الخميس، 13 سبتمبر 2012

ويلٌ للمُطَففين

كتبها : وفقي فكري
بالتأكيد كلنا معشر المسلمين نعرف صورة المطففين وبالتحديد الأيات التي تتحدث عن التطفف في تلك السورة ، وتلك الأيات القرآنية أطلقت لفظ عربي وأصلت له شرح وتفصيل مفصل وبليغ علي لسان الحق عز وجل ، فكانت أول أيه {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } ثم ألحقته بشرح لعملية التطفف فقال المولي عز وجل {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} إذا التطفف هو الجور في الميزان سواء بالزياده أو بالنقصان ، وبما أن الميزان هو مقياس كل عمل حتي أن الله عز وجل اقام عدله علي وزن الأعمال يوم القيامة بوزنها بميزان لا يوجد به طفف أو جور أو طغيان ، فكل سيأخذ حقه فإما لجنه أو لنار .
وحتي الدنيا خلقها الله بميزان توازن عجيب يجعل كل ذو عقل يقول سبحان من خلق الخلائق ، فالله عز وجل خلق الخير في أول خلقة والذي مثله أبانا أدم وأمنا حواء ثم جعل لهم عدواً من الشر يوازي خيرهم ويصارعه إلي يوم الدين ، حتي تسير الدنيا في النهاية إلي توازن بين الخير والشر ، وحتي في كل شئ خلق الله لكل شئ ضداً وجعل لكل إتجاه إتجاه معاكس له ، وهذا من قمة الأبداع في الخلق ليحدث توازن في الحياه بين كفتي ميزان قد تميل الكفه مره للخير وقد تطيش مرات إلي الشر ولكن التوازن يعود سريعاً ولو كان هذا الجور والطيش من الشر إستمر بعضاً من الزمن فإنه وإن كان في عمر البشر يروه طويلاً إلا أنه في عمر الزمن بسيط وسرعان ما يعود التوازن ثانية أو يميل نحو الخير فترة أخري من الزمن ،وهكذا تسير الدنيا مره ومرات هنا وهناك .
ولكن مامعني أن يجور الميزان ناحية الظلم والشر مرات وعلي إصرار من البشر ويمر دون عقاب من الله عز وجل لمن كانوا سبباً في هذا الجور ، وهذا سيدفعنا إلي الدخول في قضية هل الإنسان مخير أم مسير ، ولكننا لن نتطرق إلي تلك القضية طويلة الجدال والأراء ولكننا ستأخذ منها أرجحية الأراء لدي الفقهاء وعلماء الدين ممن تكلموا في تلك القضية بأن الإنسان ولد مخيراً في تصرفاته إعتماداً علي حمل الأمانه التي تصدي لها الإنسان الجهول كما قال الله عز وجل في قرآنه وأصبح حراً في معتقداته وعباداته{من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } ولذلك ذكر الله في سورة المطففين الأيات التالية لشرح مصلطح المطففين فقال عز وجل {أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَـلَمِينَ}.فذكرهم بأن هناك يوم للبعث والحساب وسيحاسبوا بفعلهم هذا الجرم والتطفف .
كفانا حتي هنا حديث عن القرآن وتفسيره الذي لسنا بارعين فيه ولكننا أردنا أن نذكره كمقدمة هدفنا منها عمل إسقاط من الأيات القرآنية علي الموقف السياسي المصري الأن لنقوم بدراسه متأنية للشارع السياسي المصري ومايجري فيه الأن من إجراءات أقل ما يقال عليها أنها تطفف وجور علي أحد كفتي الميزان .
وفي الحقيقة فإن مصر موعوده بالتطفف السياسي الدائم دون إنقطاع ، ففي العصر السابق عصر مبارك عشنا جميعاً التطفف الكامل في ميزان القوي وظهر لدينا حزب واحد فقط وهو الحزب الوطني الديمقراطي وستأثر بكل المميزات والصلاحيات ولم يسمح لأحد غيره بالظهور أو التمتع بخيرات مصر ، حتي أن الجور والتعدي وصل مبلغه لدي هذا الحزب في التطفف فقضي علي الأخضر واليابس ولم يترك للشعب شئ يقتات منه واستولي علي كل شئ وبات الشعب أكثرية معدمة جائعه وأقلية ثرية مرفهه ، وهكذا حدث التطفف في زمن حكم مبارك لأنهم لم يجدوا كفة أخري لميزان القوي ليعدل إستئثار كفة واحدة بكل شئ ، والملاحظ أن بداية عصر مبارك كان جيداً واستبشر اللناس به خيراً ولكن اصحاب المصالح ظلوا يضعون الأثقال في كفتهم وسط سكوت من الحاكم حتي حدث الطفف .
والآن يبدوا أن أحد الكفتين قد بدأت تجمع في قعرها بعضاً من الأثقال أكثر من الكفه الأخري ، ورغم أن الناس يستبشرون بالرئيس مرسي خيراً لصلاحه وحمله للقرآن الكريم بصدره إلا أننا نخشي من الجماعة التي وراءة ونخشي أكثر أن يعيدوا الكره مرة أخري مثل كرة الحزب الوطني الديمقراطي ، ولكن الطفف هذه المره يبدوا أنه يسير سريعاً نحو الإخوان المسلمين وسط تآكل وتصارع بين هياكل القوي المعارضة ليس لسياسة محمد مرسي ولكن لجماعة الإخوان المسلمين التي تتحرك وبخطي سريعة نحو السيطرة علي كل المفاصل الأساسية والرئيسية للدولة .
ونحن لا نعيب علي نجاح الإخوان علي سياستهم بقدر ما نلوم علي الحركات والإتلافات الثورية المعارضة من ضعفها وهامشيتها ، ورغم أن ثورة 25 يناير هي التي منحت الإخوان المسلمين الفرصة ليقفزوا علي كرسي الرئاسة إلا أن نفس الثورة هي التي أيضاً أظهرت قوي ثورية وشبابية جديدة ولكنها قوي مشتته ومتناحرة لا ترقي لتنافس القوة المنظمة للطرف الأخر للميزان .
وعلي كلٍ فإن هذا المقال قد يفسره البعض علي أني ضد الإخوان المسلمين وسياستهم ، ولكني في الحقيقة لست ضدهم ولا أهاجمهم ولكني أنقد وضع ميزان القوة لأنه الأن يتطفف نحو كفة واحده ستعود بنا إلي مثل ما عاشت مصر قبل الثورة وتمحي الثورة حتي تتواري عن الأذهان .
ولذلك ومن كل ما تقدم فإني أدعو أولاً الرئيس مرسي وثانياً جماعة الإخوان المسلمون علي المشاركة في بناء مؤسسات معارضه منظمة تكفل عدم الإنحياز وإمتلاك الدولة مره أخري لأن هذا سيقضي علي الديمقراطية التي تأتي بتوازن ميزان القوي بين معارضه وسلطة  ، فكما يسعي الرئيس مرسي لإعداد دستور جديد يحقق الديمقراطية ويضمن الحريات فعليه أن يدعم المعارضه ويتسع صدره لهم حتي نكون مثل الدول المتحضرة التي تمارس فيها الحريات كما ينبغي دون طفف واضح ، وإلا فويل للمطففين  لأنهم سيعودون في النهاية إلي الميزان الإلهي الذي سيصلح الطفف بين العباد وساعتها سيكون الجزاء والعقاب قوياً ورهيباً


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق