السبت، 22 مارس 2014

ألا ليت الشيخ يفعلها أولاً


يكتبها : وفقي فكري


وقف الشيخ يخطب الجمعة بالجمعية الشرعية ومظهره بالجلباب وغطاء الرأس يدل على أنه من قامات الخطباء ، جلست أمامه بالصف الأول وقد حضرت مبكراً كالعادة لألحق بمجلسي المعتاد وصعد الشيخ المنبر وكان مؤشر الساعة يشير إلى الثانية عشر وخمس دقائق ظهراً وعنون خطبته تحت اسم "رسالة إلى الشباب" وقسمها إلى خمسة أقسام وكان جزءً فيها يتناول القدوة الحسنة بالنبي صلى الله عليه وسلم وحكى حكاية طويلة تتحدث عن شاب باكستاني قابله في عام 1431 هجرية فى موسم الحج وتناول فيه أن هذا الشاب المسلم كان حريصاً على اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلازمه هذا الشاب طيلة مناسك الحج وكان في كل خطوة يسأله "أيش قال النبي" فيرد عليه بكذا وكذا فيقول الشاب إذا نفعل مثلما فعل الرسول حتى جاء في طواف الوداع وسقط ميتاً ، ودعا الشيخ الله أن يلحقنا به على خير ثم صرخ هاتفاً في الناس " اعلموا أن السلامة والنجاة في اتباع سنة رسول الله" ، هذه الصرخة التي أفاقتني من خمولي الذى بدأ يصيبني بعد أن مر أكثر من نصف ساعة من الخطبة ومازلنا في الجزء الثاني من الخطبة ، كان هذا الشيخ يوجه رسائله للشباب لأنهم عصب الأمه - على حسب قوله - ويوجههم نحو الطريق الصحيح باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والجامع به آلاف من المصلين الكثير منهم من الشيوخ ، ومرت الدقائق والخطيب يلجأ أحياناً إلى فرك لحيته ثم يتوجه إلي رأسه فيعدل غطاء رأسه ويلتفت يميناً ويساراً يخاطب المصلين وأنا ظهري بدأ جدياً يؤلمني بعد أن قاربت الساعة على الإنتهاء وتمنيت أن أقف وأقول لهذا الخطيب "والله لقد فهمت الهدف من الخطبة فارحمني وأرحم الشيوخ الذين يجلسون بجواري واختم الخطبة" وبعد طول تمني والحمد لله قرر الشيخ أن يختم بالدعاء ودعا إلى إقامة الصلاة وكأن عيداً قد حل بالجامع فقام الجميع يصطف للصلاة بعد مرور ساعة كاملة من الرسالة المطولة للشباب والتي أهلكت الشيوخ وأهلكتنا جميعاً ، ولاحظت أن الخطيب سلم إمامة الصلاة إلى زميل آخر له ليصلي بنا ، وهذا الآخر لا يختلف كثيراً عنه إلا في الحجم فقد كان أكثر إمتلاءً عن زميله وأمسك بالمايك واستعد للصلاة وكأنه سيدخل فى صلاة التراويح فاستنتجت وضعاً أسوء مما سبق فقد كان الألم يسيطر على الجميع وبدا أن الغضب تملك المصلين وينتظر فقط دبوس لتنفجر بالونة الكبت والإغتياظ ، وبدأ الإمام ولكنه أخلف ظني وخفف فى القراءة وأسرع فى الركعات فتوسمت خيراً وعتبت على نفسي لسوء الظن ، صار واضح أن الصلاة تنبئ عن إعتذار واضح عن التطويل في الخطبة وقام الإمام في الركعة الثانية ووصلنا إلى الركوع ثم قمنا منه واستعددنا للسجود ولكن الإمام أبى ، لقد قرر فجأة أن يقنط ، ولمن لا يعرف القنوط هو الدعاء في الصلاة بعد الركوع علي غرار صلاة الفجر والتراويح في رمضان ، وتقمص الإمام دور إمام الحرم المكي وقنط كما شاء وانتهت الصلاة والخطبة في وقت استغرق ساعة وثلث الساعة وشطت غيظاً من هؤلاء وشاط الجامع مثلما شطت أنا ومع التسليم من الصلاة خرجت رائحة الشياط ودخل رجال كبار في العمر ونادوا علي الخطيب ثم أمطروه بوابل من الكلام الذي لا يحمد عقباه وبعد أن كدت أتوجه إلى المايك لأصب جام غضبي على الشيخ أمام الجميع وجدت رجلاً يقول له " والله إنت ماعندك ريحة الدم ولا بتحس" وانهالت عليه الجمل والشتائم من كل صوب وحد فسارعت بالخروج وأنا أتسائل ، هل هؤلاء هم القدوة ، كيف يأمروننا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وهم لا يفعلون ، هل خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قط لمدة ساعة أم أمر بالتخفيف عن الناس ، ألا يعلم هؤلاء من أصحاب اللحى الممتدة والشال والجلباب أن خطبة الرسول لم تستمر لأكثر من 15 دقيقة أو ربما أقل ، وهل ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قنط يوماً أو أمر بها في صلاة الجمعة حتى وإن كانت في النوازل أي في الظروف التي بها كرب بالمسلمين ؟ ، مالكم كيف تحكمون ، مالكم كيف تخطبون في الناس ، لما تقولون مالا تفعلون؟ ، لماذا لاتتبعون أنتم أولاً سنة النبي ، أبهذه السرعة وعلى منبر الرسول تخالفون ماتقولون وتطلبون منا أن نتبعكم ، إن هذا الخطيب بما قام به نسف في اليم كل ما صدح به على آذاننا ، ليتنا نجد من يأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر ويحثنا علي اتباع الرسول بأفعاله لا بأقواله لينصلح حال الأمة التي أصبح الكثير من شيوخها يأمرون بأمر القوي وينهون بنهي أصحاب السلطة ، فاستقيموا يرحمكم الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق