الجمعة، 19 أبريل 2013

لا أقوال ولا أفعال الحال هو الحال



يكتبها : وفقي فكري
يبدوا أننا نؤذن في مالطه ، مصر تلك الدولة التي استشري فيها الفساد والظلم مازالت لم تحرك فيها الثورة قيد أُنمله من اختلاف أو تغيير ، ويبدوا أن مصر ورِثت منذ عهود بعيده الحكم الفرعوني وكبرياء الحكام وطغيان أولي الأمر ، فجرت العاده علي أن من يملك يستمر في سياسة من سبقه من ظلم وجور وفساد واستحواذ ، لقد أصبحت مصر ذبيحه هامده يتقاتل عليها الأكله والجائعون ، فأنا أري الأن الصرع يلمع في عيون من يتقاتلون فوق جثة مصر ، وعلي مقربة منهم بعض الضعفاء يتحيّنون الفرصة ليقفزوا علي الفريسة فور خلو موضع قدم حلوها من المفترسين وقد سال لعابهم وخرجت أنيابهم تزداد طولاً علي أمل أن يغنموا بقطعة من جثة مصر الهامده .
لم يعد فيمن نراهم أهلاً للثقة ولا موضعاً للقياده ، والكلام يتكرر بمطلع كل شمس ومع بزوغ النجوم ولا نجد تغييراً ، هؤلاء يتكلمون فيقبضون بقدر ما يلوكونه بألسنتهم من تفسيرات فلسفية وأراء متخلفة تدور حول مركز الدائرة ،  وها هم المصفِقون يجلسون علي الكراسي المريحه تصدع طرقعة كفوفهم أذاننا تهليلاً لمن يتكلم ويصول ويجول ، ومن الجانب الأخر نجد من يحفز النار علي الإشتعال بحجة إضاءة الطريق للشعب علي أنهم اصحاب الرؤية والبصيرة وذوي الرأي والمشورة في مواجهة المستبدين ، فلا نري إلا ناراً تعلو في السماء لتحرق كل ما تصل له من إنسان وحيوان ونبات ، ولانبصر إلا دخاناً من المولوتوف والغاز الخانق وطلقات الخرطوش القاتله .
من قال أن النار تنير الطريق ، من قال أن اسراب الدخان تهدي الركب إلي الدرب ، من قال أن الخرطوش يحمي الثورة من الإنتكاسة ؟ ، هل رأينا نظاماً يتغير أو مواطناً يُنصر ، مازال المواطن عبداً للنظام ، ومازال النظام وصِي يحكم بأمر الله في الأرض وينفذ أحكامه ضد معارضيه بأمر من السماء وبشرعية حكم الدين ، فمن جعل طائفة تمثل الدين دون أخرين ، ومن خول للبعض الحكم علي من يريد بالكفر والإرتداد ؟.
لمن يقول أن مصر بفضل الثورة تتقدم إلي الأمام فلينظر معي من فوق جبل المقطم علي حقيقة الأمر ، وليشاهد معي من فوقه فعاليات الثورة المجيدة التي تتقدم إلي الأمام ، هنا نجد طرق تزداد إختناقاً من زحمة المرور ، وبجواره يقف جماعة من المتظاهرين يقطعون طريقاً من أجل مطالب فئوية ، وعلي مقربة منهم نجد محطة لتمويل السولار والبنزين وقد امتد طابور الإنتظار إلي عدة الكليومترات في انتظار الحصول علي بضعة لترات من الوقود ، أما هذا المكان البعيد فلا نري منه شيئاً لأن التيار الكهربائي منقطع عنه منذ ساعات طويلة حولته إلي كتلة من الظلام الدامس أشبه بالقبور ، ولو اقتربنا قليلاً من قلب العاصمة فسنجد إغلاقاً للميدان من أجل من يطلقون علي أنفسهم ثواراً ، وبجواره ميدان أخر يتناحر فيه جماعتين اختلفتا علي قطعة لحم من جسد مصر الملقاه علي قارعة الطريق وقد امتلئ المكان بالدخان وتصاعد منه ألسنة اللهب وغلفه أصوات إطلاق النار وانتشرت حوله سيارات الإسعاف بصوتها المنبه لوجود صرعي وأموات ، لنترك هذا المكان ونقترب من المطار لنري أفواج  رسمية من دول غربية وعربية يتفاوضون مع القادة علي اقراضنا بضعة مليارات من الدولارات أجل إنقاذنا من الإفلاس ، وعلي المقربه نجد من يقف متنمقاً ليصرح بأننا سنحصل علي الكثير من المليارات ولا نري إلا أوهام إعلامية بدون أي جديه ، سأترك المطار وأخذك إلي الجهة الأخري من النيل لنري سجن الليمان الذي يقبع فيه رمز النظام الذي خلعته الثورة وهو يلوح إلي أنصاره وقد حزم حقائبه ليلحق بمن سبقه من اقرانه من أفراد نظامه المنتظرين في منازلهم يغردون علي تويتر وفيس بوك ، سألفت نظرك إلي المدينة الموجودة في أقصي مشهد العاصمة لنري من يحاصرون الإنتاج الإعلامي يرفضون دخول بعض الإعلاميين بدعوي أنهم مأجورين يلهبون المشهد الملتهب في الأساس ، سنعود إلي ضفة النيل الشرقية مرة أخري ونحن مازلنا ننظر من أعلي المقطم علي كامل المشهد لنري هنا علي مقربة منا تظاهرات تندد بمن يهاجمون الأزهر في شخص الإمام الأكبر ويهددون من يمس تلك المؤسسة بأي سوء ، نري الأن مؤتمراً صحفياً بداخل حزب الوفد يرفض ويندد ويحذر ويهدد دون أن يقدم أي مقترح يهدئ من الأوضاع وأمامهم من يصفقون تشجيعاً لهم وتأييداً لجملهم المرتبه والمنمقه ، وهنا بوزارة المالية نشاهد الوزير يصرح بسعادة غامره عن أن حصيلة الضرائب قد تضاعفت عدة مرات في الشهور الاخيرة من دم الشعب الغلبان ، وعلي طريق سريع نشاهد بوضوح سيارة تقترب من أخري تقطع عليها الطريق لتقوم بسرقتها بالإكراه من صاحبها تحت تهديد السلاح وعلي المقربة دورية مرورية تشاهد ما يحدث وتحتمي بالحواجز خوفاً من إطلاق النار عليها حتي يختفي السارقيين وينتهي الأمر ، علي مقربة من ذلك نري رئيساً للوزراء يخرج علينا ليعطي تصريحات ضعيفة لا تحوي علي أي معلومة حقيقية تنم عن أي تقدم في أي شئ ، ونعود مرة ثانية إلي المطار لنتابع قدوم الرئيس من أحد زيارته الخارجية من أجل التسولات الدولية والتوسلات العربية ونلاحظ أنه سينتظر قليلاً بالمطار علي سبيل الترانزيت ليواصل مشواره العظيم لدولة أخري بحثاً عن التمويل تاركاً البلد غارقه في شلالات القتال والإنتقام ، هاهنا علي مقربة من المقطم تحجب عنا تلال القمامة المشهد ولا نري إلا جبال من الزبالة تتزاحم في الطرقات وعلي قارعة الشوارع تتنافس فيما بينها علي تضييق الحارات واختناق المرور ، نري من بعيد مصالح حكومية مازالت تكتظ بالفاسدين والمفسدين وأصحاب النفوذ يتصرفون فيها كيفما يشاؤون ، فهانحن نري الأن مديراً يجازي موظفاً عدوناً وظلماً ، وبجواره أخر ينقل عاملاً تعسفياً لمجرد أنه يطالب بحقه المشروع ، وعلي الناصية الأخري نري مركزاً للمرور بداخله موظف يفتح درجه ليتلقي رشوة من جيب طالب خدمة ، وفي الجانب الاخر نري تلاميذ يجلسون بالفصول لا يجدون من يعلمهم أو يربيهم ، وهناك مستشفي يقتحمها بعض الناس ليضربوا طبيباً رفض قبول حاله طارئة لعدم وجود مكان أو دواء بالمستشفي ، وبأحد الأحياء الشعبية نري الإقتتال علي شئ لا نستطيع أن نستبين ماهيته ، فلا ندري هل كان مستودعاً لأنابيب البوتاجاز أو مخبراً للخبز المدعم ، ومن قلاع التعليم داخل القاهرة نري أحد الجامعات وقد تحولت إلي بيت اشباح بعد إيقاف الدراسة بها بسبب الإشتباكات وجامعة أخري يحاصر طلابها مكتب أحد العمداء يطالبون بتقديم استقالته ، ونحاول من بعيد أن ندقق النظر في المحافظات والأقاليم فلا نستطيع إلا أن نري غياماً وعواصف واشتباكات في كل مكان فنرجع لنري أضواءاً لا تخفت بداخل القصر الجمهوري بمصر الجديدة فنقترب منه بنظرنا لنري متحدثاً رسمياً يصرح بأن مصر تسير علي خطي التقدم بخطي ثابتة .
أي تقدم هذا الذي تتحدثون عنه ، وأي هراء هذا الذي تكذبون به علي الشعب المسكين ، وأي خيالات تستقون منها نظرياتكم ، هل تشاهدون سلسلة أفلام هاري بوتر الخيالية ، أم أنكم تستعملون مسحوقات إريال وبرسيل لتزيل كل بقع السواد من علي جسد الوطن لترونه ناصع البياض ، ندعوكم لإرتداء نظارة لتصحيح الإبصار ومشاهدة مصر من فوق هضبة المقطم لترونها علي حقيقتها ، وسترون الجحيم الذي يعيش فيه الشعب ومع ذلك لا يزال صابراً ويحلم بأن يأتي غداً قريب تنتهي فيه الملحمة وينصلح الحال ، فهل سيري القاده مانعاني منه نحن الشعب ، ويتوقفوا عن الإدعاء بمالا يضاهي الحقيقة في شئ إلا أوهاماً في خيالهم ، ويهبطوا إلي أرض الواقع ويصلحوا في رجولة ومواجهة ما أفسده الحاقدين ، كفاكم خداع لأنفسكم وواجهوا ولو لمرة واحدة ما عيّنَاكم من أجله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق