الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

لماذا سيقول الشعب نعم لدستور 2013




يكتبها : وفقي فكري

بعيداً عن أن الشعب المصري له حضارة سبعة آلاف عام وأن أجداده الفراعنة بناة الأهرامات وأن مصر أم الدنيا والمحروسة وأرض الكنانة فهذا كله حديث مستهلك خضنا فيه كثيراً وظللنا نقوله حتي أصبحنا متخلفين عن الركب آلاف السنين ، فعبدما كان العرب هم أصل العلوم ومبتكروها في العصور الأزهي للعرب الوسطي والمتخلفة لأوروبا إنقلبت الآية وأصبح الوضع مختلف وتفككت الوحدة والقومية العربية وصرنا نعتز كلاً بقوميته الأنانية وأصبحنا وأمسينا نعيش علي الأطلال .
واليوم الحديث لا علاقة له بالقومية العربية وإنما له علاقة بالشأن المصري الداخلي للإجابة علي سؤال ، لماذا سيقول الشعب المصري نعم لمسودة الدستور 2013؟ .
والتحليل بالتأكيد واسع بقدر يسمح لي بالتفلسف وإبداء توجهاتي الشخصية ولكني لن أفعل ذلك وإنما الأمر أيسر من هذا بكثير ، نحتاج فقط لأن نحاول تحليل شخصية وتكوين الشعب المصري لنري النتائج التي ستؤثر بالسلب أو الإيجاب علي التصويت ، أولها نسبة الأمية ، هل تعلمون أن نسبة الأمية ممن لا يعرفون القراءة والكتابة بمصر تتخطي ربع الشعب وأن نسبة الذكور الأميين خلال عام 2010 بلغت 18.8% مقابل 33.6% للإناث طبقاً لتقرير الأمم المتحدة الصادر في سبتمبر 2013 ، ضف إلي ذلك أيضاً أن نسبة 99.9% من الشعب المصري لايملك خطة موضوعة لحياته في الحاضر أو حتي هدف للمستقبل ، بل يصبحون وينامون بعشوائية عيش اليوم بيومه وبالطبع أترك نسبة الواحد من عشرة في المائة لربما يكون هناك من يخطط أو ينوي حتي التخطيط لحياته ، أضف إلي معلوماتك أنه في التقرير الصادر عن مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء عام 2008 قدر عدد سكان العشوئيات بمصر عام 2005 بإجمالي 6.2 مليون نسمه علي مستوي الجمهورية ، وهذا طبعاً تقرير تجميلي لأنه صادر عن الحكومة أما تقرير المجلس القومي للسكان الصادر في إبريل 2013 ذكر أن نسبة المصريين الذين يعيشون في العشوئيات بلغ 62 مليون مصري يسكنون في 1221 منطقة عشوائية بمختلف محافظات مصر ، هؤلاء بالطبع لا يملكون حق الحياه العادية في مجتمع يشمله الرعاية الصحية والتعليمية والتثقيفية والترفيهية المطلوبة ناهيك عن تدني الخدمات الأساسية ، ننتقل الأن إلي البطالة حيث ذكرالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نوفمبر 2013 أن نسبة البطالة وصلت إلى 13.4% من إجمالي قوة العمل، خلال الربع الثالث من عام 2013 وأنا عدد العاطلين عن العمل بلغ 3.6 ملايين شخصاً ، أي أن هناك ملايين من الشباب والشابات وغيرهم بالإضافة إلي الشيوخ والخارجين علي المعاش يجلسون علي المقاهي وفي البيوت يلعبون دور المتلقي بلا هدف وبإحباط تام ، نذهب معكم إلي خريطة الحزبية والسياسية في مصر ، فهل تعلم عزيزي القارئ أن من ينتمون إلي أحزاب بمصر نسبة لا تتعدي 5% من الشعب المصري موزعين علي أكثر من 80 حزب وبقية الشعب مسلجون في حزب الكنبة المستقل بلا حياة حزبية وأن مؤسسات المجتمع المدني لا تقوم بدورها الأصلي في التوعية والتثقيف وإنما تعمل لحسابات شخصية أو توجهات سياسية معينة مقابل تمويل ضعيف وهزيل لا يرقي إلي حد الإتاحة لتنفيذ برامج لتلك المؤسسات الجادة في العمل الميداني ، والآن نختم بمؤشرات التكوين النفسي للشعب المصري ، فالمعروف أننا شعب يمتلك العاطفة بغزارة فنسبة 100% منا تتحكم فيهم العاطفة وتؤثر وتتأثر بالأحداث المحيطة وتعطي نتائج متوافقة لهذا التأثير بغض النظر عن الحدث موضع التقييم .
من كل ماسبق ستجد أن الأمية والعشوائيات والبطالة والعاطفة وعدم التخطيط أو الهدف للمستقبل بالإضافة إلي التمثيل الحزبي والسياسي الهزيل كل ذلك يتحكم فيه التوجيه الإعلامي وتأثيرة السحري في الحشد لتوجه سياسي معين ، فهكذا يتعامل القادة والساسة مع الواقع المصري ، يمسكون بورقة وقلم ثم يقسمون الشعب إلي فئات ومناطق مستهدفة للتأثير عليها ثم يطلقون ألسنة الإعلام لتملأ عقولهم بما يشاءون من نظريات فالشباب العاطل عن العمل محبط وكذلك من لا يقرأون مضطرون للسماع من الأخرين وسكان العشوائيات يعودون منهكين من القتال في ميدان البحث عن لقمة العيش ليتركوا عقولهم لغيرهم ليحشوها بما يشاؤون ومن لا يخططون لا يعلمون مامدي التأثير السلبي أو الإيجابي لإتخاذ القرار لأنهم لا يطمحون في مستقبل مختلف بسبب عدم وجود الهدف أو القدوة ، أما الأحزاب فهم أداة توجية أخري تستخدم للتأثير مثلها مثل الإعلام ونأتي للعاطفة مصيبة المصائب عندنا لأنها في النهاية هي المحور الأساسي في التعبئة والحشد لأي قرار فما نملكه من عقار العاطفة ضخم لدرجة أننا قد نتخذ قراراً تحت تأثيره لا نملك بعدها التراجع عنه مع غياب للعقل ، كل ذلك عزيزي القارئ يجعلك تعرف لماذا لا يرغبون في تغيير الحال ويقاتلون من أجل بقاء الحال علي ماهو عليه ، ومن أجل ذلك أيضاً سيصوت الشعب بنعم لمسودة الدستور الجديدة لأن التوجية الإعلامي يقوم بدوره علي أحسن وجه مقابل أن من حاولوا قراءة المسودة التي سيصوتون عليها لا يتعدي نسبة الواحد في المائة من الشعب أما البقية فسماعي فقط ، وبالمناسبة فإني سأقول نعم للمسودة .  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق