السبت، 24 نوفمبر 2012

مرسي ليس فرعوناً جديداً


لقد كنت أقود سيارتي عائداً من عملي وأنا أسمع الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي بإسم رئاسة الجمهورية وهو يعلن القرارات الهامة التي كنا ننتظرها منذ أن تم التسريب والإعلان عن إصدارها مساء يوم الخميس الماضي ، ولقد كنت أتحدث مع أحد اصدقائي عبر الهاتف المحمول قبل الإعلان بدقائق وقد إتفقنا علي أننا ننتظر قرارات حاسمة وحازمة يتخذها الرئيس ونرجوا أن يعلن عليها في هذا الإعلان لأننا زهقنا وقرفنا من كثرة التسيب والإنفلات والإعتراض ، ليوقف بها كل الذين تجرؤا علي هيبة الدولة وأضاعوا هيبة الحكومة .
وفعلاً جاء الإعلان عن إصدار إعلان دستوري مكمل نص علي إعادة المحاكمات في قضايا قتل المتظاهرين والإرهاب ، وضع ضوابط لتعيين منصب النائب العام ، مد فترة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لمدة شهرين إضافيين ، تحصين هذا الدستور المكمل من الملاحقة القضائية وكل مايصدر عنه من قرارات ، ثم ألحق ذلك بقانون للمعاشات الإستثنائية لشهداء الثورة والمصابين ، ثم وبعد ساعات صدر قانون حماية الثورة .
وقد فوجئت فعلاً بهذ الإعلان الدستوري الذي جاء ظاهره دكتاتورياً وباطنه فيه الرحمة ، وسأقول لكم لماذا في ظاهرة ديكتاتورياً وباطنه فيه الرحمة .
أولاً وبالفعل وكما يقول المعارضين أن هذا الإعلان يحصن الرئيس وقراراته من أي ملاحقة قضائية وهذا خطأ ولا يتوافق مع الديمقراطية لأنها تستثني قرارات جهة سيادية تنفيذية من رقابة السلطة القضائية ، ولكنني علي الرغم من خوفي من هذا الدستور المكمل إلا أنني أجد نفسي سعيداً به وراضياً بما فيه ، بل لم أكن اتصور أبداً للحظة أن يأتي بأقوي مما تخيلت .
ولكن المتأمل في هذا الإعلان الدستوري سيجد فيه تنفيذاً لوعود الرئيس مرسي أثناء برنامجه الإنتخابي ، فلقد كان وعد الرئيس في برنامجه الإنتخابي أنه سيعيد المحاكمات لقتلة المتظاهرين أثناء ثورة يناير بأدلة جديدة ، كما أعلن أنه سيرد حقوق الشهداء والمصابين ، كما وعد بدستور يعبر عن ثورة يناير ولأنه لم يستطع ذلك بسبب ملاحقته وتكبيله أضطر إلي هذا الإعلان الدستوري .
إذاً كيف كان سيحقق ذلك بدون قرار ثوري -أو أنا أعتبره ثوري - لأنه مغاير لأي توقع طبيعي ونحن نري كل يوم لا أحد يرضية شئ ، فإن حلت اللجنة التأسيسية وأعيد تشكيلها موزعة علي القوي السياسية وتشرع في وضع الدستور فإذا إعترض أحد القوي المعارضة علي أحد مواد الدستور الجديد يقومون بالإنسحاب ويرفعون قضايا بحل اللجنة التأسيسية الثانية .
في الحقيقة لقد زهقنا من الوقوف محلك سر ، لم نتحرك خطوة واحده في أي مطلب من مطالب الثورة ، وربما يكون نفس الذين يقفون الأن أمام شاشات التليفزيون يسبون في الإعلان الدستوري المكمل هم أنفسهم الذين كانوا يخرجون يقولون أن منصب رئيس الجمهورية كبير علي مرسي لأنه لم يقدم أي شئ مما وعد بها ، والأن هم أنفسهم يقولون مرسي أصبح ينصب نفسه فرعون .
أنا نفسي أول من قلت حين وقف مرسي في استاد القاهرة يسرد الأرقام لإنجازات المائة يوم في مجال الإقتصاد والقمامة والمرور وغيرها أنها أرقام علي ورق فقط ولم نشعر بأي جديد .
لقد اصبحت البلد في حالة يرثي لها من التصارع والتقائل الذي هو في الحقيقة ليس صراعاً في حب ومصلحة البلد وإنما هو تصارع علي السلطة ولكسب اسهم ونصيب في تورتة الثورة التي لم تقم علي أكتاف أياً من القوي الموجودة علي الساحة الأن ، من نراهم الأن يملئون القنوات الفضائية لا يعبرون عنا ، أو بالأحري لا يعبرون عني أنا شخصياً فلست مواطناً عاجزاً لإبداء رأيي ولست من قطيع الغنم الذي يسير وراء شخص بعينة دون وعي ، أنا مواطن أمثل نفسي وأعطي رأيي بكل إحترام لوجهة نظر الأخر ، ولذلك فلا داعي أن أوكل هؤلاء الذين ملئت كروشهم من أموال الفضائيات ببرامج التوك شو ويجدون في هذه الأزمة أرض خصبة للخروج من استديو قناة إلي أخري ليجنوا أجور الحلقات ونحن الطبقات الأدني من المجتمع من نجني الذل والضياع من تلك الأزمات .
الرئيس مرسي ليس فرعوناً ولن يكون يوماً فرعوناً أو مبارك جديد ، لأنه وبكل بساطة جاء من بين صفوف الشعب بإنتخابات نزيهه وحره ، ولأنه في رأيي يحمل بين ضلوع صدرة القرآن الكريم ، ربما لا يمثل موضوع القرآن هذا إهتمام الكثير ولكنه بالنسبة لي يعني الكثير ، ولأن الشعب المصري لن يسمح بخلق فرعون جديد .
صحيح أننا فعلاً شعب يوقر رئيسة لحد جعلة فرعوناً مثلما حدث مع مبارك، ولكن مع الرئيس مرسي هذا لا يعجب المعارضون ، وهؤلاء المعارضون هم أنفسهم من وضعوا علي أفواههم شريط لاصق خوفاً من بطش مبارك .
أين كان حمدين صباحي والإعلاميين أمثال لميس الحديدي وعمرو أديب والمستشارالزند والمستشار عبدالمجيد محمود والإبراشي ومصطفي بكري ومرتضي منصور وغيرهم وغيرهم الكثير من النظام السابق ، هل كانوا في غفوة ثم صحوا فجأه علي قلوب جريئة تهاجم الرئيس الجديد تحت مسمي الخوف علي مصلحة البلاد والحرية ، أين كانت شجاعتكم ايام النظام السابق ؟.
في الحقيقة ليس هؤلاء من يخافون علي مصلحة البلاد ، لأننا ببساطة نحن افراد الشعب العامل من نخاف علي مصلحة البلد ، نحن الفلاحون والعاملون والموظفون والمعلمون والطلبة ، والأطباء والمهندسون وأساتذه الجامعات ، نحن الخبازون والنجارون والحدادون وغيرهم من نخاف علي مصلحة بلدنا .
هؤلاء الإعلاميون لا يمثلون إلا أنفسهم كما أن الإخوان أيضاً هم الأخرون يعبرون عن أنفسهم فقط ايضاً ، كل مصري كادح يزرف العرق تحت اشعة الشمس هو الذي يعبر عن هذا الوطن .
أليس هذا مرسي الذي كان الكل يهاجمة لضعف شخصيته ونطالبة بإتخاذ موقف حاسم لإنقاذ البلد ، وحين يأخذ الموقف الحازم نعترض ونقول فرعون جديد ، لقد إتخذ مرسي القرار الصارم لنعبر المرحلة الإنتقالية ونفوت الفرصة علي الذين يسترزقون من وضع البلد حالياً ونعبر إلي الإستقرار ، من نراهم علي الشاشات الأن ليسوا القوي الثورية ولا القوي الوطنية ، من يريد أن يسأل عن الرضا والرفض لهذا القرار فليذهب إلي الفلاح في أرضه ويسأله ما رأيك ، فليذهب إلي العامل في مصنعة ويسألة ما رأيه ، أذهبوا إلي الحرفي والموظف والعامه واسألوهم ما رأيهم ، وكفانا متابعة لمن يمصوا دمائنا وينصبوا أنفسهم وكلاء عنا .
أنا أطالب الدكتور مرسي أن يضرب بكل قوة علي أيدي من يتطاول علي هيبة الدولة وأن ينفذ ماذكرة في الإعلان الدستوري ليأخذ لأهل الشهداء حقوقهم ولينهي الدستور الجديد ، ومن أجل أن نعيد إنتخاب مجلس شعب ومجلس شوري يعود إليه سلطة التشريع وليعبر عن شعب مصر .
لا تخافوا من مرسي ففي قلبة يحمل القرآن ومن يحمل القرآن لن يصبح يوماً فرعوناً ، ولأنه جاء بإنتخابنا له ولم يأتي كما جاء مبارك بإستفتاء مزور شارك فيه أو علي الأقل سكت عنه من هم الأن يصفون أنفسهم بالشرف المهني ، كل من يعارض مرسي الأن لم ينتخبه في الأساس ولم يضع له صوته في صندوق الإنتخاب ، فمن الطبيعي أن يمثلوا المعارضه الباغضة له ، ولكن في نفس الوقت من إنتخبه ساكتون صامتون ولا يملكون الإعلام ليعبروا عن رأيهم ولذلك فصوتهم أقل من المعارضين .
أنا اقول في النهاية سر يامرسي في طريقك لننتهي من الفوضي التي نحن فيها 
سر يامرسي في طريقك لنعبر إلي دستور جديد نحلم به 
سر يامرسي لنري مجلس شعب منتخب يعبر عنا وليعود له حق التشريع
سر يامرسي فمن يهاجمونك الأن يرغبون في إستمرار الوضع علي ماهو عليه لأن في ذلك حقل مغانم لهم .
لقد قرفنا من التحاليل القانونية والفلسفة السياسية وغيرها من المصطلحات التي نسهر نتابعها من عملاقة الإفتاء القانوني وفي النهاية نحن نخسر نظرنا وهم يجنون في أخر الليل أجوراً تملأ حافظة نقودهم .
آن الأوان أن نجني نحن أفراد الشعب البسيط بعضاً من مكاسب الثورة ، نريد أن نجني الأمن والأمان ، نريد أن نجني العدالة في توزيع الأجور ، نريد أن نقضي علي الفساد الإداري في البلد ، نريد أن ننهي علي مشاكل القمامة والمرور ، نريد أن نشعر نحن بسطاء المواطنون بنتائج ثورة يناير وليس الصفوة الذين يصطادون في الماء العكر.
إن الحالة التي عشنا فيها في أعقاب الثورة من دلع سياسي ووقاحة في إستغلال الحرية إلي حد سب رئيس الجمهورية مرات كثيرة والرئيس حليم ويصبر ولا يحرك ساكناً ، إني أحذر المنتفعون من النظام السابق والمنتفعون الأن من الوضع الحالي من غضب الحليم ، لسنا اشلاء تخطون عليها بحجة الديمقراطية ، وإني أدعوا الرئيس مرسي أن يسرع في تطبيق قانون حماية الثورة وأن يتخذ مواقف حاسمة ضد كل من يتطاول علي هيبة الدولة ، وأدعوه أن يرعي الله فيما منح نفسه من تحصينات وأن يتصدي لهوي النفس حتي يعبر بمصر إلي بر الأمان وليفوت الفرصة علي من يصفونه فرعوناً جديداً ولا يلتفت إلي هذا الشو الإعلامي ولا يعبأ بأفعالهم لأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وعلي من يناصرهم أن يعبر عن وجهة نظره بكل أدب وإحترام وإلا طبق عليه القانون ، وللعلم فأنا لن أعطي صوتي للإخوان المسلمين في إنتخابات مجلس الشعب وسأعطية لمن يعبر عن رأيي ليس كرهاً أو حباً في الإخوان ولكن حرصاً علي إيجاد التوازن بين القوي المختلفة داخل البلد .                 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق