الأربعاء، 5 فبراير 2014

صرخات أصحاب المعاش من المجهول




يكتبها : وفقي فكري
وسط كل هذا الزخم السياسي علي الساحة المصرية والحديث المتكرر عن الدستور الجديد ثم انتخابات الرئاسة القادمة والبرلمانية يتناسي الناس أصحاب المعاشات ومناقشة أحوالهم وظروفهم المعيشية الصعبة وبدلاً من أن نتجه نحن الشعب إلي معالجة مثل تلك القضايا التي تضرب المجتمع في عمقه الإستراتيجي ننشغل بتخوين بعضنا البعض وتبادل الإتهامات حول التشكيك في الآراء واتهام بعضها بجر البلاد إلي نفق مظلم.
وفي الحقيقة فإن الذي سيجر المجتمع المصري إلي نفق مظلم ليس مناقشة المستقبل السياسي لمصر خلال الفترة المقبلة وحسب وإنما لمنع ذلك لابد أن نحاول معالجة الكثير من الأمراض المستعصية التي تركتها لنا أنظمة سابقة وتهدد بالإنفجار وتجعل الأمل في التطوير والتقدم أمراً ميؤساً منه.
ولعل قضية المعاشات هي من أولي تلك القضايا التي يجب معالجتها حالياً ، ففي مصر الحكومات المصرية المتعاقبة تتعامل مع من يخرج علي المعاش علي أنه قد إنتهي عمره الإفتراضي ولابد أن يتلاشي وراء الجدران حتي يأتيه مصيره المحتوم ونتركه لمواجهة المجهول عكس عقيدة الغرب في تلك النقطة ، فإن كان خبراء علم النفس والأطباء في مصر والعالم العربي يقولون أن العمر يبدأ بعد سن الستين في إشارة منهم إلي دعوة أصحاب المعاشات للتفاؤل فإن الغرب لايكتفي بالقول والأمنيات وإنما يحولها إلي خطة يتم تنفيذها تكفل لهؤلاء حياة كريمة تحقق لهم الإستمتاع بالحياه وسبل الراحه.
أما في بلدنا مصر فإن من يخرج علي المعاش يتفلص مايتقاضاه من الدولة فجأة إلي أقل من ربع رابته الشهري ويبدأ في مواجهة عناء الحياه وتأخذه الصدمة إلي عدم الإتزان والبحث في الأرض عن سبل حياه تعيد له كرامته فلا يجد إلا الإهانة والتعب حتي الموت ، أليس من حق هؤلاء المواطنين الذين أفنوا زهرة حياتهم في خدمة الوطن أن يجدوا في النهاية معاش يكفي الحد الأدني لحياه شبه كريمة ، ألم يدفع هؤلاء أموالاً وتأمينات وشيخوخة وضرائب تنفعهم وقت الحاجه في كبرهم ، إن المواطن بعد سن الستين تزيد عليه أمراض الشيخوخة والأمراض المزمنة التي لحقت به بسبب عمله وضغوطه ويحتاج إلي رعاية صحية تتكلف الكثير والكثير من المال ولا يستطيع مواجهة كل ذلك بسبب قلة المجهود وتراجع الصحة ، فكيف يلبي ذلك وقد أصبح لا يقدر علي العمل .
لقد قال رئيس اتحاد المعاشات المستقبل البدري فرغلي أن أموال المعاشات تصل إلي 600 مليار جنيه وأموال التأمينات تصل 225 مليار جنيه وكل تلك الأموال في حوزة وزارة المالية رغم عدم إختصاصها واختصاص وزارة التضامن الإجتماعي بذلك مما أدي إلي ضياع غالبية فوائد تلك الأموال علي مستحقيها بالإضافة إلي إستغلال الحكومات السابقة لتلك الأموال في مشروعات أخري وضياعها في كروش أصحاب المصالح وأيضاً اللغط الكبير الذي أثير حول سرقة أموال المعاشات والتأمينات من نظام مبارك وأن تلك الصناديق خاوية ، فلماذا كل هذا الفساد في حق شيوخ لم يعدوا قادرين علي توفير لقمة العيش لأنفسهم ؟.
لا يعقل ونحن في عام 2014 أن يظل هناك مواطنين ومواطنات بعد سن الستين عاماً ومازالوا يتقاضون أقل من مائة جنية كمعاش للتضامن الإجتماعي ولا يعقل أن تكذب الحكومة الحالية بهذا الشأن وتصرح بزيادة هذا المعاش بنسبة 50% إعتباراً من يناير 2014 ويذهب الناس فلا يجدوا إلا 10و15% من تلك الوعود فقط ، لقد طالب سعيد الصباغ الأمين العام لنقابة أصحاب المعاشات برفع الحد الأدني للمعاشات عن 80% من الحد الأدني للأجور أي بما يعادل 960 جنيهاً شهرياً بالنسبة للتضامن الإجتماعي ونجد ذلك منطقياً وحقاً من حقوق هؤلاء ونرجوا أن يعاد النظر أيضاً في معاشات الخارجين علي المعاش من وظائفهم ليتلائم ومرتباتهم التي كانوا يتقاضونها أثناء الخدمة ليستطيع هؤلاء المواطنين الذين خدموا وطنهم بكل جهد واجتهاد من مواصلة حياتهم بشكل يليق وآدميته حتي يقضي الله أمراً كان مفعولا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق