الجمعة، 20 مايو 2011

بائعة الأحلام

براءة الأطفال ترتسم علي وجهها الجميل الصافي،لايمكن أن تنظر إليها ولا تبتسم فهي تبيع للماره المناديل لتجفف بها دموعهم وهمومهم وتشتري منهم أحلاماً لها.
بشري ذات السبع سنوات لاتعلم من الدنيا شئ إلا بيع المناديل ولا تعرف صديق لها إلا الشارع ولا ونيس لخطواتها إلا الأسفلت فهي تجوب الشوارع والطرقات تبحث عن لقمة عيش ولا تعرف أنها تفعل هذا فسنها لا يمكن أن يجعلها مستوعبة لما تقوم به من عمل،هذا العمل هو كل خبراتها في الحياه ولا تعرف غيره ولا تعرف أنه عمل لأنها ببساطه لا تعرف معني كلمة العمل.
رأيتها في أحد الشوارع المطله علي نهر النيل تتحين اشارات المرور لتبيع أكبر قدر من المناديل لقائدي السيارات والماره وفي اللحظات التي لا يمكن أن تبيع لقائدي السيارات تعبر الطريق وتتجه إلي الكورنيش لتبيع للواقفين عليه حزمات من الفل والورود.
بشري مثلها مثل الكثير من أطفال الشوارع تقتات من فتات ما يعطيها الناس في الشوارع ولكنها مميزه عنهم جميعاً في ملامح وجهها.
هذا الوجه الممتلئ بالسماحه والحب والهدوء،وجه تنظر إليه فيملئك بالراحه لايمكن أن تتصور انها تعاني شقاءاً أو بؤساً،ملامحها كلها رضا وطيبه.
إنها توزع علي الجميع باقات من الحب والرضا وتشعرك أنها قدوه يجب أن تحتذي،بشري هي فعلا بشارة خير لمن يطالعها.
ولكن في قلب هذه المشاعر تلمس بداخلها انكساراً وخوفاً دفين مختبئ وراء كل تلك المشاعر النبيله الغير مقصوده من طفلة السبع سنوات،تري ماذا يخيف بشري وماسبب الإنكسار المدفون بداخلها؟.
تأثري بموقفها وبشكلها جعلني أراقبها وأتبع خطواتها وتحينت الفرصه وهي تعبر الطريق في حرص وهدوء متجهه إلي الكورنيش لتبيع الورود وجذبتها لأساعدها علي عبور الشارع ولأعطيها الإحساس بالأمان ولأتمكن من الكلام إليها.
"ماأسمك ياحلوه"هذا كان اول اسئلتي لها وفردت علي بصوت رقيق عذب "بشري"فقلت لها "وماذا تبيعين" فقالت"ابيع الزهور والمناديل...ثم سكتت للحظه وأطرقت تقول"تشتري ورده انها جميله ولها رائحه جميله"فقلت لها بعد أن عبرت بها الشارع إلي الكورنيش "سوف أعطيكي مالاً دون أن أشتري شيئاً" فتلون وجهها وسحبت كفها من يدي وقالت "شكراً فأنا لا أأخذ مالاً إلا لما ابيعه فقط".
استغربت كثيراً هذه الطفله ذات السبع سنوات ترفض مالاً بدون بيع أوشراء كيف تعلمت هذا،ومن أين أتت بتلك العزه وشموخ النفس رغم ظروفها وقسوة الحياه التي مازالت تعيش مهدها الأول.
هذه الطفله هي طفله مصريه ولدت علي تراب هذه البلد ولا تعرف غيرها وتعلمت منها العزه والكرامه والشموخ رغم الظروف القاسيه التي تطحن كل يوم في جسدها النحيل ،إنها رمز لكل المصريين رغم الظروف ورغم ضيق العيش فلديهم نفس صفاتها والتي علمتهم جميعاً هي أرضها الطيبه السمراء .
لا يتهاونون في حقوقهم ولا يقبلون لقمة عيش من غيرهم ورائها ذل أو مهانه.
لقد رأيت في بشري بشرة خير في اجيالنا الجديده التي ستتفتح زهورهم علي ارض مصرنا بهواء جديد ونسمات الحريه التي جلبتها لنا ثورة الشباب .
بشري عندما علمت أنني لن أشتري منها منديلا لأجفف به دموعاً جرات من عيني أو أبعد به أذي لحق بعيني أو أمسح به عرقاً تصبب من جبيني ورأت أني لن أشتم عبق ورودها وأزهارها لتسعد به قلبي إستلت كفها الصغير من يدي وابتعدت لتبحث عن غيري ،لتبحث عن محتاج للمساعده فيشتري منها منديلا أو تبيع له حلماً جديداً وتنشر في قلبه الرحمه والسعاده من رائحة زهورها.
علي هذا القدر تشعر أن لديها مسئوليه يجب أن تتمها اتجاه الأخرين وليس علي الأخرين مسئوليه تحملها هي لهم ،إنها علي العكس تجدها تجوب الشوارع تبحث عن من تساعده وتبيع له أحلاماً جديده.
بشري حقاً بإبتسامتها تبشر الجميع داخل وطني أن السعاده قادمه فلا تخافوا
بشري تبيع أحلامها الصغيره للكبار ليتعلموا منها كيف يعيشون برضا
علمتنا بشري الكثير وباعت لنا الكثير وبشرتنا بالكثير فأنا الأن مطمئن وسألحق ببشري لأشتري منها حلماً لمستقبل وطني وأتعلم منها كيف أرسم البسمه الصافيه علي ملامحي مثلها
                                                                                                                        وفقي فكري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق