الخميس، 3 مايو 2012

ثورة الشباب ضاعت بين الشيوخ

عندما نراجع شريط الأحداث من قبل قيام ثورة 25 يناير وحتي اللحظة التي نعيشها الأن نلاحظ أمراً رغم أنه كان متوقعاً وحذر منه الكثير إلا أنه حدث بالفعل ألا وهو ضياع الثوار الحقيقيون الذين نهضوا بثورتهم من أول يوم وتكبدوا خطر مواجهة الموت ، بل وواجه الكثير منهم بالفعل الموت وراح مئات الضحايا من هؤلاء الشباب نظير نجاح الوقوف أمام الظلم وقولهم له لا بأعلي ما بحناجرهم من علو صوت .
أين ثورة شباب مصر وأين هم الأن من نتائج ومكتسبات ثورتهم ؟ ألم يلاحظ جميع من تابعوا أحداث الثورة بجميع مراحلها أن جميع القتلي كانوا من الشباب صغير السن ؟ ألم نشاهدهم عبر كافة شاشات وكالات الأنباء وهم يسحلون ويرمون بالرصاص الحي بصدور مفتوحة سعياً من أجل إنتزاع الحرية من غاصبيها ؟
ربما منكم الكثير من شاهد ذلك الشاب الذي وقف بمنتصف الشارع يفتح يديه أمام جنود الشرطة ليؤكد لهم بأنه من اليوم لا يوجد خوف وأنه ليس شرطاً للشجاعة أن تحمل سلاح ، لقد رفع يديه ليقول لهم إنما أنا أعزل من أي سلاح ولكن لساني ليس أعزل من سلاح الإحتجاج علي الظلم والطغيان فرموه بالرصاص فترنح علي الأرض لتسقي دماؤه الطاهرة طبقات الأسفلت التي أنت من عقود الظلم المتتاليه ، الم يكن هذا شاب مصري ؟ .
إن أيام الثورة الثمانية عشر والتي شهد فيها الميدان قمة التكافل والتعاون حتي أني وصفتها في مقال فيما قبل بأنه كان أشبه بالمدينة الفاضله التي ذكرها أفلاطون في مؤلفاته وجدنا فيها الميدان ممتلئ عن أخره وقبل أي أحد من الشباب المصري الحقيقي الذي تحدي الخوف ونزل إلي الميدان يوم 25 يناير ليصرخ بكل شجاعة " عيش ... حرية ... عدالة إجتماعية " في وقت كنا جميعاً نقبع في بيوتنا أو مكاتبنا نشفق علي هؤلاء من الجزاء الذي سيلاقونه في حال فشلت ثورتهم ، أين كان كل هؤلاء المشاهير الذين نجدهم الأن يملؤن زخم الحياه السياسية والإعلامية ؟ من منهم وجدانه يخرج علينا ليصرح بأنه مع الشباب الثوار ؟ من منهم شاهدناه بالميدان يؤازر إخواننا في موقفهم ويشد من أزرهم ؟ .
إن كل هؤلاء ياساده ممن هم الأن نراهم يطفون علي سطح الحياه المصرية كانوا يجلسون ليشاهدوا الثورة من بيوتهم وينتظرون إلي أي فريق سينتمون ، وحتي من كان منهم معارض كان يعارض في سره خوفاً علي نفسه ،ومن كان منهم يقف مع الثورة كان يقف بقلبة ودعائه ، وبعضهم من كان يقف بصمته العميق يراقب وينتظر النتائج .
لقد كانت الثورة في عز أحداثها موسماً لكل وسائل الإعلام الذي لم ينام لحظة ليتابع كل الصفقات التي تجري علي أرض الواقع وربما كان يلعب في كثير من الأحيان دور المحفز من أجل حدوث المزيد من الكوارث والمذابح لينقل ويكون له سبق النقل حتي يحقق المعدلات الأعلي في المشاهده وحتي يرفع سعر ثانية الإعلان الدعائي علي شاشاته من أجل جني الربح السريع ، فمثلما تعتبر الحروب سوقاً خصبة لتجار السلاح الذين يشجعون عليها من أجل رواج سوق السلاح فقد كان الإعلام يروج هو الأخر من أجل تسويق سلعته علي حساب دماء الشباب المصري.
الأن لم يختلف الأمر كثيراً لأننا نجد بديلاً عن الإعلام للعب دور المحفز من أجل إشعال الدمار والضحية دائماً ما تكون واحده ألا وهي الشاب المصري ، الأن المحفز علي هلاكهم اصحاب المصالح الذين يجنون مكاسب الثورة أو يحاولون أن يجنوا جل نتائجها ، فلن نجد فلول الحزب الوطني فقط هم المسئولون الأن عن إراقة دماء شباب مصر الذكي وإنما إنضم إليهم العديد من الجهات من أصحاب المصالح ، فحين إقتربت الإنتخابات البرلمانية إستعملهم أطياف مختلفة من التيارات السياسية للضغط بهم علي أولي الأمر لتلبية رغبات تصب في مصلحتهم فكانت مجازر محمد محمود وماسبيرو ومسرح البالون وأحداث بورسعيد وغيرها وحين أتت الأن إنتخابات الرئاسة إنتقلنا إلي مجزرة جديدة وهي مجزرة ميدان العباسية ، وفي كل المرات الضحية واحدة وجاني المكاسب واحد.
وربما يكون قد قدر لشباب مصر الثائرون أن يدفعوا الثمن دائماً ، فعليهم في كل مره أن ينفروا لإنقاذ مصر فيموتوا ثم يجني الشيوخ المكاسب ، عليهم في كل مره أن يستسلموا لإستعمالهم في مصالح الغير رغم أنه خروجوا في البداية ليستعملهم الوطن في إقرار اسس الحق والعدل .
لقد ضاغت الثورة وشاخت حينما فقدها شبابها واستولي عليها الشيوخ ممن كنا نراهم فيما قبل الثورة ، نفس الوجوه التي كانت ترضخ تحت وطأه النظام السابق وتتعاطي معه وتنتفع منه علي قدر قربها منه هي نفس الوجوه اللامعة الأن التي تصارع وتقاتل علي الريادة والرئاسة ، واصبحوا كلهم في لحظة هم الداعمون والمتبنون من البداية للثورة ، تحولوا جميعاً إلي ثوار يحكوا تضحيتهم من أجل مصر .
أين كنتم ياهؤلاء وشبابنا يواصل الليل بالنهار يدفع عن الميدان من هجوم البلطجية في موقعة الجمل ، أين كنتم حين دهس صفوة الشباب تحت عجلات عربات الأمن المركزي ، أين كنتم من صلاة كانت تؤدي بالميدان تحت أمطار مياة خراطيم الأمن المركزي .
إن العالم كله يعلم أن الثوار الحقيقون هم شباب هذا الوطن وليس أنتم يا اصحاب الأعمار المديدة التي شاخت تحت توالي الأنظمة الظالمة ولم تستطيعوا أن تحدثوا تغيير ولو حتي قيد أنملة في الأمر ، نحن لا نريد أن يحكمنا شيوخ هزمهم المرض واستولي عليهم الفكر التقليدي في الإدارة ، نحن نريد أن يحكم مصر اصحاب الثورة ، نريد شاب مصري في الأربعينات يقودها بفكر متحرر يكسر كل طرق التفكير العقيم الذي أخرنا مئات السنين عن ركب الدول التي يقال عليها الأن متقدمة .
ليتني أجد شاباً مصرياً يحمل في قلبة وفكرة عقل مبدع محب لمصر لأعطية صوتي في إنتخابات الرئاسة ، وإن أعطيت صوتي لأحد الشيوخ من الوجوة القديمة فإنما سأفعل ذلك لأقدم حق وطني في الإداء بصوتي الإنتخابي ولعدم وجود من يلبي أمنياتي من شباب الثورة ، وحتماً سأكون علي أمل أن تمر السنين سريعاً ويخلق من رحم الثورة شاب مصري يحقق ما كان يحلم به شهداء الثورة

ـــــــــــــــــــــــ كتبها ــــــــــــــــــــــــــــ وفقي فكري ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق