الجمعة، 13 سبتمبر 2013

شباب متمرد وشابات يائسات


يكتبها : وفقي فكري
يقولون أن شباب أي أمة هم زهرتها ومستقبلها ، وحينما يقولون علي أمة أنها شابة يقصدون أنها تمتلك ثروة شبابية أكبر بكثير من عجائزها ، فأي أمة وجد في تعدادها الشباب يستحوذون علي القاعدة السكانية الأكبر لديها فهي أمة شابة تمتلك الطاقة والحيوية والنشاط ويطلقون علي أروبا لقب القارة العجوزلأن أحد اسباب ذلك النسبة المرتفعة لكبار السن مقارنة بالتعداد الكلي لعدد سكان القارة ، فالشباب هم مجددون طاقة الأمم وبناءة عزيمتها وطموحها
ولكن في مصر الحال يختلف فطبقاً لأخر تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد سكان مصر بالداخل (بدون حصر من بالخارج)وصل الى 85 مليون نسمة وأن نسبة عدد السكان فى الفئة العمرية ( 0 - 14 ) تبلغ حوالى 31 % بينما قدرت نسبة الشباب فى الفئة العمرية (15 - 29 عاما) 29% وبلغت نسبة السكان كبار السن ( 65 سنة فاكثر )4,4 % ، وبالتالي فإن مصر كما يقولون دولة شابه يمتلك الشباب فيها نسبة تتعدي الخمسون بالمائة ورغم ذلك نجد أننا أكثر دولة تستهين بتلك القوة وتهمشها وتبعدها عن المشاركة في تنمية مجتمعها .
قبل ثورة يناير 2011 عاش شباب وشابات مصر فترة عسيرة لاقوا فيها كل مظاهر كبت الطموح وقتل الموهبة ، فلم يجدوا تعليم ينمي مواهبهم ابتداءاً من التعليم الأساسي وحتي نهاية الجامعي ، فصاروا يعرفون مصيرهم قبل ان ينهوا حياتهم التعليمية ، فمن يملك الواسطة والسلطة وله أهل اثرياء هو فقط صاحب الحظوة والفرصة في أن يجد وظيفة مناسبة ، والمؤهل ليس شرطاً للحصول علي الوظيفة والعمل ، وهؤلاء كانوا قلة ويسمونهم أبناء الصفوة والمعارف ، أما غالبية شباب وشابات المجتمع المصري فإما يتحولون إلي التعليم الفني أو من يحصل علي مؤهل عالي يجلس بجوار والديه ينعي حظه والمجتهد منهم يعمل اي عمل حتي ولو كان غير مناسب ليحصل منه علي لقمة عيش تساعد علي المعيشة في زمن صعب .
ولاقي الشباب في تلك الفترة ضغوط نفسية رهيبة بدأت من رثاء الأجيال السابقة لهم علي حالهم وعزائهم علي صعوبة مستقبلهم ومرت بمظاهر حظر إبداء الرأي والإضطهاد للنشطاء منهم وتعودهم علي الروتين وعدم قضاء المصالح إلا بالرشوة والمحسوبية والواسطة ، فتعود الشباب علي البلاده والإحباط وتعايشوا مع حال مجتمع فاسد لايعترف إلا بالقوة في الحكم وفكر الدولة البوليسية العنيفة فزرع فيهم ذلك روح اليأس والإحباط والخوف وأصبح الشباب بلا هدف أو خطة نحو المستقبل .
واليوم وبعد مرور قرابة الثلاث سنوات علي ثورتنا والتي قام الشباب بالشرارة الأولي لها يوم 25 يناير ماهو حال شباب مصر ، وماهو حال مصر الفتية ؟؟
ربما يبدوا من خلال وسائل الإعلام الفاسد أن الثورة غيرت وجه مصر إلي الأحسن والأفضل من ذي قبل ، وربما يحاول الحكوميون ورجال الساسه تنميق وتلميع المنظر ووضعه في إطار أنيق براق ، ولكن الحقيقة غير ذلك مطلقاً والباطن أسوء بكثر من الظاهر ، فداخل المجتمع مازال الإضطهاد موجود بالنسبة للجميع وخاصة الشباب ومازالت سياسة الإبعاد هي المستمرة مثل عصر مبارك .
وليس ما أقوله مجرد كلام للنقد وفقط وإنما واقع أليم يشعر به القاعدة الكبري من الشباب داخل مصر ، وحينما أقول أن الإضطهاد والإبعاد والإقصاء هي سمة الفترة الحالية للشباب فإنني حتماً لا أقصد بذلك مجموعة الشباب السياسيون الذين يخرجون علينا عبر شاشات الفضائيات من شباب تمرد أو 6 ابريل أو الجمعية الوطنية للتغيير أو حتي شباب الإخوان وغيرهم من النشطاء السياسيون ، وإنما أقصد بذلك عموم القاعدة الشبابية الذين يمثلون نسبة الـ50% من مجموع حصر المجتمع ، فالتغيير لن يأتي من مجموعة شباب تحصي بالعشرات يلمعون عبر الشاشات والقنوات التلفيزيونية وإنما سيأتي من رغبة التغيير الحقيقي بعمل إحلال وتجديد لكل مؤسسات الدولة وغمرها بالشباب واعطائهم الحق في الإنخراط في خدمة مجتمعهم .
فليذكر لي أحدكم ميزة واحدة حصل عليها الشباب بعد الثورة ، ولنبدأ بالعد لبعض المشاكل وهل تم حلها أم لا ، هل نسبة الشباب العاطل بعد الثورة قل أم زاد أو بتعبير أخر هل زادت فرص العمل لهم ، هل تغير وجه التعليم لأبناءنا بعد الثورة ليخرج لنا مبدعون حقيقيون يفكرون ويخترعون وينمون وطنهم ؟
هل قل سن الزواج للشباب وهل توفرت المساكن لهم ، هل قلت ظواهر العنف من جانب الشباب وهل لدينا إحصائية تقول أن نسبة الإدمان والتطرف قلت بينهم بعد الثورة ؟
هل اختفت ظاهرة الرشوة والواسطة والمحسوبية داخل المؤسسات والهيئات ، وهل يستطيع الشباب أن ينافس الأن بعد الثورة علي فرصة عمل حقيقية بطريقة نظيفة دون تدخل من أصحاب القوة ؟
هل أطلقت حرية التعبير عن الرأي للشباب في الجامعات واصبح لهم حرية التنظيم الطلابي دون ضغوط وهل اختفت الملاحقات الأمنية لهم ؟
هل اختفي الإضطهاد والتعسف الوظيفي من قبل الرؤساء لمرؤوسيهم في المؤسسات الحكومية والهيئات وقطاعات الدولة المختلفة وأصبح الأن يستطيع الشاب المتميز بعمله أن يترقي ويصعد بوظيفته ليفيد مؤسسته ويلبي طموحه وأهدافه وليكون المقياس هو الكفاءة وليس المحسوبية أم مازال الحال هو الحال قبل الثورة ؟
في الحقيقة هناك العديد من الاسئلة التي يمكن لكل من يقرأ مقالي أن يطرحها الأن ويشاركني بسؤال لنعرف ونقيس مدي ماوصلنا له الأن وكيف أصبحت مصر الثورة .
وفي إيجاز بسيط أستطيع أن أقول لكم أن مصر القوية الفتية لم تأخد فرصتها لتعتمد علي شبابها وشباتها لينطلقوا بها إلي الأمام وإنما بالعكس مجتمعنا المصري مصر علي أن تجتمع كل أطراف اللعبة في يد أصحاب المصالح ، ولا يتوهم أحد بأننا أصبحنا مختلفون وأن الثورة أحدثت تغييراً في الواقع ، فبالعكس إن سألتني عن حال شبابنا وشباتنا فسأجيبك بأنني أري شباب متمرد علي ظروفه ولا يقبل النصيحة لأن من يلقون بها يحتاجون هم أنفسهم للنصح وشابات يائسات من أن يجدن فرصة لهم للتعبير عن أنفسهن وسط خليط من التخلف والرجعية والإضطهاد ، وسأقول لك بكل ثقه أن هناك الملايين من شبابنا يخرجون كل عام من الجامعات ليجلسوا بجانب أهلهم يتمنون فرصة عمل يرضون بها طموحهم ، وسنري أن التعسف والإضطهاد مازال موجود بقوة نحو الناجحون من الشباب في المؤسسات والهيئات المختلفة داخل الدولة وأن نجاحهم وتميزهم صار لهم نقمة وليس نعمة ، وأن الفساد والرشوي والمحسوبية والواسطة لم تختفي بل بالعكس زادت في بجاحه ووقاحة ظاهرة ومتحدية لكل من يتوهم أن مصر أصبحت نظيفة منهم .
لكم الله ياشبابنا وأعانكم علي بلد لا تعترف بكم ولا تنوي أن تعترف بكم وعليكم أن تنتظروا ثورة أخري قادمة عسي لكم أن تجدوا بها مكاناً تثبتون به حبكم لوطنكم وبلدكم ، فاحلموا إني معكم من الحالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق