الجمعة، 14 أكتوبر 2011

رسالة وطن

لن أنهار ، ولن يكتم صوتي ، ولن أخضع للحصار ، لن يعبر اليأس إلي أعماقي ، ولن يغزوني الدمار ، لن أترك العابثين يحطموا الأسوار ، لن ينتصروا ويحدث الإنحسار ، الهزيمه عندي هي نفسها الموت ، واليأس عندي هو نفسه التلاشي .
من وصوفوني بالضعف هم الضعفاء ، ومن تهكموا علي وضعي هم الخاسرون ، من قال أني أصبحت في عداد الموتي خاطئون ، ومن قالوا أني ذبحت داخل الميدان هم المنهزمون ، لن أضيع أبداً طالما عاش لي ولد من صلبي ، يحميني ويحمي الميدان ، أنا أنجبت رجالاً صامتون قليلاً، صامدون أكثر ، قابعون قليلاً شامخون أطول ، أولادي قد ينعسون ولكنهم لا ينامون ، أولادي قد يغادرون ولكنهم لا يرحلون ، أنا أرضعتهم من صدري الحنان والإيمان ، ومن ربيته علي الإحسان رد لي إحساني بطوفان من الدفاع والزود في الأزمات ، ياظالمون لا تركنوا إلي ظلمكم ، فأنتم لستم أولادي ولن تصبحوا يوماً عيالي ، أنا ما عرفت ملامحكم وما عهدت هذه الوجوه ، أولادي لايهينوني ولا يعقوني ، أنتم لستم من صلبي ، أنتم من نبت نبت خارج رحمي وشب علي غير صدري ، وعاش علي غير مبادئ ، لا تصدقوا كذباتكم ولا تعيشوا في وهمكم ، أولادي رجعوا إلي أحضاني وأنا مالومتهم علي طول الغياب ، وهل تكره الأم أبنائها ، وهل ترفض الأرض نباتها ، وهل يظل الشوك يغرز أنيابه في طينها ولا يسمع الإبن الأنين ، ويهب يقتلع الخبث من جذوره ، أنا أم ما ناحت يوماً علي وليدها ، ولكنني كتمت بكاء قلبي عن العيون وباركت دماء الشهيد حين سال يروي ربوعي ، ودعت بالفخر ولدي الذي مات من أجلي ، ونظرت إلي إخوته فوجدت فيهم شروق الشمس وهدير الماء العذب ، لمحت في توديعهم لأخيهم لمعة الإصرار علي حمايتي ، فرفعت رأسي ووضعت التاج الذهبي عليه شامخة بعزهم ، ومتشرفة بقربهم ، أنا أم مات لها الكثير ولكني أملك من الأبناء الملايين ، من قدم روحه فداءً لي ، منحته الفخر والعزه ، ورفعته بين الشهداء مباهياً بروحه العنان ، لن يضيرني الفاشلون ولن ينهكني العابثون ، سأظل دوماً أماً خصبه تنجب الرجال وتجود بهم ، تربي الشباب وتمنحهم شرف الإنتساب لها ، أنا من طاف حولي الحاقدون وماتوا بحقدهم ، أنا من حاربني المجرمون وذلوا بعد عزهم ، أنا لا تثنيني الدهور ولا يرهقني المستغلون ، من عاش في ظلي غذيته بالأمل ، وأبعدت عنه الفشل ، وبسطت الدنيا بين يديه ، وما خاف يوماً معي علي مستقبل قريب أو حلم بعيد ، فمعي أحقق له أمنياته وأصنع له مستقبله .
لقد وقفت دوماً أفتخر ببناء مجدي الذي بناه ولدي ، في سالف الدهر ، وتساءل عنه الدني والقصي ، ولما التعجب وأنا أولادي خير الأولاد ، ونباتي خير النبات ، من تعجب من أمري فهو لا يعرفني ، وما عرف يوماً سيرة ولدي عبر الدهر ، الصمت عندي عزه والقول عندي فخر ، والفخر هو ولدي الذي تغذي من أرضي وشب علي حبي وحب من يحبني وكره من ظلمني ، ولدي ما رأني يوماً أبكي في عزلتي إلا ومسح دمعتي وقطع يد من أهانني .
الويل لمن ظن أني  أمرض ، وجاء ينهش في لحمي وظن أنه سائغ ، أنا لحمي سم يقتل من يأكله ، وغصه في حلق من يستصيغه.
منحتي لا أعطيها إلا لناصر محنتي ، وجودي أجود به علي من جاد من أجلي ، خضاري أطعم به من زرع في أرضي بذور الخير وحصد حبات الأمل .
لن تستطيعوا أن تقضوا علي لأني لست وحدي ، معي من نبت رحمي الأسود ، ومن صلب ظهري الفهود.
ماضارني يوماً نوائب الزمان وما وقفت ضاحكة علي أشجاري الغربان ، زرعت دوحي بالأغصان فرقصت البلابل تغني  للأبطال ، تنشيدهم نشيد الإنتصار ، وتوارت من علي شجري هوائم الظلام ، وأنار أبنائي طرقاتي بالأزهار ، وعدت اليوم شابة يافعة علي طول الزمان ، أفتخر بدماء شهيدي وأذكي كفاح ولدي ، أحنوا علي الطيبين وأضرب بيد من حديد علي يد المعتدين.
فالويل لمن بتربص بي الدوائر فإن ولدي بأسه شديد وطبعه عنيد ونفسه مديد ، وقلبه حديد ، فأنجوا بأنفسكم بعيد ، وخافوا علي أرواحكم من الوعيد ، ولا تظنوا أنكم بفعلكم هذا قد تنجحون ، أبداً لن تستطيعون ، وسأبقي علي مر العصور عزيزة ، وسأنجب المزيد من الرجال الذين سيصنعون الآمال ، ويحطمون الأسوار ويفكون الحصار وسيقفون الدمار بفضل الواحد القهار

________________كتبها_________وفقي فكري________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق