![]() |
سنظل نكتب حتى تنكسر أقلامنا أو يسمعنا أحد |
كنا في الصغر ومازلنا نسمع ونعلم عن أهلنا بالصعيد وشهامتهم والنخوة التي
زرعت فيهم وحين يُسأل أحدهم عن أهل أسوان يبادرك على الفور بأنهم رمز للطيبة
والتسامح ، ولكن الآن ماذا حدث ؟؟!!
لماذا تحول الحال وتبدلت الصفات وأصبحنا نجد كل هذا الكم من العنف بين أهل أسوان ، هل تحولت سمات أهل
الصعيد وجرى عليهم مايجري على أهل الدنيا ، أم أن المصريين جميعاً أصابتهم اللعنة
وتحولوا إلى أفغانستان أخرى ، الآن نشاهد مصاباً ملقى على الأرض فلا يبادر أحداً
بالإطمئنان عليه خوفاً من أن يكون فخاً منصوباً له وخطر يداهمه ، أصبحنا نجد
المتسولين أكثر من الفقراء الحقيقيين الذين يتكففون قوت يومهم في عفة وكرامة فلم
نعد نعطي سائلاً مسألته خوفاً من أن يكون من هؤلاء النصابين ، كنا قديماً حين تنشُب مشاجرة
بين اثنين تجد "ولاد الحلال" كما كان يطلق عليهم يتدخلون بين طرفي
النزاع وتنتهي المشكلة بالتراضي والعتاب بين الطرفين ، كان الشباب حين يجد مسناً يتسابقون لترك مقاعدهم له ليستريح من الوقوف والآن الشباب يجلس في بجاحة متجاهلاً كبار السن وذوي الإحتياجات الخاصة في سفور بلا أدنى مبالاه لمعاناتهم ، كنا وكنا وكنا وكل ذلك ذهب
وأصبح من التراث المندثر، كيف أصبحت أخلاقنا متدنية إلى هذا الحد ، لماذا لم نعد
نتحمل بعضنا البعض ، أين ذهبت صفات المصريين من التسامح والكرم والعفو والمساندة
والترابط والتآلف ، لماذا حل محلها العنف على أتفه الأسباب ولماذا وكيف انتشر كل
هذا الكم الهائل من السلاح بين المواطنين ، أين القدوة وأين إحترام الكبير ، لماذا
إندثرت كل تلك الصفات من بيننا .
إن ما يحدث في أسوان الآن مؤشر على إنحراف القيم وتغير
السلوك المصري إلى الأسوأ وخاصة أنه يحدث في منطقة عُرف عن أهلها الكرم والطيبة
والتسامح ، ولعل ما أجده يبرر ذلك هو غياب العدل والفساد والظلم الذي انتشر بكثرة ،
فمجتمعنا تحول إلى خرابة يسودها التربيط والشللية وخصوصاً بعد أن دب في قلوب
المواطنين اليأس من حدوث أي تغيير بعد أن كان الأمل قد انعقد على الثورة من أجل
تحقيق حُلم المواطن المحطون والحقيقة فإن الثورة طحنته أكثر وهشمَت أوصاره أكثر
وأكثر ولم يعد أمامه أي بريق أمل أو حلم ينتظر ويصبر لتحقيقه.
ظاهرة العنف التي تحدث في أسوان الآن ليست هى الأولى ولن
تكون الأخيرة والمجتمع المصري أصبح على حافة الهاوية والقدح يغلي فوق لهيب من
الغضب والشعور بالظلم ، ولن يتوقف التصعيد إلا إن فار التنور وأنفجر القدر أو
ألهمنا الله الإخلاص إليه ومنع عنا مفسدين الأرض أن يعثوا فيها ومكن الحق من أمره
وهزم الباطل وأهله .
وفقي فكري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق