الاثنين، 18 فبراير 2013

هل إنتهي شهر العسل بين الحلفاء


يكتبها : وفقي فكري
فوجئنا اليوم بخبر إقالة مستشار الرئيس المنتمي لحزب النور السلفي الدكتور خالد علم الدين مستشار الرئيس لشئون البيئة ، ووفقاً لما ذكرته مؤسسة الرئاسة بأن السبب في الإقالة هو التقارير الرقابية التي وصلت للرئاسة عنه بأنه يستغل منصبة في تحقيق مصالح شخصية ، وفي الحقيقة فإن برامج التوك شو مالبثت أن سنت أسلحتها من أجل "اللت والعجن" في هذا الموضوع ، وتحولت ليلة الإثنين 18 فبراير إلي شاشة واحدة تنقل المؤتمر الصحفي للمستشار المقال وهو يبكي أمام شاشات التليفزيون وأمام الصحفيين متهماً الرئاسة بأنها نالت من شرفة ونزاهته ، وأنه لايقبل إلا إعتذار الرئيس بشخصه عما بدر من مؤسسة الرئاسة عن ذلك .
وكعادة مؤسسة الرئاسة يقال أن مؤسسة الرئاسة ستعتذر علي لسان المستشار فؤاد جاد الله ثم يأتي النفي علي لسان نادر بكار بأن الرئاسة تماطل ، بل وتعلن الرئاسة أنها ستتقدم ببلاغ للنائب العام للتحقيق مع المستشار السابق عما بدر منه في المؤتمر الصحفي ولكشف الحقائق ، وبالطبع فنحن متعودون علي فكرة أن تتخذ الرئاسة أمراً ثم تتراجع عنه ، ثم تعود وتؤكده ويتضح كذبها ، كالمعهود منذ تولي الرئيس مرسي في التذبذب في كل قرار يتخذ داخلها .
ثم تتسارع الأحداث ويعلن مستشار الرئيس للشئون السياسية بسام الزرقا وهو أيضاً من المنتمين لحزب النور تضامناً مع زميلة خالد علم الدين ، وينطلق لسان نادر بكار المتحدث بإسم حزب النور ليوحي بتلميحات إلي شبهة خيانة الرئيس مرسي للشعب المصري وأشياء أخري كثيرة تلمح إلي وجود كواليس كثيرة يعلمها قيادات حزب النور ولا يعلم عنها الشعب أي شئ في إطار الحراك السياسي .
والحقيقة أنه كان ظاهراً منذ فترة حدوث شيئاً ما بين الحزب الحاكم وبين حزب النور وخصوصاً منذ أخر جمعة نظمتها جماعة الإخوان المسلمين تحت إسم " معاً ضد العنف " حين أعلن حزب النور عدم مشاركته في فعاليات هذه الجمعة دون إبداء أسباب مقنعة ، ويبدوا أن الشرخ بدأ بالتحديد منذ أيام حين بادر حزب النور بتقديم صيغة للحوار الوطني وقدمها لمؤسسة الرئاسة علي أن تشمل تقديم حسن النية بتشكيل حكومة إئتلافية جديدة تضم بينها عناصر من المعارضة ومن أصحاب الكفاءات ، وبإستغراب شديد بعد إعلان الرئاسة بدء الحوار الوطني منذ أكثر من أسبوع يتم تأجيله إلي أجل غير مسمي بحجة سفر بعض العناصر والتي من المفترض ستشارك في الحوار، ومن الواضح أن مبادرة حزب النور لاقت قبولاً لدي جبهة الإنقاذ الوطني وعلي حسب ماقيل تم إجتماع بين حزب النور وجبهة الإنقاذ الوطني وتم تقارب في وجهات النظر ، ويبدوا أيضاً أن ذلك لاقي إستياء لدي مؤسسة الرئاسة ، وقيل أيضاً أن حزب النور تقدم بمذكرة إلي رئاسة الجمهورية يؤكد أن هناك بالفعل تنفيذ مخطط لأخونة الدولة بتعيين ألاف الإخوان في مناصب قيادية بالدولة .
ولكل هذه الأسباب أو لبعضها أو لأسباب أخري لا نعلمها حدث فجأه الإنشقاق الحاد بين الحليفين في إنفصال سريع لم يدم إلا لشهور بسيطة ، ولكن السؤال الذي يلح الأن علي أذهاننا ، إذا كنا الأن ينتابنا الذهول من بعض المعلومات التي كشفت نتيجة إختلاف بين حليفين ، فماهي الخفايا الأخري - والتي بالتأكيد ستكون أكثر ذهولاً - التي لا نعلمها وتوحي بعجائب مابعد الثورة وتكشف لنا المستور ؟ ، وهل سيلتف الإخوان المسلمون كعادتهم حول الحقائق ويحاولون المراوغة حول أكاذيب أصبحت لنا معهودة كسمة لهم في الفترة الأخيره من أجل إخفاء مالانعلمه ، خصوصاً وأن معركة إنتخابات مجلس النواب علي الأبواب وقد أعلن عصام العريان أن الحرية والعدالة ستخوض الإنتخابات القادمة بمفرده بالمنافسة علي جميع المقاعد في إشارة مبكرة عن نفور بين الحزبين .
في النهاية فإن الواضح أن شهر العسل بين الحزب الحاكم وبين حزب النور ثاني أكبر حزب بمصر من ناحية الإستحواذ علي أصوات المصريين قد إنتهي وبدأت المعركة بينهم في خطوة جديدة للحرية والعدالة من أجل التفرد بالسلطة والتخلص من جميع القوي الفاعلة في الشارع المصري ، وكما أن مبادرة النور أغضبت الرئاسة لما تفوفت به عليها من نجاح لتلك المبادرة وظهور واضح للحزب علي حساب مؤسسة الرئاسة ، قد ولد حقد عليه واستوجب إستبعاده من المشهد ، وفي كل الظروف وعلي كل الأصعده فإن هذا الشقاق يصب في النهاية في صالح المواطن المصري وفي الصالح السياسي العام لمسيرة الديمقراطية ، لأن إنحياز النور لصف المواطن من خلال تلك الخطوة سيكسبه حباً وتقرباً أكثر نحو الشعب وسيفقد الحرية والعدالة نقطة جديدة نحو الإنحدار ، وبالتأكيد سيحدث توازن جيد وربما سيكشف أموراً لم تكن معلومة للشعب كانت مختفيه في الكواليس المظلمة .
ولكننا نخشي في النهاية أن يتراجع حزب النور عن موقفه بغية مكسب سياسي جديد ، وخوفاً علي خسارة معركة مجلس النواب القادمة ، فهل سيقاوم حزب النور إغراءات الحزب الحاكم في الفترة القادمة ليعود إلي حضنه ، أم ستتولد قوه معارضة جديدة لتحدث توازناً مطلوباً لقوة جديدة ستعدل كفة الميزان .
هل سيرجع شهر العسل إلي مساره القديم أم أن القدر ساق إلينا فرصة سانحة للخلاف ليكسب المصريين وجهاً جديداً من الزخم السياسي المعتدل نحو مصلحة أكبر لكل مواطن مصري ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق