الثلاثاء، 12 مارس 2013

لن نصبح دولة ميلشيات واحذروا صبر الجيش


يكتبها : وفقي فكري
المتأمل للأحداث السياسية الأخيرة والمتلاحقة سيستنتج منهجاً مخططاً ثابتاً يتم تنفيذه بدون وجود أي عقبات قد تقف أمامه لتوقفه ، فعلي الرغم مما يبدوا للعامة من تحول مصر إلي وهج من جحيم ، اضرابات واعتصامات ، بلطجة وقطع طرق ، ازمات وكوارث ، ولكن في وسط كل تلك الظروف هناك فصائل معينة تجد في ذلك محفزاً للتعجيل بتنفيذ أهدافها الخاصة داخل الوطن الذي تحول إلي خط للنار يطلق كل فصيل قنابله ومدافعة صوب الفصيل الأخر دون رحمة ، والشعب يجلس تحت خط النار تحرقه القذائف وترعبه الإنفجارات .
وبدون مواربة أو رمزية فإنني ألخص الصراع الحالي علي السطة بين فصيلين أساسين هما جماعة الإخوان المسلمين وجبهة الإنقاذ ومن يهادنها من معارضة ، والفصيل الأول يسعي بكل قوة لتحقيق مكاسب سريعة  بعد صبر دام سنوات طويلة من الإضطهاد والمعاناه ، وهذه المعاناه ربما تعطي ضمائرها مبرراً من أجل تنفيذ تلك الأهداف بهذه الطريقة ، والفصيل الأخر يسعي بكل قوة هو الأخر لإسقاط الحاكم من خلال شرعية الشارع ممن يقتنعون بهذا الفصيل ويمثلون ضغطاً متواصلاً علي مؤسسة الرئاسة لإحداث توازن في الشارع السياسي .
ولكن المفاجأة أن ضغط الفصيل الثاني لا يمثل أي عبء علي الفصيل الأول علي عكس ما قد يعتقد الكثير ، فهو يسير في خططه وأهدافة بثبات كامل دون التأثر بأي تغييرات أو أحداث ، بل ويستغلون تلك الأحداث من أجل التسريع بتفيذها ، فكل الأدوات المتاحة وغير المتاحة مسموح بها عندهم للوصول ، فلو رجعنا إلي الخلف قليلاً وتحديداً بعد الثورة مباشرة فإننا نتذكر أن الإخوان المسلمين كان لهم هم والسلفيين دوراً هاماً مع عامة الشعب في تكوين اللجان الشعبية في الشوراع والأحياء أثناء انهيار جهاز الشركة بفعل الثورة المصرية ، وتواترت بقوة فكرة تسليح تلك اللجان وتنظيمها من أجل حفظ الأمن ولكن الطبيعة المصرية رفضت ذلك وحلت تلك اللجان نفسها فور عودة الشرطة إلي العمل وتماسكها نسبياً، ولكن عقيدة الإخوان المسلمين ظلت متمسكة بالفكرة ، وتوارت بين أحشاء الجماعة لحين توافر فرصة مناسبة لعودة طرحها .
وبالفعل وبعد تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية جاءت الفرصة لإخراج الفكرة مرة أخري ، حيث بدأوا في البداية يطالبون بإعادة هيكلة الشرطة وبالطبع مفهوم لماذا ، ولما كانت اعادة الهيكلة صعبة في ظل الأجواء الحالية أو أن الإرادة السياسية لا ترغب في ذلك حالياً  بدأت ظاهرة اضرابات أقسام الشرطة عن العمل في كثير من أرجاء مصر ، وقبلها كنا قد طالعنا خبراً يفيد بضبط أكثر من 30 الف بدلة شرطة بزي مختلف عن زي الشرطة المصرية قادمة من أحد الدول العربية لصالح خيرت الشاطر القيادي بجماعة الإخوان المسلمين بميناء الأسكندرية ، ثم نجد من يومان النائب العام المصري المعين من رئيس الجمهورية يطالعنا بقرار بمنح الضبطية القضائية للمواطن العادي بسبب أعمال البلطجة المتزايدة بالشارع المصري ، ثم يعود وينفي المتحدث الرسمي بإسم النيابة ، في تلك الأثناء تتصاعد الإقتراحات بكثير من القنوات المتلفزة وغيرها لتروج لفكرة تكوين لجان شعبية لحفظ الأمن ولو حتي من خلال تكوين شركات خاصة تمنح الضبطية القضائية بحجة الأضرابات المتزايدة لجهاز الشرطة وعدم سيطرته علي الموقف الأمني داخل البلاد ، وتذكروا أن هذه هي الفكرة التي طرحتها الجماعة مع الدعوة السلفية ابان الثورة .
لو ربطنا كل تلك السلسلة المتلاحقة والمتوازية من الأحداث فسوف نكتشف أن النتيجة واحدة وهي مضي الجماعة في هدفها من تكوين ميلشيات مسلحة خاصة تابعة لها علي غرار الحرس الثوري الإيراني مثلاً أو المافيا الإيطالية ، والأمثلة كثيرة علي مثل تلك الميلشيات المسلحة ، بالإضافة إلي ذلك نجد همهمات متواترة بين الفصيل الأخر بداخل جبهة الإنقاذ الوطني والمعارضة تدعوا الجيش المصري للتدخل وانقاذ مصر من الإنهيار علي يد جماعة الإخوان المسلمين ، حتي أنه بدأت بالفعل ظاهرة توقيع توكيلات مكتوبة من البعض للجيش بتولي القيادة والإنقلاب علي الشرعية ، حتي أن صوت تلك الهمهمات صارت اقوي وأكثر ظهوراً بين الجاليات المصرية خارج حدود الوطن ، وبالطبع فإن الجيش يعي تماماً خطورة الموقف ويضطر أحياناً للتصريح إما في المناسبات العسكرية علي لسان وزير الدفاع بأن الجيش لا يتدخل في الشأن السياسي ولكنه يراقب ، أو يخرج بتصريحات علي لسان المتحدث العسكري تؤكد علي احترام مؤسسة الرئاسة واحترام الشعب المصري وخصوصاً علي خلفية أحداث العصيان المدني التي ضربت في البداية مدن القناة ثم امتدت منها بصورة محدودة عبر محافظات الدلتا  .
كل ماسبق والمؤسسة العسكري تراقب عن كسب وبصبر كبير ما يحدث في الأجواء من صراعات ، وتصرح احياناً عبر رسالات تحذيرية للجميع بأنها تراقب عن كسب دون التدخل ، ولكن الخلاصة التي نخرج بها الأن هو رغبة الحزب الحاكم وبقوة في تكوين ميلشيات مسلحة تحل محل الشرطة أو توازيها من اجل حماية مصالحها وتثبيت جذورها في عمق الحكم المصري ، والأمر الأخر هو دعوة المعارضة لكلاً من الشارع والجيش للإنقلاب علي الشرعية التي جاءت برئيس بطريق الإنتخابات .
وإني أقول أن كلا الأمربن في منتهي الخطورة حيث أن خلق ميلشيات وجماعات مسلحة سيحول مصر إلي دولة ميلشيات تتحارب فيما بينها لتحولها إلي مطحنة الحرب الأهلية المتصلة والتي ستحرق بنيرانها كل شئ ، فمصر مستقرة في عز ازماتها بسبب عدم وجود ثقافة التسلح والمليشيات بين أهلها ، والتوجة الثاني بإقحام الجيش في السياسة لإسقاط الشرعية المنتخبة أمر هو الأخر في منتهي الخطورة لأن اسقاط رئيس جاء بصندوق حتي ولو اعتقد الكثير أنها مزورة سوف يجعل الشعب يسقط اي شرعية تأتي بعده حتي ولو كان الجيش ، ولكن الأمر سيختلف لأن الجيش إن عزم الامر فلن يترك السلطة بمثل سهولة خلع مرسي كما يعتقد الكثير .
إفيقوا ايها المصريون نحن بالفعل علي حافة الهاوية وإن سقطنا بها فلن نجد من يخرجنا منها ، فقد أصبح كل شئ منهار وبقي أن نمسك سلاحاً في وجوه بعضنا من أجل قتل المواطن المصري الذي هو أعز ما نملك ، فالأهم الأن هو وقف أي مخطط سيحول مصر إلي ساحة الحرب الأهلية عن طريق الإعداد الجيد للإنتخابات البرلمانية القادةمة لأنها ستكون هي رمانة الميزان لإعادة الإتزان للشارع السياسي المصري إن تمت بالشكل الصحيح الذي يعطي للكل فرص متكافئة حتي نحمي مصر من الإنحدار إلي الهاوية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق