بقلم: وفقي فكري
أن يصدر تقرير من منظمة دولية تصف ما حدث في
14 أغسطس 2013 أثناء فض إعتصامي النهضة ورابعة العدوية بالدموي والمجزرة ويرتقي
إلى جرائم ضد الإنسانية فهذا بالتأكيد ناتج عن عملية بحث على مدار عام حيث أن
التقرير احتوى خلال صفحاته الـ188 على منهج البحث وطرق الإستقصاء والعينات
والمقابلات والمشاهدات والإطلاع المباشر على الكثير من الأدلة والقرائن من خلال
فريق عمل المنظمة نفسه داخل مصر على مدار هذا العام رغم اعترافهم بالتضييق عليهم
وتقليص الحرية في الأداء ولكن كون هذا التقرير يصدر عن منظمة يقع مقرها بالولايات
المتحدة الأمريكية فهذا قد يثير لدى البعض الكثير من الشكوك خاصة وأن موقف أمريكا
معروف منذ عزل مرسي وما صاحبه من تأثير على العلاقات المصرية الأمريكية خلال تلك
الفترة وفي الآن ذاته لابد أن نأخذ التقرير مأخذ الجد ونتعامل معه بموضوعية
وحيادية تامة وعلينا ألا نقف في جانب المهاجم لهذا التقرير ، فمن ماتوا مصريين
وليسوا يهوداً والحقائق تقول أن هناك أكثر من ألف جثه لقيت حتفها خلال فض
الإعتصاميين وبخاصة في ميدان رابعة العدوية ، فمن قتلهم إذاً ، لابد أن يكون هناك جاني
سواء كانوا ضباطاً من الجيش والشرطة أو من المعتصمين أنفسهم ولابد ان يكون هناك
تحقيق وهذا ماطالب به التقرير وانتقده واستنكر عدم وجود أي ملاحقات أمنية وقضائية
لمن قتل هؤلاء داخل مقرات الإعتصام وكأنهم ذباباً حام حول النار فاحترق ولم يشعر
به أحد ، وحتى اللجنة التي شكلتها الحكومة إبان فض الإعتصاميين وتمثلت في المركز
القومي لحقوق الإنسان لم يستمر عملها طويلاً وإنما عجلت بتقريرها وكان التقرير
يشمل في أغلبه على التركيز على انتهاكات المعتصمين أنفسهم مثل الحجز القصري والتعذيب وساندت عملية الفض ووصفتها بالقانونية
وكأن التقرير أعد خصيصاً لمساندة الحكومة ، فماذا ننتظر من لجنة هى في الأساس
حكومية وإن أظهرت غير ذلك تحت غطاء الحيادية والمضوعية ، في حين أن لجنة تقصي
الحقائق حول أحداث 30 يوليو 2013 والتي على أثرها عزل مرسي لم ينتهي عملها حتى
الآن وظلت عاجزة عن الإنتهاء مما وكل إليها حتى صدور تقرير هيومن رايتس ووتش فطلبت
الإستعانة به لتعديل نتائجها ، فكيف تنتهي لجنة تحقق في موت آلاف من عملها في عدة
أشهر بينما تظل لجنة أخرى تبحث في أحداث إنتفاضة شعبية مات فيها عدد أقل بقليل من
الثانية ، وعلى الفور وفي يوم ذكرى 14 اغسطس 2013 يصدر تقرير أخر من قبل منظمة
دولية أخرى هى منظمة العفو الدولية حول نفس الأحداث ولم يختلف كثيراً عن تقرير المنظمة
الدولية الأولى حيث أنه وصفها أيضاً بالمذبحة واستنكرت أيضاً هو الآخر عدم تقديم
ضابط واحد للمحاكمة على الرغم من مناشدتها الحكومية المصرية فعل ذلك على الرغم من إلقاء
القبض على أنصار مرسي ومحاكمتهم وإصدار الأحكام بحقهم عقب محاكمات جماعية وصفتها
المنظمة بـ"الجائرة" .
رغم شكوكنا في الدوافع التي وراء إصدار
تقريري منظمة هيومن رايتس ووتش بهذا الشكل إذا ما وضعنا في الإعتبار مصلحة الدول
التي تقبع بهما تلك المنظمتين وهما الولايات المتحدة وبريطانيا على خلفية موقفهم
من عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي إلا أن تقريرهما لابد أن نأخذه مأخذ الجد وخصوصاً
في قضية عدم تقديم المسئولين عن القتل للعدالة وعدم الحياد في استهداف عناصر جماعة
الإخوان المسلمين ودفعهم الفاتورة كاملة عن ذلك رغم أنهم كانوا هم المعتصمين
وإخراج مؤسستي الداخلية والجيش من الأحداث وكأنهم لم يقتلوا مواطن واحد في أثناء
الفض ولو حتى بالخطأ ، ولابد أن نعترف بأن تقرير لجنة تقصي الحقائق بمصر لم يرقى
إلى مستوى تقريري المنظمتين حيث لم يحتوي على منهجية البحث والتقصي وحالات ودلالات
التحليل والمشاهدات ولم يعرض بشفافية أي محتوى يوضح أسانيد البحث واكتفى بمؤتمر
صحفي هزيل أعلن فيه عدة نتائج جاءت كلها في صف الحكومة والنظام.
وفي النهاية علينا ألا نقف في صف الرافض
دوماً لأي شئ ينتقد الحكومة لمجرد أنه جاء على غير الهوى فنحن الشعب المصري لا
نهتم بمصالح الحكومات على قدر اهتمامنا بمصالح الشعب الذي هو الأصل والأساس وللشعب
المصري الحق أن يعرف الحقائق حتى وإن كانت صادمة إعمالاً لمبدأ الديمقراطية
والعدالة وإحقاق الحق حتى وإن كلفنا ذلك إقالة حكومة أو إدانة مسئول مهما كانت
وظيفته فالوطن فوق الجميع ومصر أهم من أي مصالح خاصة.
#رابعة_العدوية
#النهضة
#هيومن_رايتس_ووتش
#منظمة_العفو_الدولية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق