![]() |
سنظل نكتب حتى تنكسر أقلامنا أو يسمعنا أحد |
تابعت على مدار يومين الجزء الأول والثاني
للقاء الذي أجرى مع عبدالفتاح السيسي المرشح لرئاسة الجمهورية ، وبالإضافة لرفضي
أن يترشح من رعى حركة 3 يوليو 2013 ومن أعلن عن خارطة الطريق لخوض انتخابات رئاسة
جديدة بعد عزل مرسي ، لأنه أعلن وقتها أنه لا يطمح في منصب ولا يسعى وراء ذلك ولأن
مخالفته لوعده يضعه في حيز الحانث به مثلما فعل الإخوان المسلمون في انتخابات
رئاسة 2012 ، أضيف إلى هذا السبب أسباباً أخرى أعزز بها موقفي في رفضي السيسي
كمرشح للرئاسة ومنها أنني حين تابعت بدقة الجزء الأول والثاني من لقاء السيسي مع
لميس الحديدي وابراهيم عيسى تأكد لي بدون شك أن هذا الرجل مرشح الجيش وليس مرشحاً
مدنياً مثلما يدعي المساندين له ، فليس كل من خلع الزي العسكري ولبس البدلة أصبح
مدنياً ، وخلال حديث السيسي أكد بلا أدنى شك أن الجيش في قلبه وهذا حقه وحق كل
مصري وحقي أنا أيضاً أن يكون الجيش في قلوبنا جميعاً ولكن ماذكره خلال استعراضه
لخطته الطموحة لإصلاح البلاد بعد توليه الحكم وتكراره للفظ الجيش كثيراً جداً خلال
استعراضه لبرنامجه الإصلاحي واستعماله للفظ نحن كإشارة له وللمؤسسة العسكرية تؤكد
على أن الجيش سيكون شريكاً في الحكم من خلال مؤسساته المختلفة التي سيكون لها
الدور الفاعل والأول والرئيسي في تنفيذ خطة السيسي الرئاسية ، وهذا من وجهة نظري
خطراً كبيراً ، ليس بسبب أن يكون الجيش هو المتحكم في كل شئ مدني بمصر وحسب ولكن
لإختلاط الحياة العسكرية بالمصالح القومية للشعب وإقحام الجيش مثمثلاً في هيئته
العسكرية ومصانعه الحربية وشركاته وكافة مؤسساته في نطاق المنافسة على المكسب
والخسارة خارج أسوار مؤسسته العسكرية مما يولد معها مصالح له ينشأ عنها صراع
لحمايتها في المستقبل ويقزم من المؤسسات المدنية الأخرى ، وهذا ظهر جلياً في رد
المشير على سؤال لإبراهيم عيسى خلال اللقاء عن دور المؤسسات المدنية مع الجيش في
إنجاز المشروعات العملاقة التي تستهدفها خلال فترة رئاستك مجيباً بأنهم سيكونوا
شركاء من خلال الجيش ، أي أن الجيش سيكون صاحب الدور الرئيسي وغيره سيكون من
الباطن بحجة سرعة الإنجاز وجودته ، كما أنه ظهر من خلال إدارة الحوار أن السيسي
يتسم بالحدة والإنفعال اللذين ظهرا عليه بشكل واضح أثناء استخدام ابراهيم عيسى
للفظ "العسكر" وما أثاره من غضب لدىه محذراً إياه من تكرار استخدام هذا
اللفظ الذي يعتبره إهانة للجيش المصري ، وإن كان بعضنا أو كلنا متفقين معه في هذا
إلا أن الحدة التي تبناها مع إبراهيم عيسى تقلق كثيراً في حال أراد الشعب أن ينتقد
قيادات الجيش في المستقبل بأي شكل ، ويؤكد ما أقول من حدة لدى السيسي ما أجاب عليه
أثناء سؤال لميس الحديدي له عن رد فعله في حال خروج مظاهرات فئوية تطالب بتحسين
الأوضاع أثناء حكمه أو حدوث إنتقاد له ولسياساته حيث رد عليها بأنه لن يقبل
التجاوز من أي نوع وأن القانون سيأخذ مجراه ، ونحن نتفق معه على أن القانون لابد
أن يأخذ مجراه ولكن كلمة التجاوز هى مطاطة وغير واضحة المعالم في ظل تقديره الفردي
لمدى هذا التجاوز وطريقة التعامل معه إن حدث ، وهذا قد يبشر بميلاد حاكم ذو ملامح
عنيفة لا تسمح بانتقاده أو حتى توجيه لوم له مثلما اعتاد الشعب بعد ثورة 25 يناير
الفاشلة ، وربما وجود الجيش بجواره وتحوله إلى أداه هامة للتمكن من الحكم ستجعل من
فترة حكمه كبتاً للحريات ومنعاً لإبداء الأراء حتى وإن كانت معتدلة لأن تقييمها
سيخضع في كل الأحوال لتقديره وتقدير مساعديه فقط وسيكون رده في هذه الحالة مؤلماً
للجميع ، كما أن إعلانه خلال الحوار على أنه لا تصالح مع الإخوان المسلمين يعني
أنه رضى باستمرار الإنقسام بين طوائف الشعب في ظل وجود فصيل شعبي مع الإخوان وهذا
يعني أنه سيستخدم القوة الرادعة لكبت هؤلاء ومنعهم بالقوة من الإنخراط في أي عمل
سياسي مستقبلاً مما سيبرر استمرار العنف بالشارع المصري من قبل تلك الطائفة
الحانقة عليه وكان من الأفضل أن ينهي هذا الإنقسام ويدعو لمصالحة عامة مع الجميع
من أجل العمل وبناء مصر الذي يدعو إليه من خلال برنامجه الإنتخابي ، وفي المجمل
فإن الحديث الذي أجراه السيسي بجزئية ترك لدي إنطباعاً بالشعور بالخوف في حال نجاح
السيسي في الإنتخابات المقبلة ويؤكد وجهة نظري السابقة التي ناديت بها من قبل
ومفادها أن السيسي هو المرشح الرسمي للمؤسسة العسكرية وهذا يعني أن أي خروج عن
الحاكم سواء بالإعتراض أو بثورة ثالثة سيكون مصيره مفجعاً لأن التحدي في هذه المرة
سيكون للجيش نفسه وليس للرئيس وسيتبنى الجيش سياسات شديدة وصعبة من أجل الإستمرار
في الحكم وهذا مردوده سيئ للغاية وخطير جداً ، وفي النهاية ما ذكرته مجرد تحليل
للقاء السيسي الأخير وادعو الله أن يخيب ظني وأن يختلف الوضع عن تقديري في حال
وصوله إلى سدة الحكم وأن يصلح أحوال مصر وأن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل .
وفقي فكري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق