السبت، 19 يناير 2013

الفشل الوظيفي والتفكير الرجعي

يكتبها : وفقي فكري
اليوم لن نتكلم عن الإيجابيات في العمل ، فالإيجابيات من المسلمات التي ينبغي أن تسود أثناء تنفيذ أي عمل ، ويجب أن تتوافر في أي منظومة عمل صحيحة ، بل ويجب أيضاً أن تتحول إلي مداخل للتطوير والتحسين المستمر في أداء الأعمال ، ولكننا اليوم نريد أن نتناول السلبيات التي تسود القطاع العام بالدولة ، ويمكننا أن نتخذ شركة المقاولون العرب كمثال واضح بما أنها من أضحم الشركات التابعة للدولة من حيث عدد العمالة الموجودة بها ، فشركة المقاولون العرب تفتح بيوت أكثر من 75 ألف عامل وموظف ، ولو حسبنا بالمتوسط لكل أسرة مكونة من أربعة أفراد فتكون الشركة مصدراً لفتح باب رزق لأكثر من ربع مليون مصري وربما أكثر ولو حسبناها لنسبة تعداد مصر فستساوي نسبة 0.28 % من تعداد سكان مصر تقريباً ، هذا بحد أدني لأقرب تقدير .
والسلبيات في شركة المقاولون العرب كثيرة ومتعددة ولكننا سنتناول اليوم إثنين فقط من تلك السلبيات لما لهما من تأثير مباشر علي مستوي الإنتاج والولاء سواء للشركة أو الوطن بصفة عامه ، أولهما الفشل الوظيفي ، وثانيهما التفكير الرجعي .
أولاً الفشل الوظيفي : لعل من أهم مظاهر الفشل الوظيفي هو السلبية الواضحة في أداء العاملين بالشركة وتراجع حجم الإنتاج بالمقارنة لمستوي عطاء العامل العادي سواء في دول العالم الثالث أو في الدول المتقدمة ، بل إنها لا يمكن أن نقارنها بمثيلاتها بأداء العامل في الدول المتقدمة ،  شركة المقاولون العرب لا يكاد يتعدي عطاء العامل اليومي لأكثر من ساعه أو ساعتين من أصل 9 ساعات يومياً ، ولعل ذلك يتضح في كثرة عدد العاملين في المجال الواحد بالقسم الواحد دون الحاجة إليهم ، حيث يكفي ربما أقل من ربع عدد هؤلاء العاملين لإنجاز العمل في ساعات أقل من الساعات المقررة لذلك ، ويرجع سبب تكدس العاملين دون الحاجة إليهم إلي وجود فساد وواسطة في التعيينات الجديدة وإلحاق عمالة ليس العمل بحاجة إليهم ولا يمتلكون أي خبرات في إنجاز ما يعينوا من أجله ، وبالتالي فإن ذلك يترتب عليه فشل وظيفي لغالبية هؤلاء العاملين وإلقاء الحمل علي بعض الموظفين ذوي الخبرة ولكنهم في نفس الوقت لا يحصلون علي المقابل المادي المناسب لما يبذلونه من مجهود وربما يحصل في الغالب أصحاب الفشل الوظيفي علي مرتبات ومميزات إدارية أكبر من المجتهدين لما لهم من واسطة ونفوذ لدي المدراء ، وكل ماسبق يؤدي بأصحاب الضمائر في قيامهم بأعمالهم إلي الإحباط وفقد الثقة في العدالة والمساواه في التقييم ويدفعهم ذلك إما لمجاراة الواقع بالتحول إلي صف أصحاب الفشل الوظيفي ليحصلوا علي بعض مميزاتهم أو يتحولوا إلي جبهة المعارضة الضعيفة والتي تؤدي بهم في النهاية إلي إستمرار محاربة الفساد دون نتائج ، ولعل ذلك مايفسر أسباب إنتشار الأمراض المزمنة بين العاملين بالشركة والتسرب اليومي من مكان العمل دون إنجاز أي أعمال .
أما التفكير الرجعي فهو أحد أهم الأسباب الكبري في فساد منظومة العمل الكفء داخل شركة المقاولون العرب ، حيث تربت عقول المدراء داخل الشركة علي التفكير الرجعي في كل قراراتهم ، فالأسلوب التقليدي دون اللجوء للمجازفة هي السمة الأكبر لغالبية مدراء الشركة ، وربما ذلك يرجع إلي طبيعة وثقافة التفكير في العقود السابقة التي إرتكزت علي القبول بالمضمون وعدم المخاطرة من أجل ضمان الإستمرار حتي ولو كانت المكاسب أقل بكثير ، وفي الحقيقة فإن هذا ليس سببه العقول علي قدر ماهو سياسة كانت متبعة قبل ثورة 25 يناير من أجل التوجية لسياسات معينة ترجوها فئة بعينها من أجل البقاء علي كراسيهم ، فالبيروقراطية والروتين هما أهم ركيزتين يمكن أن تقوم عليهم الأنظمة لممد وفترات طويلة دون تخوف ، ولكن هذا الموروث القديم تعمق في العقول والقلوب لدرجة أن فكرة إقتلاعه أصبحت صعبة وتحتاج إلي ثورة داخلية لكل أنظمة الدولة كافة ، ومن أهم مظاهر التفكير الرجعي محاربة النجاح للقيادات الشابة وهدم أي فكر متطور خوفاً علي الكراسي داخل شركة المقاولون العرب ، والتخوف من الإعتماد علي الشباب ومحاربتهم بشتي الأساليب والتقليل بل والإستهزاء في كثير من الأحيان منهم وتهميشهم من أجل المحافظة علي الفكر الرجعي الذي تحكمه البيروقراطية والروتين ، وهذا أدي إلي تأخر إعتماد الشركة علي الأساليب الحديثة في تطوير دولاب العمل داخل الشركة ، وعدم تجديد دماء الإدارة بالشركة من حيث تصعيد الكفاءات الشابة ، والتشبث بالأراء المتخلفة في إدارة العمل .
كل ماسبق أدي بالتبعية إلي حدوث فصل كبير بين أجيال قديمة ذات تفكير قديم وهي التي تقود ، وبين أفكار شابة داخل الشركة تطمح في إعطائها فرصة من أجل تجربة أفكارها المتجددة في تطوير الشركة ، وكان من الطبيعي أن نجد ما يسمي بالقهر الوظيفي الذي وصل إلي ذروته وبدأ ينفجر بين الحين والأخر في صورة إضرابات هنا أو هناك ، والتمادي والإصرار في عدم السماع إلي صوت التجديد والمناقشة الجاده من أجل حل تلك الأزمات والتي يعتمد هؤلاء القادة في حلها علي أسلوبين تقليدين هما المسكنات أو الإختراق بالتفتيت ، وكلاهما لا يؤديان في علم إدارة الصراعات والأزمات إلي القضاء الكامل عليها ، وينبغي علي رئيس مجلس الإدارة والذي لا ينتمي إلي تلك الشركة وسلبياتها أن يحاول القضاء علي تلك السلبيات في أقرب وقت وأن يترك مساحة للشباب في الإعتماد عليهم في المستقبل ، وأن يتخلص وبكل سرعة من حراس الأنظمة السابقة ذات التفكير الرجعي والتقليدي وإلا ستخسر الشركة أكثر وأكثر وسيتحول العامل إلي نظرية التدمير الذاتي سواء لنفسة أو لمنظومة عملة والتي ستخسر في النهاية شركة المقاولون العرب نفسها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق