الأحد، 9 سبتمبر 2012

المصريون وعصر التعصب

 كتبها : وفقي فكري

وسط الكثير من الثقافات التي يفتقدها المصريين بعد ثورة 25 يناير نفتقد في الفترة الحالية ثقافة حرية الرأي ، ولا نعني بحرية الرأي هو كبتها أو منعها ولكن نقصد بها التعصب الشديد لرأي بعينه دون السماح بوجود غيرة في عقيدة الفرد ، والتمسك الشديد الذي يصل لحد التقاتل من أجل إقناع الطرف الأخر بصحة نظريتك في قضية ما ، وبالتالي فإنه في سبيل التمسك بوجهة نظرك في أمر معين قد يتطلب ذلك الهجوم الشرس والعنيف حتي يمكن أن تقذف الأخر وتتهمة بأعتي الإتهامات التي قد لا تعرف معناها ولكن أقل ما يمكن أن يطلق عليها سب وقذف ، وما كل ذلك إلا بغية إثبات أنك علي حق وأنا الأخر جاهل وأنه لا يبلغ معشار ثقافتك ، والحقيقة هي العكس فالطرف الأخر هو صاحب المرونة والتروي وصاحب الخلق الدسم أما المتمسك برأيه والذي يصم أذنية عن ما يخالفة هو في الحقيقة الجاهل بحقيقة الأمور ، فالجاهل من تمسك برأية وهو يعلم من داخل أعماقة أنه ليس وحده الحق وربما تكبره يمنعه أن يعترف بخطأه .
ولو طبقنا نظرية إفتقاد الشعب المصري لثقافة الحوار- أو من المنصف أن نقول أغلبية الشعب المصري- لوجدنا أننا جميعاً لا نصبر علي رأي ولا ننتظر حتي يعدل الله الحال وينصلح أمر مصر ، فمثلاً من أحس بظلم ثار وقطع الطريق ، ومن يجادل في حقة -وقد يكون صاحب حق - إلا أنه لا يصبر عليه يتمسك بحقة ولا يستمع إلي حق البلد عليه ويعتصم ويوقف العمل وبسببه قد يكلف البلد كثيراً ، بل حتي في اقل الأمور والتي نعتبرها ترفيهية مثل كرة القدم إختلفنا وتعصبنا حتي فقدنا الكثير من ابناء الوطن ليس لشئ إلا من أجل التعصب الأعمي الذي يجعلنا في النهاية نندم جميعاً علي ما إفتقدناه ويكون الوقت قد مضي واصبح الندم هو عنوان كل من أذنب أو أخطئ في الأخرين ، وحتي حين نختلف في السياسة - وقد اصبحنا جميعاً بسبب ثورة يناير من جهابزة السياسة- نتعصب لأرائنا ونتمسك بوجهة نظرنا حتي تصل إلي حد المعاداه والتخاصم ، فيتحول التحاور إلي مشاجرة ونصبح بدلاً من أن يكون الإختلاف رحمة يتحول إلي نقمة ، وفي النهاية كلٌ يفعل مايشاء ونخرج من نقاشنا بدلاً من الإفادة إلي الكراهية والبغض .
ياساده علينا أن نتعلم ثقافة الحوار وحريته طالما كان رأياً مسئولا ولايمس العقائد أو الثوابت ولا يهين أطراف الحوار ، فكما نعلم أولادنا ثقافة النظافة علينا أن نعلمهم ايضاً ثقافة الحوار ، الحوار الذي يسوده جو من الألفه والتأخي وإحترام الغير حتي نخرج منه بفائدة للجميع  .
مامعني أن نهاجم بضراوة من يخالفونا الرأي ونصف ذلك بالقوة ، مامعني أن نكيل للأخر الإتهامات والسباب ونصف ذلك باللباقة والنصر ، هل إنقلبت الأية واصبح اصحاب الحناجر هم الساسه؟ وأصبح المحترمين واصحاب الصوت الهادئ الذي يناقش العقل هم الضعفاء المغلوبون علي أمرهم؟!!!
لا يصح مطلقاً أن نظل هكذا وخصوصاً بعد ثورة يناير نسير في نفس خط الفهلوة والسيطرة بالصوت العالي وبالسلطة ، ولكن ينبغي أن نصبح بعدها مواطنون مسئولون نحاور بعضنا بعضاً بالحسني فإما الإقناع وإما الإقتناع ، وفي نهاية الحوار نخرج جميعاً رابحين منه ، وأن ننسي فكرة الفائز والخاسر في الحوار وكأننا في معركة كل طرف يسن أسلحته ليكسب معركة هي في الحقيقة يخسر فيها الطرفين .
دعونا نحول الحالة من الجدال إلي الحوار ، وشتان بين المصطلحين فالجدال وباء ومرض من اصابة خاب وخسر ، أما الحوار فالجميع يخرج منه بكل الخير ،ربما لدينا عذراً بسبب ضيق العيش والتسلط الذي ورثناهما من النظام القديم ووسط الكبت في كل شئ حتي جائتنا الثورة ففتحت لنا سماء الحرية ونورت لنا طريق الديمقراطية فجأه فاستيقظنا علي عصر جديد قد نجد الأن صعوبة في التأقلم معه ، ولكننا في النهاية لابد أن نستفيد منه وأن نكون علي قدر المسئولية والحرية التي وضعت في أيدينا وأن نستغلها خير الإستغلال ، وإني لعلي ثقة أن الشعب المصري يستطيع أن يغير من سلوكة وأن يصبح شعباً صاحب حوار بناء يدعوا إلي المزيد من التأخي والمحبة والتآلف لنصل جميعاً إلي مستقبل مشرق ينتظر الجميع بإذن الله تعالي .
    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق