السبت، 16 مارس 2013

ثورة الذقون المصرية


 يكتبها : وفقي فكري
اليومين دول انتشر بين الناس تربية الذقن بغزارة وأصبحت أري كثيراً ممن حولي واعتدت أن أراهم بدون ذقن يطلقونها ، إما يتركونا علي حالها كاملة أو يهذبونها لمستوي معين ، ولكني فعلاً حينما رأيتهم دهشت من ذلك ، مش بسبب تربية الذقن ولكن لعدم تعودي رؤيتهم هكذا ، فأشكالهم اختلفت بشكل كبير، وتذكرت قبل الثورة حين كان الجميع يحلقون الذقن بموس حامي خوفاً من بطش الدولة البوليسية ، فقد كان يكفي لتسجل اسمك بأمن الدولة أن تربي ذقنك ثم تذهب يومين أو ثلاثة تواظب علي صلاة الفروض بالمسجد مع الإنتظار قليلاً لختم الصلاة وصلاة بعض ركعات السنة ، وحين كنت أسال بعض الناس وخصوصاً من كان منهم ملتزم وأري فيه الصلاح لماذا لا تطلق لحيتك وخصوصاً أني أشعر أنك تميل لذلك ؟ فيرد في يأس وتمني مع بعض الإيماءات والغمزات واللمزات ، ثم ينظر حوله وكأنه سيقول سر ، ثم يقول والله نفسي بس إنت عارف الظروف واللي البلد فيه ، وإحنا عندنا عيال ونفسنا نربيهم ، خلينا ياعم نمشي جنب الحيط ، وبعدين يقولك " إلا من أُكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان " .
دلوقتي ستجد الإيمان فط فجأه في وجه الجميع ، فبعضهم من كان مكبوت وماصدق أن تأتي الفرصة ليحقق حلمه في إتمام دينه وينفذ سنة رسول الله صل الله علية وسلم ، وأخرون ركبوا الموجة وأطلقوا الذقن بمناسبة أن التيار الإسلامي الأن هو الحاكم وهؤلاء كُثُر ، أما النوع الثالث فهم من ربُّوا ذقونهم لأنهم مش لاقيين ثمن موس الحلاقة ويسيرون في الشارع يكلمون أنفسهم من الضغط الإقتصادي عليهم بسبب الظروف الحالية ، وكثير منهم تحول إلي مجانين وأصبحت ذقونهم تتدلي حتي صدورهم ، ويقول عليهم الناس حين يروهم يسيرون في الشوارع هائمين علي وجوههم "سيبوه ده بركة " ، ولكن هو في الحقيقة مش بركة هو في بِركه من وحل الثورة .
أما ظاهرة ترك الذقن والتي تحولت موضة هذه الأيام فقد انتشرت في كل مؤسسات الدولة فجأة ودون سابق إنذار ، فرأس الدولة أصبح بذقن ، ورئيس الوزراء بذقن ، وكثير من الوزراء أصبحت ذقونهم تملئ وجوههم ، حتي ظُباّط الشرطة فجأه وجدناهم يتظاهرون من أجل السماح لهم بتربية الذقن ، وحتي البلطجية أصبحوا بذقون ، فكروني بعمرو دياب حين غني أغنية تملي معاك وكان لابس بلوفر جديد وكل الشباب اشتروه وقتها ونسف نسفاً من السوق وسموه وقتها في المحلات بلوفر عمرو دياب ، حتي أن كل أصحابي اشتروه ، لكن للأسف لم أستطع أن اشتري واحد لأني لم أكن أملك ثمنه .
يبدوا أن تربية الذقن أصبحت كارنية الإنضمام للتيار الإسلامي وتعبير عن ركوب التيار اللي ماشي اليومين دول ،مثل كارنيه الحزب الوطني تمام أيام مبارك اللي كان غالبية الشعب عامله علشان يطلع رحلات الحزب ويقعدوا في بيوت الشباب ببلاش ، ولكن طبعاً أنا لا اقصد من هم يربونها من أجل عقيدتهم واقتناعهم الكامل بها علي أساس الإلتزام فهؤلاء كانوا جميعاً مسجلون بلمفات كاملة داخل أرفف أمن الدولة ، وكانوا دائماً جاهزون ببطاطينهم وشباشبهم وطقم لبس احتياطي وتحت الطلب في أي لحظة .
المفاجأه بقي إن كتير ممن كانوا يقولون " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " بعد الثورة ظلوا هكذا أثناء حكم المجلس العسكري ولم تتغير مبادئهم إلا بعد تولي مرسي الحكم !!!! ، نحن الأن لم نعد نعرف صاحب الذقن الحقيقية من ابو ذقن صيني ، ومن يربي ذقنه لعقيدة وإيمان ممن يربونها كسبوبه ، فقد انفجرت ماسورة الذقن المكبوته وتقريباً لن تسد إلا إن نزل التيار الإسلامي من علي رأس الدولة ، فوقتها ياتري هنلاقي كل الذقون دي برضه مغرقة الشوارع ، ولا أصحاب مقولة " عايزين نمشي جنب الحيطة علشان نربي العيال " هيرجعوا تاني يسنوا أمواسهم ليجزوا الذقن ويجعلونها سراميك ؟ .
ياسادة أصحاب المبادئ لا يتلونون مع السياسة ولا يركبون الموجة ، ولا ينتظرون الفرصة من أجل أن يتمموا ما حلموا به ، تحية لكل صاحب عقيدة وكل صاحب لحية حقيقية تكون عنوانه في التسامح وقدوة لمن لا يعتنقون دين الإسلام لنشر صحيح الدين بكل مودة وحب من خلال تصرفاتهم الطيبة ليكونوا مِثل الشجرة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين بأمر ربها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق