الأحد، 23 مارس 2014

"وحدة الإستشعار والتواصل المجتمعي والدعم" لإنقاذ عمال المقاولون العرب




يكتبها : وفقي فكري
من المؤكد أن شركة عملاقة مثل شركة المقاولون العرب لديها امكانيات وحلول بديلة للمشكلة التي بدأت تظهر مؤخراً بها والتي هى في الأساس إنعاكساً طبيعاً لحال مصر كلها ألا وهي عملية الإضراب عن العمل والإعتصامات داخل فروع وإدارات الشركة ، ولعل الفترة الأخيرة التي حدث بها إضرابات عديدة بسبب الشائعات حول تأخر صرف الأرباح ونسب صرفها والإعتراضات على سياسات بعض المدراء لهو أقوى دليل على حدوث تطور في تعاطي العمال مع المشاكل والتصعيد ، فلم تعد الحلول التقليدية والمتبعة منذ عهود تجدي مع مثل تلك المواقف وبالتأكيد تخسر الشركة بسبب ذلك تعطل آلاف العمال عن العمل لأيام مما يكبد الشركة الملايين ناهيك عن تأخر جداول الأعمال والإلتزامات مع العملاء واستغلال بعض المبغضين لتلك الظروف لتشويه صورة الشركة والنيل من سمعتها الشماء .
والحل هو التفكير في حلول غير تقليدية ودائمة مهمتها مواجهة هذا السلوك ، بل والعمل علي استباق استشعاره مسبقاً ومواجهته قبل الحدوث بحلول سريعة تنبع من دراسة حقيقية وحلول تتوافق مع تلك الظروف الإستثنائية علي غرار نظريات أساليب إدارة الأزمة والتفاوض بين جميع الأطراف ، وفيما سبق حاول المهندس إبراهيم محلب تطبيق مثل تلك الأساليب غير التقليدية في أعقاب ثورة يناير 2011 من خلال تعليمات بتشكيل لجان بكل فرع تسمي " لجان حل الأزمات والمشاكل" وحددت لها مهام معينة وهي العمل على حل المشاكل قبل أن تتحول إلي أزمات يعصب معها الحل من خلال التواصل مع العاملين ، وقد تكون تلك اللجان ساعدت بعض الشئ في المرور من النقطة الحرجة وقتها ولكنها كالعادة لاقت الروتين الوظيفي وسرعان ما تلاشت وأصبحت في خبر كان مع عدم نجاح نظرية اللامركزية في إدارة الأزمات.
ولو ذهبنا أبعد من حقبة قيادة المهندس إبراهيم محلب للشركة سنجد أن مؤسس الشركة تعامل مع العاملين بنفسه وتواصل معهم بشكل شخصي وحرص على أن يتعرف علي مشاكلهم وهموهم كأخ لهم وليس رئيس عمل فلم يمر يوماً ووجد عمال يأكلون حتي جلس معهم وشاركهم طعامهم ولم يسلم على عامل إلا ووضع في يده بعضاً من النقود كرمز للمساندة والإخاء ، وماترك مناسبة أو عيداً إلا وأرسل التهاني للعمال أفراداً وجماعات وماخرج عاملاً للمعاش إلا وكتب اسمه في سجل الوفاء والولاء ونظمت حفلات جماعية كل عام للإحتفاء بهؤلاء .
وبما أن كل هذه الصفات من التواصل مع العاملين اختفت وحل محلها الجفاء وتغيرت الأوضاع والأحداث والدنيا كلها ، فقد أصبح العامل يشعر بأنه يعزف منفرداً على أوتار متاعبه ومشاكله ولم يعد يجد من يسمعه أو يتواصل معه للحل أو حتي يشعر بالإهتمام من رؤساءه المباشرين وسط غياب كامل للجنة النقابية مما جعل المشاكل البسيطة تتفاقم إلى ماهو أسوء ، فقد طغت علينا الأرقام والإنجازات أكثر من الجانب الإجتماعي والنفسي للعاملين ، ولعل التطورات الحديثة هى التي جعلتنا هكذا ، فالعاملين بالشركة أصبحت أعدادهم هائلة والتواصل معهم فرداً فرداً أصبح مستحيلاً وألغت الشركة الإحتفال السنوي بالخارجين للمعاش واكتفت بتكريم الفروع والإدارات لهم فتحول هذا الإحتفال إلي شكل هزيل لا يعبر عن تقدير الشركة لهم واختفى سجل الوفاء والولاء وتم الإكتفاء بالمكافأة ، كل ذلك إندثر مثلما اندثرت الديناصورات وحل محله الغضب والضغط النفسي وتسلط المدراء.
نعود مرة ثانية للحل ، الحل هو تكوين وحدة متخصصة تحت مسمى " وحدة الإستشعار والتواصل المجتمعي والدعم" لتكون عوضاً عن كل السلبيات التي نتجت عن إندثار كل وسائل التواصل الداخلي مع العاملين بالشركة ، على أن يكون من اختصاص تلك الوحدة إستشعار الأزمات من خلال دراسة مشاكل العاملين واستقصاء آرائهم حول العديد من القضايا لتكون مؤشر للقيادة العليا بالشركة في قراءة المناخ الداخلي بها ، وهذا يحدث في الشركات العملاقة ولسنا أقل من هؤلاء ، ويكون من اختصاصها أيضاً التواصل مع العمال وأسرهم وكل ما يتعلق بحياتهم ومن شأنه التأثير علي الإنتاج واستنتاج حلول لأي قضايا أو عوائق من تلك الدراسات ووضع بناءً عن ذلك اقتراحات أو حلول تقدم على طاولة الإدارة العليا لتساعدهم في اتخاذ القرار المناسب ، وأيضاً على تلك الوحدة أن تقدم الدعم المجتمعي المطلوب والذي يقرر من جانب الإدارة العليا للعمال والمساعدة علي حل مشاكلهم داخل الشركة ، وأخيراً على تلك الوحدة مراقبة العلاقات الإدارية بين العمال ومدرائهم واكتشاف أي خلل يحدث في تلك العلاقة والتدخل لإصلاحه سواء باقتراح دورات تدريبية للمدراء في فنون الإدارة الحديثة والتفاوض وغيرها أو توعية العمال بواجباتهم وحقوقهم المهنية لتستقيم العلاقة بين الجميع.
وأخيراً أتمنى أن ترى تلك الفكرة النور فبالتأكيد إدارة الشركة تسعى دائماً لتطوير دولاب العمل في المجالات الإدارية والفنية والتنفيذية وغيرها وتسهو عن الجانب المجتمعي والإنساني للعاملين رغم أنهم العنصر الأهم لديها فهل من نظرة لهؤلاء لنعيد لهم التوازن وليكسب الجميع من وراء ذلك الإستقرار وزيادة الإنتاج والعمل الجاد وبالتالي نمو أعمال الشركة وتألقها وريادتها أكثر وأكثر ، فهل من مجيب؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق