الاثنين، 16 أبريل 2012

الـبــالـطــــو الأبـيــــــض


كل يوم علي ناصية الحاره المطلة علي الطريق الرئيسي ينتظرها وهي تعبر الطريق تحمل الأجندة البنيه والبالطو الابيض ومتجهه لتستقل الميكروباص في طريقها إلي الجامعة ، لا يكل ولا يمل كل يوم من الوقوف متسكعاً علي ناصية الطريق ولا يستطيع أن يغادر المكان متجهاً إلي عمله إلا بعد أن يراها وهي تستقل الميكروباص وتنطلق إلي دراستها ، ورغم أن الصباح يكون مبكراً جداً وخافت ورغم أنه يقوم بهذا العمل منذ عام ومرعليه شتاء بطوله ببرده القارص في الصباح ، وصيفة الطويل أيضاً بصباحة ذو الشمس اللازعه إلا أنه لا يمكن أن يتصور أن لا يراها وهي تعبر الطريق وهي حاملة البالطو الأبيص ناصع البياض صباح كل يوم ، فهو مغرم بها وخصوصاً بالبالطو الابيض الذي تحمله علي ذراعها والذي تأكد من أحد أصدقائه بالمنطقة حينما سأله عن هذه البنت ولماذا تحمل هذا البالطو فقال له أنها بالتأكيد تدرس في كلية الطب ومن لحظتها وهو متأكد من أنها طالبة بكلية الطب البشري وبالتأكيد وأكيد أنها بجامعة القاهره ، فحلم حياته أن يتزوج من طبيبة وتكون دارسة الطب بأحد الجامعات المشهورة .
دارت الايام وهذا الشاب يكرر هذا الفعل صباح كل يوم ولا يتعرض لها بكلمة واحدة أو إيماءه تلفت نظرها له فهو كما يعتقد أن الحب الجميل الذي يسمية بالحب العذري - علي حد قوله - لا ينبغي أن تلاحظ به الحبيبة ولا يمكن أن يبوح لها بأي إيماءه تلفت نظرها ، فيكفية أن يراها كل يوم ، وأكيد وبالتأكيد طالما أنها بكلية الطب فمازال أمامها المشوار طويل خصوصاً وأنه يعتقد أنها مازالت في السنة الإعدادية من طب وطبعاً وكعادة تفكيرة الخارق فإنه حدد هذا عن طريق النظر إلي وجهها الجميل ذو الملامح الصغيرة التي أنبأته بهذه المعلومات.
مازال هذا الشاب ذو الأفكار الخيالية يقف كعادتة في نفس المكان مطلع كل إشراقة شمس يتغزل في محبوبة قلبة ويهيم في عبير عطرها النفاذ الذي يشعره بأنة العطر الوحيد الجميل في هذه الدنيا فيستنشقة وهو يغمض عينية حتي يستمتع برائحتة الفواحة ثم يفتحها ليلقي أخر نظرة لهذا اليوم عليها قبل أن يغادر المكان متجهاً إلي عملة .
الساعة الخامسة من صباح أحد الأيام والمنبه يضرب بشدة ولكن الشاب يغط في نومة ولم يفزع من سريرة مسرعاً ليلحق بموعد كل يوم علي ناصية الحارة ، ربما يكون قد غالبة النوم أو ربما تعب من الإستيقاظ كل يوم مبكراً فأراد أن يستريح ، ربما يكون قد غير وجهة نظرة حول الفتاة أو يجوز أنه سمع عنها مالم يسره فصرف نظره عنها، كل تلك الإحتمالات واردة وإلا فلماذا لم يقم من نومة حتي اللحظة ليكرر فعلتة لكل يوم ؟!!!!
الساعات تمر واليوم قد قارب علي منتصفة ومازال الشاب ينام بعمق لابد أن نستطلع الأمر ولكن كيف ؟
بالتأكيد إن عاجلاً أم أجلاً سيستيقظ وسنكمل الحكاية ، ها هو الأن بدأ يتقلب وبدأ في الإستيقاظ يبدوا أن جسمة قد أخذ كفايتة من النوم وحتماً سيستيقظ فهو رمز للإلتزام بالمواعيد وخصوصاً موعدة مع حبيبية علي الناصية ، لقد إستيقظ الأن بالفعل ولكنة لم يتفاجأ أو يحزن علي تفويت ميعاد الصباح الباكر بل قام سعيداً مبتسماً كعادتة وهو يتثائب ويتجة إلي حمامه وهو يدندن بأحد أغنيات الحب ، إذاً فليس هناك ما يعكر صفو حبه وأكيد كل شئ علي مايرام والدليل هو إعتدال مزاجة حتي جعلة يغني بمجرد أن بصرت عينية النور، يبدوا أن هذا هو يوم أجازتة ولذلك إستمر في النوم ولكن هل يوم الأجازه يمنعه من تمتع متابعة لقاء حبيبته؟!!!
وهو بالحمام حضر إليه أحد أصدقائة المقربين والوحيد الذي يعرف قصته مع حبه العذري مع تلك الفتاه ،إنتظره حتي خرج من حمامه ثم باغتة متسائلاً بإستغراب وإبتسامة " لماذا لم تأتي لميعاد اليوم في الصباح الباكر كعادتك لقد قلقت عليك وجئت ربما يكون حدث لك مكروه "، فرد عليه بقولة " حبي لم يعد عذري لقد أخبرت والدتي بالأمر ورحبت بأن أذهب لأهلها لخطبتها ورغم أني كنت أحاول أن أقنعها بالتريث قليلاً حتي نعطيها فرصه للدراسة بكلية الطب ولكن أمي أصرت علي ألا أضيعها من يدي فمثل هذه الفتاه لا تعوض وقالتلي يمكن الأن أن نقرأ الفاتحه مع أهلها ثم بعد حصولها علي بكالوريوس الطب نتزوج ولذلك فأنا اليوم سعيد جداً جداً ولذلك أخذت اليوم اجازه من العمل ولم أجد جدوي من الوقوف مره أخري علي الناصية لأني سأذهب اليوم أنا وأمي إلي أهلها لخطبتها فلقد حددت أمي موعد معهم اليوم في المساء لمقابلتهم "
إستبشر الصديق خيراً ورغم فرحته بهذا الخبر إلا أنه لام صديقه لعدم دعوته للذهاب معهم ولكنة أقنعه بأن الأمر سيكون علي الضيق كما يقولون وأنه سيدعوه للذهاب معه في المرات القادمة .
مر النهار وجاء المساء وحل الموعد وهاهو الشاب الوسيم يجلس هو وأمه عند أهلها وبدأو بالكلام :
أم الشاب : يسعدنا ياحج أن نتقدم لخطبة بنتك لإبننا ويزيدنا شرف أن نناسب عيلة مثلكم .
والد البنت : إحنا اللي يشرفنا ياحاجه إننا نناسبكم ، يا أهلاً وسهلاً بيكم .
الشاب : بصراحه ياعمي أنا اللي شجعني إني أجي لطلب يد إبنتك ما علمته عنها وعنكم من خير ويسعدني أن أتشرف بعيلة مثلكم 
والد البنت : ياسيدي ده من أصلك ، بس ليا سؤال معلش يعني لو فيها إحراج هو حضرتك شوفت بنتي فين علشان تعرف حاجه عن أخلاقها ؟.
الشاب : ياعمي أنا مشفتهاش بصراحه أنا ليا واحد زميلي في كلية الطب يبقي زميل بنتك في الكلية وهو اللي شكرلي فيها ( الشاب يكذب ليجد مخرج من سؤال والد البنت لعدم الإحراج ) .
والد البنت في إستغراب : زميل بنتي أنا في كلية الطب ؟!!!!!!!!!!!! إزاي يعني مش فاهم فهمني يا بني ؟
الشاب وقد بدأ العرق يتصبب من جبهته : بصراحه ياعمي مش زميلي أنا قصدي واحده قريبتنا من بعيد هي اللي مع بنتك في كلية الطب وهي اللي قالتلنا علي بنتك .
والد البنت : برضه مش فاهم .
الشاب : مش فاهم أيه ياعمي ما تعديها وخلاص خلينا في المهم .
والد البنت : بس يابني إزاي قريبتك عرفت بنتي في كل الطب ؟!!!!!!!!!
الشاب : وأيه المشكلة ياعمي ، مش هما كلهم زملاء في كلية واحده ؟
والد البنت : يجوز يكونوا زملاء بس مش في كلية الطب لأن بنتي عمرها ماراحت كلية الطب خالص .
الشاب وقد أصابه الذهول : ليه ياعمي مش هو برضه بنتك في كلية الطب البشري جامعة القاهرة ؟
والد البنت : لأ بنتي في دبلوم صناعة .
الشاب : أيه دبلوم صناعه ، طب والبالطو الأبيض بتعمل بيه أيه كل يوم علي دراعها ؟!!!!!
والد البنت : ماهي في دبلوم صناعه قسم زخرفة وبيلبسوا البالطو ده علشان الرسم في المعمل بتاع المدرسة .
الشاب : طب والدم الأحمر اللي مبقع البالطو ؟
والد البنت : يمكن يكون لون أحمر وقع علي البالطو ، ماهما علشان كده بيلبسوا البالطو الأبيض علشان يحافظوا علي هدومهم من الألوان .
إلي هنا إنتهي المشهد حيث سقط الشاب مغشياً عليه وتم نقلة إلي المستشفي ومن المستشفي تم نقلة إلي مستشفي أخري للأمراض العقلية ليعالج من غرام البالطو الأبيض وقد تم تشخيص الحالة علي أنها " إنفصام في البالطو الأبيض أدي إلي إختلال في الألوان " وإلي اليوم يقبع هذا الشاب بالمستشفي وهو يستيقظ كل صباح مبكراً يقف علي ناصية سريره ويرتدي البالطو الأبيض وهو يقول " غسلت البالطو الأبيض من كل الألوان وبرضه اللون الأبيض مش عايز ينضف منه طب أعمل أيه ، أجيبله كيس دم ولا أركبله كولوكوز ؟ "



ـــــــــــــــــــــــــ كتبها ــــــــــــــــــــــــــــــــ وفقي فكري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق