الجمعة، 22 أبريل 2011

أوعوا تسبيوا مصر



بقلب الميدان ووسط الزخم الذي ساد كل أرجاءه وتناثرت في جنباته المتراميه،تداخلت وتنازعت الهتافات والإستغاثات والتهليل وانشغل الكل بأمر جلل أمر قد تكون المره الأولي التي يعيشها مجموعه من الأجيال التي اعتادت أن تسمع دوماً عن أمجاد من سبقونا ونالوا شرف وفخر النصر ولم ينالوا بل لم يجربوا يوماً أن يكونوا مثلهم سمعوا كثيراً عن انتصارات اكتوبر وقبلها حكوا لهم عن ثورة الجيش وعن سعد زغلول وأحمد عرابي وغيرهم وغيرهم سمعت تلك الأجيال الشابه عن مواقف وأفعال جعلتنا نفخر أننا مصريين ولكن كان كل هذا فخر بالتوريث ولم يعيش واحد منهم احساس النصر احساس الرجوله احساس الدفاع عن الوطن قد يكون الكثير منهم تمني يوماً ان يكون مدافعاً عن تراب الوطن تمني أن يضحي من أجله بكل مايملك ولكن كيف ومتي .
تصور الشباب عن عصرهم هو عصر السكون عصر الذكريات هذا زمن الحكايات والروايات التي قتلت بحثاً واستغلتها جميع وسائل الإعلام والسينما لتحولها إلي أمجاد وتحول كلمات مكتوبه بحبر علي ورق إلي تمثيل يقرب لهم تخيل كيف كانت سطور في التاريخ لا يجب أن ننساها ولن ننساها.
ويأس من عاش بمصر وتربي فيها من الشباب أن يربي أولاده كما تربي فلقد انجبوا أجيالاً جديده لن يستطيعوا أن يحكوا لهم كما حُكي لهم لن يستطيعوا أن يتخيلوا الخيال الذي لم يعيشوه يوماً وخصوصاً اننا في زمننا هذا قتل كل حيز للخيال ولم تعد البيئه ملائمه للتخيل ولوصف الخيال يأسوا أن يتربي أبنائهم علي مثل ماتريوا هم عليه.
ووسط اليأس والإحباط أرادوا أن يعايشوا واقعهم وأن يتغلبوا علي طعم المرار بأن يهربوا من هذا الوطن الذي لم يعد وطن إلا لقله من المنتفعين ومن لا يقبلون أن يعيش معهم أحد فالأرض لم تعد تسع إلا لهم .
هرب الشباب من الموت إلي الموت وانتشرت أخبار الهجرة غير الشرعية وتبعها الغرق في أوهام السفر والهروب من العذاب وتلاطمت أحلامهم في أمواج المحيطات والبحار وذهقت أرواح الكثير والكثير .
وبعد ان نفذت طاقات الشباب والأجيال الجديده وتاهوا وماتوا علي العبارات ومراكب الصيد ولم يجدوا بد من الهرب ومعايشة المرض المزمن الذي يزداد ولن يموت وفجأه.....
وفجأه انفجر البركان وقرروا أن يواجهوا المرض لا أن يعايشوه اقسموا أن يعالجوا المرض أن يستأصلوا السرطان وأيقنوا أن الحل أن يواجهوا الظلم والفساد بدلاً من أن يهربوا ويتركوا له الميدان.
وفي قلب الميدان تجمع الملايين اختلفت اشكالهم وثقافاتهم وميولهم وجمعهم هدف واحد ولو نظرت في عيونهم لوجدت لمعه وبريق لن يختلف بين الطويل والقصير بين النحيف والسمين الكل جمعتهم كلمة بلدي لن أتركها بلدي هي وطني بلدي هي بيتي لن أتركها وأهرب لأبحث عن وطن أفسح من وطني بعد أن ضاق علي لن انسحب واشنق جسدي بميدان أو كوبري لن اقف بسلبيه وأترك حق اولاي يضيع وسط الخوف والرعب من البطش لن اترك بلدي..... لن أترك بلدي..... لن أترك بلدي.....
وفي قلب الميدان ومرة أخري يظهر من بعيد رجل ليس من الشباب وليس من أجيال الخيال، رجل سار في وسط الميدان يحكي حكايه جاءت متأخره ليسمعها الجميع جاء ينصح بعد أن اعتبر الثوار وقامت الثوره .
جاء من بعيد يحمل بيده عصاه مثبت بها لوحه كبيره مثبت عليها مجموعه من جوازات السفر التي تحكي كل تأشيره علي صفحاتها قصة هروب لهذا الرجل من بلد إلي بلد يبحث عن وطن يبحث عن وطن بديل وأخيراً عاد فوجد الشباب ينتزعون الوطن من الطغاه ويضربون علي أيديهم بكل قوه ليسترجعوا أرضهم ويعيدوا الأمجاد وليتحولوا من أجيال عاشت حكايات الخيال إلي أجيال صنعت أعظم الأمجاد وحققت أعظم الثورات.
جاء هذا الرجل من بعيد وهو حامل إرهاق السفر والغربه وهو يهتف ويقول " إوعوا تسيبوا مصر ياجدعان مش هتلاقوا زيها أبداً أنا لفيت بلاد كتير وعشت عمري كله مسافر وملقيش زي مصر، مصر حلوه ومفيش بلد زيها، أوعوا تسيبوا مصر ياجدعان"
وسار يهتف وسط الميدان وتواري في الزحام وهو مازال يهتف نفس الهتافات وكأنه غير مصدق لما يحدث أو ربما خاف أن ينهار الصمود ويتراجع الشباب عن ثورتهم ويرجع هو مرة ثانيه يهرب للغربه فأراد أن يقوي من عزمهم وأن يحفزهم من أجل الإستمرار.
نحن جميعاً لن نترك مصر ولن نسمح لشبابها أن يتركوها بعد الآن وسنظل نرددها ونقول دوماً مصر هي وطننا ولن يستطيع أن يخطفها بعد اليوم من يريدنا أن نعيش عصر من الخيال فهذا العصر أنتهي وجاء عصر الواقع 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق