الاثنين، 27 مايو 2013

الحسيني يبدأ أولي خطواته بالتنظيمات العمالية وإعمال اللوائح من أجل التطوير


يكتبها : وفقي فكري
بعد مرور حوالي 9 أشهر علي تولي الدكتور أسامة الحسيني رئاسة مجلس إدارة شركة المقاولون العرب ، تحول السلوك العمالي داخل الشركة نحو رئيس مجلس الإدارة الجديد ، فبعد أن كان موقف العاملين بالشركة في البداية يعتمد علي كون الحسيني مجرد ضيف أو عضو جديد بعائلة شركة المقاولون العرب ، خصوصاً بعد إطلاق الإشاعات بأنه تولي القيادة لفترة إنتقالية مما جعل العاملين ينقسمون إلي قسمين ؛ الأول يعتقد أن الحسيني سوف يغادر وعندهم أمل في عودة الرئيس السابق مرة أخري أو تولي أحد أتباعه بالشركة القيادة ، والقسم الثاني كان يعتقد أنه سيفشل لأن الشركة كبيره علية وأنه رجل أكاديمي لن يستطيع أن يستكمل المسيرة وسيغادر في النهاية.
وكلا القسمين كانت النتيجة عندهم واحدة وهي اعتبار الدكتور أسامة الحسيني فترة لن تطول ، وبالتالي فإن الصراع كان علي أشده في الشهور الأولي بين الكيانات المسيطرة وأصحاب النفوذ بالداخل ، وتوسعت ظاهرة المظاهرات والإحتجاجات داخل الشركة وظل الحسيني يجوب المشروعات والفروع والإدارات يحاول أن ينهي ذلك دون مساعدة ممن حوله ، وظلت وجهة نظر العاملين داخل الشركة ثابتة نحو رئيس مجلس الإدارة الجديد ولذلك لم توجه له أي اتهامات بالتواطؤ واستغلال النفوذ وإنما كانت كل الإتهامات موجهة لرموز الشركة من القيادات الموجودين فعلياً في صراع شرش لإستقطابهم من جماعات دون أخري .
كل ذلك والحسيني صامت ، يسمع بأذنه ويراقب بعينه ولا يتكلم كثيراً ، وظل الرجل يرقب المواقف ويستكشف هيكل الشركة ، يقرأ ويري ويرصد ، وخلال تلك الفترة لم يري الحسيني عيباً في العودة في قرار تم إتخاذه خطأ بتمرير من بعض القيادات القديمة فأصدر ولأول مرة في تاريخ شركة المقاولون العرب قراراً بإلغاء ترقية أحد أبناء قيادات المركز الرئيسي ، ثم بعدها بدأ نظام جديد في قراراته بأن منع جملة "بناءاً علي ما عرضه فلان " وتحولت إلي " بعد الإطلاع علي اللائحة " كتوجه لمنع الوسطاء وبدأ المرجعية للوائح والقوانين ومنع الإستثناءات والتجديد بعد سن المعاش وقلل من المستشارين لتجديد الدماء وتقليل النفقات المالية المهدرة.
وخلال الثلاثة أشهر الماضية بدأ الحسيني يتحرك فعلياً نحو القيادة الفعلية ، فتغير تشكيل مجلس إدارة الشركة ، ثم تغير الهيكل التنظيمي لها ، واستقر الوضع إلي حد كبير فلم تعد هناك احتجاجات إلا فيما ندر ، وبدأ الحسيني فعلياً في التحرك بأخذ المبادرات ، فبدأ من خلال تشكيل مجلس الإدارة الجديد أن يحاول تطعيم القيادة بدم شاب ولكن علي استحياء ، فربما يستعجب الجميع حين يعلم ولأول مرة أنه حاول أن يدخل مجلس الإدارة بتشكيله الجديد قيادة شابة في سن الأربعين أويزيد قليلاً ولكن لسبب أو أخر لم يحدث ذلك ، ثم حاول من خلال الهيكل الجديد أن يبث روحاً شابة أخري ، ولكن علي استحياء أيضاً ، حيث لم يرضي الكثير عن عدم التغيير الحقيقي في الوجوده ، فقد كان يأمل غالبية العاملين بالشركة أن يحدث الحسيني انقلاباً غير متوقع ولكن لم يحدث .
في خلال تلك الفترة انطلق الحسيني يحقق هدفه الذي صرح به منذ اللحظات الأولي بالشركة ، فقام بجولات كثيرة إلي عواصم افريقية وعربية يتفقد العمل ويسعي لإستقطاب مشروعات جديدة بالخارج يعوض بها نقصها بالداخل المصري ، وضخ بعض الشباب في القيادة بالخارج مثل ما أحدثه من تعيين مهندس شاب عضواً منتدباً لشركة المقاولون العرب النيجيرية ونائبه أيضاً من القيادات الشابة .
عاد رئيس مجلس الإدارة الجديد يحاول أن يبني بالداخل ، وكونه رجل يجمع بين خبرة السوق والعمل الاكاديمي كأستاذ بجامعة الزقازيق أن ينتهج الفكر العلمي ، وأيقن أن تطوير دولاب العمل داخل الشركة هو الذي سيقفز بالشركة إلي ترتيب متقدم في مصاف الشركات العالمية عما هي عليه فعلياً ، فبدأ في وضع الخطط للتطوير علي كافة الأصعدة ، وبدأ في اعداد اللجان التي تطور وتحدث من أنظمة العمل ومنها لجان إعادة دراسة نظم التحفيز والرواتب بالداخل والخارج بما يخدم مصلحة العاملين ويحدث التوازن بين كافة الشرائح الوظيفية المتنوعة داخل الشركة .
بعد ذلك بدأ في تغيير قيادات بعض الجهات المؤثرة مثل العضو المنتدب لصندوق التأمين ثم رئيس صندوق الإسكان رغبة منه في التغيير نحو أداء أفضل لمصلحة العامل ، وقريباً ولأول مرة سيتم انتخاب عضو عمالي جديد من بين العاملين بالشركة ليدخل مجلس إدار صندوق التأمين الخاص بالعاملين بالشركة .
هذا عن دولاب العمل ، أما العمال فهؤلاء هم الطائفة التي كانت أكثر تضرراً من فساد الاوضاع السابقة قبل ثورة 25 يناير والتي مازالت مستمرة حتي الأن ، وتلك الطائفة هم الترس الأهم والأولي بالرعاية لتستمر عجلة الإنتاج بالشركة ، ولكن من شدة الظلم الواقع عليهم أصبحوا لا يرغبون إلا في سرعة تعديل أوضاعهم ، المالية والإجتماعية والتنظيمية ، ولأن رئيس مجلس الإدارة الجديد يعلم ذلك جيداً حاول توفيق الاوضاع ولكن نظام الفكر القديم مازال يعمل ، فلم يستطع الرجل الذي جاء بفكر القطاع الخاص -حيث كان يملك أحد المكاتب الهندسية الإستشارية - أن ينفذ ما كان يعتقد أنه سهل .
ولأن التنظيمات العمالية تعتبر ريشة التوازن بين صاحب العمل والعامل فإن الحسيني سعي أخيراً ليفعل العمل النقابي داخل الشركة بأن يدفع ويشجع العاملين علي المشاركة الفعالة في هذا النمط ، فأعلنت الشركة عن تنظيم ندوات تثقيفية من أجل ترسيخ هذا التوجه ، ولأول مرة نجد العمال يسمعون عن العمل النقابي بإدارة عمالية خالصة .
كل ماسبق جعل العمال الذين كانوا يعتقدون أن الحسيني سيغادر من البداية يتوجسون خوفاً من استمرار هذا الرجل في منصبه ، فتغيرت الأراء وتلونت الإتجاهات وبدأت مرحلة جديدة من مهاجمة الدكتور أسامة الحسيني ، فبعد أن كانت التعليقات والتلميحات في البداية تعّول علي كونه رجل طيب ومغلوب علي أمره تحولت في تلك الأيام إلي الهجوم المباشر علي الحسيني واتهامه بتكوين شله وحاشية حوله مثله مثل من سبقوه ، ولم تكن تلك الإتهامات إلا من بعض من حاول أن يصل إليه ولم يفلح ، أو من بعض من لهم مصالح فعلية ويخشون عليها من الضياع ، فتجديد الدماء بالشباب والتكنولوجيا والتطوير سيكشف الكثير من العاجزين عن ملاحقته ، وستهدم أبراجهم المشيدة علي أسس عتيقة من التقليدية والروتين .
وفي النهاية فإننا نأخذ علي الدكتور أسامة الحسيني التحرك بخطي أقل من قوة أفكاره إلي حد ما ، فإن كان يملك الرؤية والهدف ، وإن كان يهدف إلي التجديد والإصلاح ، وإن كان توجهه صالح العامل البسيط الذي يصرخ ويأن من الظلم والفساد ، فلماذا لا تتسارع خطوات رئيس مجلس الإدارة الجديد من أجل تحقيق أهدافة بالسرعة التي تجعل العامل العادي والبسيط يشعر قريباً بالإختلاف ؟ .
فكل ماسبق قد لا يفهمه الكثير من العاملين ، علي الرغم من كونه تأسيس جيد لبناء جديد يقوم علي إعمال اللوائح والقوانين بتفسيرها الحقيقي وليس تفسيرات الهوي بما يصب نحو دعم جوهرة الشركة وكنزها الثمين ، ألا وهو العامل، فلابد من خلق التوازن بين الإستمرار في هذا البناء بالتوازي مع أهمية إشعار العامل العادي داخل الشركة بملامح التغيير من خلال تمرير القرارات الحاسمة المخاطبة لعقول هؤلاء ، ليس ليصفقوا للحسيني ولكن ليحصلوا علي بعض ما يشفي صدورهم كمسكن لألامهم من أجل الإستمرار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق