الثلاثاء، 20 مايو 2014

وطن لا يحترم علم ولا علماء






في عام 2004 تم فصل شاب مصري يعمل مدرساً بكلية العلوم جامعة القاهرة  بعلوم الفضاء لأنه طلب من إدارة الجامعة تجديد فترة الأجازة له لاستكمال دراسته في فرنسا ويقال أنه تم فصله بسبب انتقاده للفساد والتعنت الإداري وقتئذ بمصر ، وقتها كان راتبه الشهري يبلغ 48.5 جنيه ، حاول أن يقنع المسئولين بأهمية مايقوم به من أجل بلده ولكن كل الآذان كانت صماء لا تسمع لأي شئ ، بعدها سافر إلى فرنسا بمنحة مقدمة من الحكومة الفرنسية لاستكمال رسالة الماجستير والدكتوراة ، توجه هذا الشاب لإعتماد المنحة التي لم ولن تتكلف فيها الحكومة المصرية مليماً واحداً  من المحلق الثقافي المصري بفرنسا وقت أن كان هاني هلال سفيراً هناك ولكنه قابل التعنت مرة أخرى ولم يتم الموافقة عليها إلا بعد عام كامل عمل خلاله في مقهى بفرنسا ليحصل على قوت يومه ووقفت معه الجالية المصرية هناك وجمعت تبرعات له ليكمل مصاريف الدكتوارة ، والطريف أن من تكفل بإقامته مجاناً كان إنسان مصري بسيط مسيحي يدعى كمال ، انتقل بعدها إلى العمل في وكالة أبحاث الفضاء (ناسا) وأصبح رئيس قسم اكتشاف المياه والحياه في المجرة الشمسية واليوم يعود إلى مصر كعالم بارز في علوم الفضاء . أتعلمون عن من  نتكلم إنه العالم المصري الدكتور عصام حجي الذي يشغل الآن منصب المستشار العلمي للرئيس المصري ، واضطررت إلى سرد تلك المقدمة الطويلة لأثبت لكم نظريتي في معاملة الدولة المصرية لعلمائها ومبتكريها ، الدكتور عصام حجى قال في أحد المقابلات التلفزيونية "... البحث العلمي في مصر ملوش قيمة لأنه ملوش دور ... استبدلنا العلم بالفهلوه وبالغيبيات... مشغولين بصورتنا أمام العالم وغير مشغولين بصورتنا أمام أنفسنا " ، فبعد أن كان مضطهداً ومغضوباً عليه عاد إلى مصر بعد سنوات وهو عالم كبير تتلقفه القنوات الفضائية المصرية لتجري معه حوارات عدة ، والعجيب أن تلك القنوات لم تجري معه مقابلات من أجل العلم ولكن من أجل ركب الموجة وكما يقولون كسبوبة تجلب لهم مزيداً من الإعلانات فلا يعنيهم من هذا على قدر كم من المشاهدين سيجلب لهم هذا الرجل ، وحال الدكتور حجي وقصته تتطابق مع المئات من عباقرة وعلماء مصر الذي هجروا وطنهم بسبب العقم العقلي والتخلف الروتيني في التعامل مع العقليات المتميزة وأخرهم الطفل عبدالله عاصم الملقب بالمخترع الصغير الذي حبسته الداخلية المصرية ومنعته من السفر بحجة أنه بلطجي ولفقوا له عشرات التهم ، ونفس القنوات التي كانت تدافع عنه ليتم الإفراج عنه للسفر إلى أمريكا للمشاركة في أحد المسابقات العالمية هي نفسها التي لعنته بأسوء النعات وصبت عليه جام غضبها لأنه رفض أن يعود إلى مصر خوفاً من الإعتقال ، هكذا تقاس الأمور في وطننا ، فالصواب والخطأ يتم قياسه حسب مقتضيات السلطة وأراء وأهواء القادة ، فمن يدافع عنك في الصباح ليس غريباً منه أن يتهمك بالخيانة والعمالة في المساء طالما كل شئ في يد الإعلام الذي يجد في تلك المواد الإعلامية تربة خصبة لترويج برامجها وجمع مزيداً من المال على حساب مصر على غرار تجار السلاح في أوقات الحروب ، هكذا يُعامل شبابنا وهكذا يتم القضاء على علمائنا ومخترعينا وعباقرة بلدنا مصر ويعودون ويندهشون متسائلين لماذا يهرب الشباب من وطنهم ولماذا ينجحون في الخارج ، لإنه حقاً وطن لا يحترم علم ولا علماء .
وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق