الأحد، 2 ديسمبر 2012

أيتها المعارضة إثبتي مكانك


 يكتبها: وفقي فكري
بالتأكيد المعارضة موجودة في كل دولة بها نظام ديمقراطي ، بل وتعتبر المعارضة دليل قاطع علي حرية ممارسة الحقوق والحريات ، فلن تجد دولة تمارس فيها الديكتاتورية وإحتكار الفكر تسمح بظهور المعارضة في وجهها ، وبمقدار ديمقراطية الأنظمة بمقدار السماح بقوة المعارضة ، فكلما طبقت الديمقراطية بطريقة مثالية كلما زادت ضراوة المعارضة .
إذاً نحن لا نختلف علي وجود المعارضة ولا نخاف من ظهورها بقوة علي السطح في مجتمعنا لأن معني ذلك أننا في عصر ديمقراطي تمارس فيه الحريات وتنطلق الأفواه بما تشاء من أراء حتي ولو كانت تلك الأراء قاسية في كثير من الأحيان ، وبالتالي فإن ما نراه الأن من مظاهرات أسلوب صحي كمدلول علي تطبيق الديمقراطية طالما كانت تلك المظاهرات سلمية ولا تعتدي علي منشأت ومؤسسات وبنية الدولة التحتية .
ويبدوا أن شعب مصري الذي قام بثورة 25 يناير مارس أفضل أساليب الحرية في ثورته ، حين واجه العنف من النظام بالسلمية ، وحمل قتلاه بين يداه والدماء تسيل وهو يهتف سلمية ، واستطاع أن يسقط نظام وهو يقول سلمية ، واستطاع أن يأتي برئيس منتخب وهو مازال يقول سلمية ، والغريب أن هذا الشعب الذي إنقطعت عنه عادة ممارسة الحرية منذ عهود طويلة ورغم ذلك ومع تعطشة لها نجده حينما شم نسيمها يهتف ليقول سلمية ولم يستغل تلك الحرية في نشوب حرب أهلية أو إنقسام بين أهل الوطن حول المكاسب مثلما يحدث في الكثير من نماذج الثورات علي مر التاريخ.
إنني من المتفائلين بالمناخ العام في وطني مصر لأنه نتاج طبيعي لتضارب مصالح المعارضة مع مصالح النظام ، وهذا موجود في كل النماذج الديمقراطية ، ولكن الوضع مختلف بعض الشئ عندنا بمصر ، فالمعارضة التي تقود الجبهة الأن ليست هي من قامت بثورة يناير ، والثوار الذين قاموا بالثورة تاهو خلف ضجيج أصحاب الصوت العالي بنفوذهم وأموالهم ، واختلطت المعارضة المصطنعة بوجوه الثوار وتعاهد الإثنان علي الوقوف في وجة الرئيس المنتخب الحالي ، ولا عيب في ذلك لأن في النهاية الحكم للشعب الذي سيعرض علية كل شئ وهو الذي يعرف جيداً الثوري من صاحب المصلحة ، وهو الذي سيقرر لمن تكون الجولة .
والجولات في عالم الديمقراطية كثيرة ولا تنتهي طالما وجدت الحريات ، ولا تنتهي الجولات إلا في ظل نظام إستبدادي قامع يسكت صوت المعارضة ويخرسها ، ولذلك ولإعتقادي أننا نعيش زمن الحرية فإن الجولات قادم منها المزيد في المستقبل ليفوز كلا الطرفين في جولات مختلفة ، وكلة يصب في مصلحة الشعب .
ولكن المعارضة الحقيقية هي التي تثبت في مكانها ولا تتركة مهما حدث طالما تجد نفسها علي طريق النضال ، لأنها بنضالها هذا تحدث نوع من التوازن المطلوب لمنع القوي الحاكمة من الجور والظلم والإستبداد ، وهذه المعارضة لا تغيرها الأحداث ولا تلهيها الوعود ولذلك فمن المفروض أنها ستثبت علي الدوام ، ولذلك فالحقيقي منها لا يتلون بإختلاف المصالح وتغير الظروف .
ولكني أري أنه في أعقاب ثورة يناير ولدت معارضة شابة نظيفة من شباب الميدان أنفسهم ، ظهروا لأول مرة كنتاج للثورة ، ولكن سرعان ما تبددت تلك المعارضة بسبب ضعفها وقلة خبرتها وإستقطابها من قوي أخري ، وعادت المعارضة المتلونة تطفو علي سطح الحياة السياسية وتلك المعارضة هي التي تقود الأن ولكنها للأسف ليست معارضة تحب مصر ، بل إنها معارضة تحب المصالح والمساومات علي النجاحات لحساباتها الخاصة والتي هي بعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن ، معارضة كانت موجودة ومتعايشة في ظل نظام فاسد ولم تستطع أن تفعل شئ إلا كسب المصالح الشخصية ، وجاءت الأن تمثل نفسها وصية علي الثورة ، وتواري الثوار الحقيقون ، فمنهم من أستقطب وراء أحد شخصيات المعارضة المتلونة ، ومنهم من يأس من الحال ونأي بنفسة منها ، ومنهم من ينادي ولا يسمع له صوت .
تلك المعارضة المتلونة سرعان ما ستتحول مع أي نظام لتجني الأرباح والمكاسب وسترونها قريباً ترتدي ماسك النظام وتدعوا له بعد أن كانت تهاجمه ، ولذلك فإنني أدعوا كل صاحب معارضة حقيقية أن يثبت مكانة وأن يترك أصحاب المصالح التي ملئت كروشهم من الشو الإعلامي ، وتكوين كيانات ثورية معارضة ناشئة تحب مصر وتعمل علي مصلحتها ، حتي نمنع من يتحدث بإسم الثورة ولم يكن له قيد سهم فيها من التحدث بإسم مصر .
أيها المعارضون الحقيقون إثبتوا علي مكانتكم التي كنتم عليها في أعقاب ثورة يناير المجيدة وأتركوا اصحاب المعارضة المتلونة حتي نقضي عليهم ونمنع ضررهم من تقويض قواعد بناء مصرنا الحديثة ، فنحن جميعاً مصريون ولايمكن أن نضحي بوطننا من أجل حفنة مرتزقة لن يختفوا علي مر العصور لأنها سنة الحياة .      
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق