الخميس، 7 نوفمبر 2013

حين يتحول عرش مصر إلي وظيفة



يكتبها : وفقي فكري


أثناء ثورة يناير 2011 وبالتحديد في شهر مارس من نفس العام كانت أختي علي موعد مع إمتحان القبول للتعيين كمعلمة بأحد المعاهد الأزهرية التي كانت أهلية وانضمت للأزهر بكامل هيكلها الإداري وتقرر عقد إمتحان القبول بالمنطقة المركزية بالحي السابع بالقاهرة وتوجهت هي وأكثر من 30 معلمة مثلها للإمتحان وطلب من كل واحدة أن تدفع ألف جنيه مقدماً كرشوة لتضمن النجاح وإلا فلا نجاح مهما كانت متميزة وكان هذا في عقر دار مشايخ الأزهر.
في شهر سبتمبر 2011 وخلال نفس عام الثورة ذهبت لأجدد رخصة سيارتي بالمرور وطلب مني أحدهم رشوة ليساعدني في استخراجها سريعاً وبدون مجهود مني وعندما رفضت عانيت الروتين الطبيعي حتي وصلت إلي أخر النهار وحين جاء موعد استلامي الرخصة طلب مني دفع 5 جنيهات حلاوة الإستخراج.
منذ أيام تعرضت أم أحد زملائي لمرض السرطان في الفم وتم إجراء عملية لها لإستئصال الورم وبعدها بأيام دخلت في غيبوبة وحولتها طبيبة خاصة إلي مستشفي القصر العيني الفرنساوي وفي أربعة أيام فقط طلب من زميلي مبلغ 15 ألف جنيه قيمة الإقامة علي الرغم من أن المستشفي لا تتكلف شئ مطلقاً سوي الغرفة والأجهزة وكافة الأدوية والأدوات الطبية التي تكلفت الألاف في أربعة أيام كان يشتريها أهلها من الخارج وعلي حسابهم الخاص .
ومنذ أسبوع وجدت زوجتي تشتكي لي من معلمة ابنتي الصغري بمرحلة الحضانة بأحد المدارس الخاصة لأنها تعلم البنت الدين خطأ حين تجعل الأطفال يرددون خلفها مايلي :
(ما ربك ... فيرد الأطفال الله ، ما دينك ... فيرد الأطفال الإسلام ، ما نبيك ... فيرد الأطفال محمد) ورغم أنها معلمة منتقبة تعلم الأطفال بسؤال حول الله بصيغة السؤال عن الجمادات وعن النبي بنفس الصيغة وحين تصحح زوجتي المعلومة لإبنتي وتقول لها اسمها ( من ربك ... من نبيك ) تبكي الطفلة وتقول المس علمتنا هكذا ، وقبلها بشهر يصحح المعلمون لأبنتي الكبري بالصف الثالث الإبتدائي الإجابة لأحد الاسئلة بالخاطئة لأنها ذكرت جمعاً غير الذي أعطوه لها بالمدرسة رغم أنه جمعاً صحيحاً وحين نعتب عليهم يقولون هو هكذا علي الطفلة أن تحفظ ما نعطيه لها وفقط .
هذا هو حال الكادر الإداري بالدولة الذي يلمؤه الفساد حتي في عقر رمز الإسلام بمقر الأزهر الشريف وحتي ولو كان في قلب أحداث الثورة يمارسون الرشوة والمحسوبية ولا حياء من الدين أو تأثر بشعارات الثورة التي كانت مازالت مرفوعة داخل ميدان التحرير وشبابنا يقتل من أجلها ، وهذا هو نمط الشرطة خلال عام الثورة حين تستمر في ممارسة نفس الأسلوب في إدارة العمل والممارسات ضد أفراد الشعب ، وهذا هو حال الصحة بمصر وماتتعرض له من إهمال والسلوك الذي يتعامل به الأطباء معه علي أنها تجارة وسوق للربح دون مراعاة لأحوال وظروف الناس ، وهذا أيضاً هو حال التعليم بمصر الذي يعتمد علي التلقين والإعتماد علي معلمين غير مدربين أو لديهم ثقافة وعلم يعتمدون عليه في تعليم الأجيال القادمة .
أتدرون لما كل ذلك ؟، لأن الثورة لم تغير قيد أنملة من شئ يذكر فيما كنا فيه ، فمصر تطفوا علي محيط من الفساد والمحسوبية والرشوة الذي يملؤ كافة قطاعات الدولة ، لا يوجد حرية ولا أدني عدالة إجتماعية ولا حتي حق في العيش الكريم ، أنماط الناس التي قامت ضدهم الثورة هم الأن من يرفعون شعاراتها ويحاكمون من يخالفهم الرأي بمقصلتها .
عرش مصر الذي يتقاتل عليه الجميع الآن أولي لديهم من أن يلتفتوا إلي غياهب الجهل والتردي والفقر الذي مازال الشعب يعيش فيه منذ زمن طويل ، يتصارعون علي السلطة والصدارة وتركوا القاع يئن بما يحمل من أسفار الجوع والتخلف والمعاناه اليومية لأسر فقيرة لا تجد قوت يومها وليس لديها الحق في أن تعيش حياة آدميه وتلك الأسر تمثل غالبية الشعب المصري .
لن ينصلح الحال إلا إن تعامل القاده والمتصدرون للأضواء ببلدنا مع منصب الرئيس علي أنه وظيفة ، مجرد وظيفة من يتقلدها يعاني العذاب والجهد الجهيد حتي تمر فترته بأمان ويقدم خلالها ما يستطيع من أجل الشعب وليس من أجل نفسه ومصلحة من حوله ، وحين يتوقف الشعب عن تأليه هؤلاء وصناعة الفراعنة ، فنحن شعب يعشق صناعة الفرعون لما نقدمه له من خضوع وذل وهوان .
ألا تنظرون قليلاً إلي القاع وتحاولون أن تصلحوا بعضاً من المفاسد التي عشنا معها علي مر الزمان ؟ ، لدينا المشاكل الكثيرة الأهم من الدستور والرئيس ومجلس الشعب ومجلس الشيوخ ، لدينا إصلاح التعليم والصحة والكادر الإداري بالدولة ، لدينا إصلاح البنية التحتية والمرافق والإسكان والمرور والقمامة ، لدينا لقمة العيش والبطالة وغيرها وغيرها الكثير ، إنصلحوا يصلح الله أحوالكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق