السبت، 9 مارس 2013

مستقبلنا لن يصنع إلا بأيدينا


يكتبها : وفقي فكري
في عز ظلمة المستقبل انتظرنا كثيراً ظهور ومض من بريق لأملٍ ربما سيلُوح في الأفق ، كلّت همم كثيراً من المحْبَطين وكانت لديهم أسبابهم المقنعة في نحو ذلك الدرب ، وقل عدد من ينتظرون الأمل وظلوا يقفون أمام طوفان مغرق من الفساد ، وتوارت أجساد الكثير منهم إما لضعفٍ في عقيدة أو تعرضٍ لسحلٍ أو تنكيل ، واستمر الفساد والإستبداد وظن المفسدون أنهم ناجون بأفعالهم من الحساب ، ومالت لهم الدنيا بأسرها لإمتلاكهم القوة والسطوة والنفوذ ، وتحول من يقفون بباب الأمل في نظر العامة إلي مجانين ممسوسين بوابلٍ من رجز الشيطان ، وما أن مالت كفة الظلم إلي الإنتصار حتي ظهرت سنة الله في خلقه ، وطاشت موازينه ، واختلت قوته، وعملت يد العدل من مالك العدل لترجع الكرة هذه المرةِ نحو الإتزان ، وأخيراً ظهرت بارقة الأمل لمن ينتظرونه من مجانينه ومريديه ، وظننا جميعاً أن دولة العدل ستسود ، وأن هذه الجولة ستكون لإحقاق الحق ونصرته .
ولكن يبدوا أن ومضة الحق والعدل ظهرت لمدة ثمانية عشر يوماً داخل ميدان التحرير فقط ، ثم اختفت مرة أخري وتركت لنا أقواماً يحملون إلينا مشاعل النار ليهموننا أن فيها نور الحق بديلاً عن ضوء القمر في الليل ، وكرات النار المشعة بديلاً عن دفء شمس النهار ، والشعب الطيب يصدق ويسير وراءها متوسمين بها خيراً وبمن يحملونها حٌسْناً ، وبعد أن سرنا سنتين في درب المشاعل ، وركضنا في ضوء الكرات الملتهبة إكتشفنا أننا ما كنا نسير إلا في ركب مشاعلٍ محرقة وكرات من النار الملتهبة ، تحرق أيدينا وتشوي أرجلنا ، رغم وعودهم أن نهاية الظلام قريبة وأن نهاية الكهف شمساً مشرقة ونهار وضّاح ، مازلنا نسير نحو ظلام أحدق ويأسٍ أشد ، وليل دامس ، وأخطار نلاقيها علي قارعة الطريق وعلي جوانبه ومن بعيد ، ومن بعيد لا نري أي ومضة من أمل المستقبل ولا يلوح في الأفق أننا سنراها مع حاملي المشاعل ومالكي الكرات .
هل نسير في نفق دائري لا نهاية له ؟ أم أننا نلعب دور الكومبارس في مسرحية من إخراج حاملي المشاعل ولن نخرج منها إلا إن تجرأنا ورفعنا الحجب بينا وبين من يتفرجون علينا من كواليسها ؟ ، نريد الحقيقة ولا غيرها ، نريد أن نتوقف لحظة لنفكر أين نسير وإلي متي سنظل نسير في ركب من ينوبون عنا في أحلامنا وأمنياتنا ، إلي متي سنظل مسوخ طُبِع علي قلوبنا فلا نفقهوا قولا، أليس من حقنا أن نخرج عن المسار ونمتلك زمام قرارنا ؟ أليس من حق من سُحلوا وقُتلوا ومَاتوا أن ينعموا براحة أبدية من رؤيةٍ لحقٍ يقر أو ظلمٍ يرفع ؟
حتماً ولا مناص من الحتمية أن الحق سيُقر وأن العدل سيُشرع ، حتماً سنري نهاية لطريقنا المظلم في القريب ، ولكننا لابد أن نمتلك زمام أملنا وأن نركب صهوة عزيمتنا لنخرج عن ركب أصحاب المشاعل والكرات ونقرر إلي أي الطرق سنسير ، لابد أن نمنع الوكلاء والمسوقين بأحلامنا والمسفهين لأمنايتنا من مواصلة التزييف ورسم الخيال لمن يتعشطون للمستقبل ، سنطفي المشاعل لنري ضوء القمر ، سنلقي بالكرات المحرقة ليطل علينا ضوء الشمس الدافئ ، وسيعود وطننا بسماءٍ صافيةٍ وأرضٍ خضراء وماءً عذب رقراق ، أيتها الأرض الطيبة إنتظرتي وطال إنتظارك وحان اليوم ليدوسِك حاملي الحق والعدل ليقضوا علي فساد عاث في الأرض دهوراً ، اقتلع خيرك وأعطاه لغير أولادك ، ونهب زرعك وباعه لأعداءك ، وفجر بطنك وثرواتك ووزعها ذكاةً علي جيرانك .
سواعد شبابك المخلص الأمين هم من سيرفعون لواء العدالة والإنصاف ، هم من سيُرجِعون لشعِبك الحرية والإباء ، من عاش يوماً بأملٍ كبير ظل الحظ الطيب حليفه علي الدوام ، يابن بلدي لا تخف من سطوة فإن الله يحميك ، ولا تهاب سلطة فإن الله راعيك ، وسر علي درب الحق والعدل فإن الله مقويك ، وكن علي يقين أن الجولة الأن للحق ولن تنتهي إلا عندما يُقر ويُجبر ، وسنظل دائماً يحذونا الأمل واليقين بقوته مهما طال الظلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق