الأحد، 23 فبراير 2014

مصر لا صاحب لها



يكتبها : وفقي فكري
وقف الفنان عادل إمام في فيلمه الشهير النوم في العسل يقول للناس في أحد مشاهده أمام منزل أحد الدجالين الذين يستغلون جهل الناس وحاجتهم قائلاً لهم أن هذا الرجل دجال ولن يفيدكم بشئ ورغم أنه كان يلعب دور ضابط شرطة برتبة عقيد إلا أن جهل الناس كاد أن يفتك به حين حرضهم مساعد الدجال عليه ، ورأينا في التسعينات حرب شعواء في كل وسائل الإعلام علي الدجل والشعوذة إمتلأت بها شاشات التليفزيون والإذاعة ولم تخلو المسلسلات والأفلام من مشاهد تحذر من ذلك .
واليوم بما أننا في عصر التكنولوجيا والإنترنت فأرجو من كل من يقرأ سطوري هذه أن يتوقف قليلاً عن القراءة ويفتح صفحة إنترنت ويكتب في محرك البحث جوجل جملة "صاحب مصر" ، إن كنت بحثتم عن تلك الجملة فستجدون أن كل نتائج البحث تخرج لكم بعناوين كلها تتكلم عن المشير عبدالفتاح السيسي وتتناول تحليلات كثيرة لمن يقدمونهم في الميديا علي أنهم أساتذة ودكاترة في مجال علم الفلك والتنبؤات الفلكية وستري العجب العجاب ، كل من يتحدث في هذا المجال يصف المشير السيسي علي أنه صاحب مصر وأنه ذكر في مخطوطات أثرية منذ آلاف السنين ، المنقذ والمخلص وكأنه المهدي المنتظر ، وهناك من يصفه بالنجم الساطع في السماء ويربطه بمسارات وحركات الكواكب ومن يصفه بنوع من النسور الخرافية ينقض علي فريسته ويقض عليها وأقاويل فلكية وتنبؤات كثيرة وكأن هؤلاء يقرأون الغيب ويطلعون علي المستقبل .
حقاً مثلما يقال في عالم الموضة أنها تعيد نفسها كل فترة وتعيد لنا موديلات وقصات قديمة فإن الأمر ينطبق بالتمام والكمال علي السياسة والدجل ، وقد خلطت السياسة بالدجل لأن هذا ما آراه الآن من أفواه منافقة تعيد لنا الدجل ولكن بشكل مختلف وبدلاً من أن نتصور أوكار الدجالين ببيت مظلم وبخور وتجهيزات تبعث في قلب من يراها الرعب فإننا نجد الآن بيوت الدجل عبارة عن استوديوهات فارهة متقدمة ومجهزة بأحدث أساليب التكنولوجيا تخترق كل بيت وتسحر أعين الناس كسحرة فرعون لتقلب لهم الحقائق وتزيف الواقع فنري شعباً منساقاً دون وعي كمن يسير نائماً مسلوب الإرادة نحو الهاوية.
ياسادة كفاكم إستخفافاً بعقول المصريين البسطاء وكفاكم هرتلة وتخاريف وتزييف متعمد للواقع ، السيسي ليس صاحب مصر ، ومصر لم يكن لها يوماً صاحب ، بل مصر ملكة تتربع علي قلوب الجميع ونحن رعاياها وفي خدمة هذا الوطن ومن يتقدم للقيادة لا داعي لأن نحوطه بهالة من الرهبة ليتمكن من الحكم ونسمع له ونطيع مسلوبين الإرادة وكأنه قديس من العصور الوسطي ، وليس هناك داعي أن نفعل كما فعل المعز لدين الله الفاطمي حين جاء ليحكم مصر ويستقل بها عن الخلافة فرفض الناس فاختفي عنهم فترة ثم أشاع بين العامة أنه صعد عند ربه ثم ظهر عليهم بعد فترة وقد خرج من باطن الأرض في هالة من نور وجواهر وجلل فصدقه الجهلاء وصدقوا أنه جاء لخلافة مصر من قبل ربه ، إن كانت أفواهكم تمتلئ بتلك الخرافات فعار عليكم أن تحملوا لقب إعلاميين وعليكم أن تفكروا ملياً لأن أمثالكم من أصحاب المصلحة لا يتركون بصمة مهما علا صوتهم ، ولا تعتبوا علي الإخوان في إستعمال الدين لخدمة أهدافهم إن كنتم تستعملون الدجل لسحر عقول الناس وأطلقوا القنوات الدينية التي سودت شاشاتها بسبب معارضتها لكم وأتركوها تنافس هرتلة القنوات الأخري وكما يقولون "هرتلة بهرتلة"، وكلمة أخيرة أقولها للمشير السيسي ، سكوتك يعني موافقتك علي هذه التخاريف وموافقتك تعني إنحدار رصيدك إلي الإفلاس وعلي المتطوعين أن يتوقفوا عن النبح الدائم من أجل أن تلقي لهم عظمة خالية من اللحم وليتها ترمي لهم ، ولكنهم سيظلون يلهثون سواء ألقت لهم أم لم تلقي لأن هذا هو طبع الكلاب . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق