السبت، 1 فبراير 2014

أمن يجيب المضطر


يكتبها  : وفقي فكري
يحكي أن شاباً خرج يوماً من بيته متوجهاً إلي عمله في الصباح الباكر وقد أرهقته الهموم والحاجة ولكن التعفف يخفي من علي ملامح وجهه أي أثر لذلك ، هذا الشاب كان مازال في أوائل سنوات زواجه وقد أنجب طفلة لم يتعدي عمرها العام وما أحزنه وأثقل قلبه بالحزن أن الشهر قد أوشك علي الإنتهاء ولم يتبقي إلا عدة أيام ولكن الراتب الذي يحتسب بالجنيهات قد نفذ ولم يعد يملك بجيبه إلا جنيهان لايكادان يكفيان للذهاب للعمل ، فسار علي جانب الطريق وقد إنشغل عقله بذلك يفكر ويفكر ولا يري أي بريق من الأمل ، يتسائل من أين سيكمل الشهر ومن أين سيأتي بالمال ، سار لا يشعر بخطواته ولا يشعر بوقع قدميه علي الأرض ، بدأ بلا شعور يتمتم في صوت خافت يناجي ربه " يارب .... يارب .... يارب أنت اعلم بحالي وغني عن سؤالي ، اللهم فرج عني كربي " أضاف كلمات أخري إلي دعائه بكلمات تلقائية بدون ترتيب ولا تجهيز ، يناجي ربه وهو واثق من فرج الله ولكن من أين يأتي الفرج؟!!!
هو لا يهتم بأي شئ سوي بالتناجي مع مولاه ، يشعر براحة كبيرة ورضا تام ، تقذف الطمأنينة بقلبه ولكن الهم والحزن مازال يملؤ قلبه ، يعاود الدعاء ، يشتكي إلي الله همه في صوت خافت ، يحكي لربه ما ألم به من ظروف قاسية وكله يقين أن الله يعلم شكواه وحاله فكلماته مع ربه تريحه وتشعره بالأمان .
فجأة وهو يسير علي جانب الطريق يستيقظ علي صوت صافرة أتوبيس نقل عام يأتي مسرعاً ويكاد يصدمه ولكنه يبتعد بسرعة في خوف لحظي مع فجائية الموقف ويحاول الإبتعاد قدر ما يستطيع عن هذا الأتوبيس فقد يلحق به من أذي الطين وشوائب عجلاته مايفسد عليه نظافة ملابسه ، ويعبر الأتوبيس مسرعاً وكأنما كان كابوساً مزعجاً قطع عليه مناجاته مع ربه وأفاقته من حلاوة التواصل مع خالقه ، ولكن الحذر لا يمنع من وقوع الخطر فقد أزفت الآزفة ولحق بملابسة بالفعل قطعة طين طارت من عجلات الأتوبيس وارتمت علي قميصه فازداد حنقه وغضبه فالأمر لا يحتمل المزيد من الآلام ، يحاول أن ينظف ملابسه من قطعة الطين الكبيرة التي لطخت قميصه وهو يلتفت للنظر إلي الأتوبيس ويتمتم بكلمات مليئة بالإحباط من زيادة الهموم هماً جديداً ولكن فجأة يأتي الفرج من حيث لا يحتسب ، يرسل اصابعة لقطعة الطين ليبعدها ليجد مختلطاً بها ورقة مالية فئة العشرين جنيهاً ، يتناولها بسرعة في استغراب غير مستوعب أن تكون القاذورات مصدراً للنقود ، يمسك بالعشرين جنيهاً ويلتفت ينظر بسرعة إلي الأتوبيس وقد ابتعد ، يهم بالإشارة والنداء علي السائق ولكنه كان قد ابتعد يقف متحيراً ماذا يفعل ولكن فجأة وكأنما جاءه هاتف يقول له هذا إجابة الله لدعوتك وقد رزقك بهذه النقود من حيث لا تحتسب في نفس اللحظة تنهمر الدموع متلاحقة من عينيه بسرعة وقد علم مدي رحمة الله تعالي بعبادة ، لم يجد علي لسانه إلا ترديد كلمة الحمد لله ، أخذ يرددها مرات عديدة لا يعرف عددها ، ثم قذف الله في قلبة الآية الكريمة (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) ، حقاً إن أخلصت الدعاء تيقنت من الإجابة فلا أخلص ولا أنقي من دعوة ملهوف إذا دعى ربه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق