الاثنين، 3 أكتوبر 2011

إني ذاهبه وسأعود فأنتظرني.......

تحجرت عيناه وتجمد الدم في عروقه ، سري في جسده رعشه وعقبها احساس بالبروده الشديده ، وصار يدلك يديه ببعضهما وفي نفس اللحظه يتصبب العرق من جبينه وتنهطل حبيباته من علي وجهه وتتساقط علي الأرض السوداء لترويها ، يحرك شفاته يميناً ويساراً ويعضها بأسنانه ، يحاول أن يتكلم فلا يخرج الكلام ويحاول أن يتحرك فلا يحرك ساكناً ، لقد أصابته الصاعقه واحترقت كل الأمنيات الجميله والأحلام الورديه ، لم يعد يري أمام عينيه إلا هطول العرق من علي وجهه إلي الأرض السوداء التي تعكس لون شعوره الأن ، انعزل العالم من حوله وصار لا يري في الدنيا إلا الأرض السوداء ، لقد كان يحب المطر وهو يسقي حبات التراب الأسود ليخرج منها الخضار ويبعث فيه الأمل والبهجه ، هو هو نفس المطر ونفس الأرض ولكنه مطر جبينه وعرق أحلامه وقطرات يأسه تتساقط من أمام عينيه لتروي السواد وتشبع الإحباط  لينبت الهشيم والعقم والضحاله.
مرت عليه اللحظات لأول مره كدهور والثواني كعمر كامل وتمثل أمام عينيه شريط الماضي وفصول الأعوام التي كانت كلها فصول ربيع وتوقفت الساعه علي فصل خريف أوراقه صفراء باهته وغصونه سوداء قاتمه.
مازال العرق يتصبب من كل مكان في جسده والدنيا تلف به دورات متلاحقه والعينان جاحظتان والبروده تزيد والرعشه تتملك منه وزاد عليها جفاف شديد بشفتيه وهو لايبالي فكل الأنهار جفت في داخله وتصخرت منابعها وتوقف نهر الحب عن الجريان وبدأ نهر الحسره في الفيضان ، وفاض النهر بشده وأغرق مجراه وغطي كل أرضه وسقاها حزناً ويأساً.
القلب لم يعد يتحمل ودقاته التي كانت تدق للحب ومن أجله ،وقفت للحظه ثم عادت لتدق ألماً ، لقد أعلن القلب العصيان وأنقلب علي صاحبه وتمرد وقال لأول مره لا ، لن أستطيع أن أدق ألماً وحسره ، لن يمكنني أن أترك الحلم يمر من أمامي وأنا أدق ، صرخ القلب بين الضلوع ونادي عليها ، خذيني معكي ، لا تتركيني وحدي اقاوم فيضان الحسره ، اخلعيني من بين تلك الضلوع اليائسه واحضنيني بين ضلوعك الدافئه، لم يعد هذا الجسد يناسب دقاتي ولم يعد به أنهار لأضخ فيها أنهار حبي وحناني وشوقي ، أنا القلب الربيعي لا أقوي علي فصل الخريف ولا اتحمل العطش ، سأموت إن ذهبتي وتركتيني مع هذا الرجل ، لقد كان ينجب أطفالاً من الأحلام والأمنيات وتحول الأن إلي عقيم لن ينجب أبداً ، هذا الجسد أطفئ كل مصابيح النور بداخله وأنا لن استطيع العيش في ظلام ، ألا تترأفي بحالي وتصطحبي هذا القلب المسكين من هذا السجن الأبدي.
رفعت يدها في هدوء وقالت " إني ذاهبه وسأعود فأنتظرني" فرد عليها القلب " ومن أين لي بالأمل لأنتظر ، وإلي متي سأنتظر ، أنا ماتعودت الإنتظار، وبعد قلبك عن قلبي دمار، ولن أعيش بعد هذا للأحزان ، لقد قررت الذهاب أنا أيضاً ولكني لن أعود فلا تنتظريني ، ثم سكت القلب عن الخفقان وتوقفت الدماء في العروق وأزرق الجلد ولكن مازال نهر العرق يتدفق في هدوء ليسقي الأرض السوداء ويعلن نهاية قلب لم يقوي علي الإنتظار ولم يتحمل الفراق فكانت الكلمات من الذهاب إلي الرحيل والعوده إلي اللاعوده .
كان ذهابها رحيل رحل معه حياة قلب ضعيف ، يأس من الأمل فيأس الأمل منه ، قلب تعود علي دقات الإشراق ولم يدق يوماً في غيوم الإحباط فكان مصيره الموت والرحيل.
من كان لا يملك قلباً قوياً ليدق رغم الظروف والصعاب فيستحق الرحيل ولا عاش يوماً قلباً فقد الإحساس وتاه مع اليأس وعاش في الظلام، فليمت قلباً عاش من أجل الرحيل ودق من أجل السكون ، قلباً مات قبل أن يحيي وفارق قبل أن يجتمع.
أيها القلب الرقيق لست رقيقاً بل غليظاً، ولست محباً بل كارهاً ، ولست قوياً بل واهناً.
لقد ظلمت قلباً تركته وحيداً وفقدت أملاً في عودته ورضيت بالرحيل قبل عودته.
من يحب يثق بالعوده بعد الفراق والخضار بعد الجفاف ، والفرحه بعد الحزن ، والأمل بعد اليأس.
فكهذا علمنا الحب..................................


______________كتبها___________وفقي فكري_____________
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق