (الأكثر تأدباً وأمناً ورضا ) والأقل في البيروقراطية والأولى في العالم في قلة الفساد ، عندما تعرفت على تلك الأسباب اتضح لي أن مصر تعاني من تأخرها في قائمة الدول الأكثر سعادة لسبب بسيط وهو أنها ليس لديها المعطيات التي في الدنمارك فلا هناك مساواه بين طبقات المجتمع المصري حيث هناك من يزيد دخله عن مليون جنيه شهرياً في مصر وأكثر وهؤلاء ربما يمثلون أقل من 0.5% من الشعب المصري وبقية الشعب يتراوح دخله من 12 ألف إلى أقل من 6 آلاف في العام ، ولدينا تدني رهيب في التعليم والصحة ومستوى السكن وإهانة العمالة وروتين حكومي في تقديم الخدمات للمواطنين والأسوأ في توزيع الدعم ، كما أن الترفية لدى المصري لا وجود له لعدم وجود دخل يسمح بذلك أو أماكن رخيصة يمكنه التنزهة بها ، ورغم أن مصر بها ملايين يحملون شهادات عليا إلا أن نسبة البطالة بين هؤلاء وصلت لأكثر من 70% مما يجعل أهمية تلك المؤهلات بلا أدنى قيمة بالنسبة لتأثيرها في الوطن بل تعد عبئاً إضافياً على المجتمع ، أما عن التسامح فتحول في مصر إلى سلبية وحل محلها الشقاق المجتمعي والإختلاف الواضح ، وتحتل مصر المركز الـ 114 في قائمة الدول الأقل فساداً ضمن قائمة شملت 177 دولة ، فالفساد في مصر للركب كما يقولون .
وفي النهاية أختتم مقالي هذا باستوضاح استوقفني كثيراً عن لماذا مصر رغم تأخرها في كل المؤشرات الإيجابية على مستوى العالم تعتبر من أقل الدول التي يقدم مواطنوها على الإنتحار ورغم أن الدنمارك تحتل المركز الأول في السعادة ومكافحة الفساد والمساواه والعدل تعد من أكثر الدول التي يقدم مواطنوها على الإنتحار ، علامة استفهام جديرة بأن نبحث فيها فربما نجد في التاريخ الإجابة عن هذا السؤال المحير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق