الثلاثاء، 16 يونيو 2015

عايز حقي من "فرحة مصر"

مبدئياً كده وقبل أي كلام أنا مش ضد مشروع قناة السويس الجديدة رغم اني كنت أعتقد إن توجيه فلوس شقها كان أولى به أشياء أخرى كثيرة داخل العمق المصري لذلك لا أريد أن يزايد أحد على وطنيتي لأنه ليس أفضل مني.
بعد مبدئياً التي ذكرتها أدخل في الموضوع مباشرة،كيف ينظم حفل عالمي لافتتاح القناة الجديدة سيتكلف الملايين يمول من جيوب المصريين وأريد أن يشرح لي أحدكم ما معنى تلك الفقرة التي جاءت في الخبر وهى : " وأكد مميش أن الحساب لتلقي المشاركات وليس المساعدة أو التبرع فالهدف هو مشاركة مصر بفرحتها فالشعب المصري هو صاحب الحدث العظيم ومن حقه مشاركة تمويل الحفل للإعلان أمام العالم أجمع قدرة هذا الشعب على تحقيق المعجزات بفضل الإرادة والتحدي التي عادت من جديد في جسد الإنسان المصري الأصيل".
يعني أيه مشاركة وليس مساعدة أو تبرع،يمكن قصد سيادتك إننا نشارك في الفرح بالنفطة مثلاً،يعني كل مصري يعبر عن فرحته بإنه ينقض العروسة اللي هى قناة السويس الجديدة واوعوا تفتكروا انكم بكده بتتبرعوا أو بتساعدوا علشان إحنا مش لاقيين تمويل للحفل لأ ده من باب النقطة في فرح بنت العمدة.
أيه الكلام ده ومعناه أيه، أنا كصحفي بيمر عليا صياغات من دي كتير أقدر أقولكم اني بكتبها كتير في الصيغ الرسمية من نوعية الكلام النمطي اللي منزوع اللون والرائحة والطعم،كلام كده زي اللي بيقولوا عليه لا بيودي ولا بيجيب،كلام بنقوله في الكلمات الرسمية اللي لما تسمعها لازم تسأل نفسك في الأخر هو قال أيه من كل الهري اللي بيهريه ده.
لماذا يتم تنظيم حفل يتم تمويله من جيوب المصريين المقهورين الذين يواجهون كل يوم شبح رفع الأسعار ورفع الدعم وتعسف السلطة بتقليل المرتبات وشفط دم المصريين ليل نهار،بالتأكيد كل شركة عملاقة ومستثمر كبير وحيتان الإستثمار ورجال الأعمال بإنشاء هذا الحساب أصبح حتماً عليهم توقيع الشيك المتين وإيداعه في هذا الحساب وإلا هو الجاني على نفسه وهؤلاء قادرون،لكن المواطن المصري البسيط ماذا يقدم بجيبه الخاوي من نقطة ينقط بها العروسة وهو نفسه قد جاءته نقطة من بدري بسبب تضييق الخناق عليه من كل حدب وصوب حتى أصبحت نسب الإنتحار تتزايد يوماً بعد يوم بسبب الظروف المعيشية حتى كدنا نقترب من نسب عالمية في ذلك.
منذ عدة أسابيع أنتج مجموعة من طلبة السنة النهائية بكلية الإعلام جامعة الأزهر فيلماً تسجيلياً غاية في الروعة كمشروع لتخرجهم اسموه "waiting list" صوروه داخل المعهد القومي للأورام،وكم كان هذا الفيلم غاية في الروعة لما يوضحوه من معاناه يومية لكل المصريين المرضى بأورام سرطانية ولا يجدون مكان داخل المعهد القومي للأورام بسبب قلة الإمكانيات وتواضعها أمام طوفان الطلب على العلاج، ألم يرى المسئولين هذا الفيلم الذي تحدثت عنه كل الصحف من روعته ومأساويته في نفس الوقت،كيف لهم أن يهنأوا ويتفاخروا بتنظيم حفل افتتاح لمشروع لا أقول عنه صغير ولكنه كبير ويتناسون أن هناك ملايين لا يجدون العلاج لمرضهم ويموت منهم الكثير أمام ضيق ذات اليد والفقر.
لماذا تنظم الدولة حفلاً بهذا البذخ وهى تحتاج موارد إضافية لسد العجز ولماذا دائماً تعتمد على تمويل المواطن وتبرعه لكثير من الأعمال،هناك مراكز طبية تتبع الجمعية الشرعية أهلية تقوم بأكثر بكثير من الذي تقوم به الحكومة في مجال الصحة،هناك تبرعات كل ثانية من مواطنين لدعم مستشفى 57357،هناك مدارس خاصة تعلم أولادنا تمول وتدفع مصروفاتها من جيوب المواطنين وتتحمل أكثر مما تتحمله منظومة التعليم الحكومية وحتى المدارس الحكومية يصرف أولياء أمور طلابها المليارات سنوياً على الدروس الخصوصية وعلى المراكز التعليمية الخاصة.
أين الدولة وأين الحكومة وأين موازنة الدولة ولماذا تتقازم أمام جهود المواطنين التي اصبحت جيوبهم خاوية ورغم ذلك تستمر في سياسة ابتزاز جيوبهم بمحفزات وطنية،إن كنا سنستمر نحن الشعب في تمويل كل مشروعات الدولة من جيوبنا فلماذا نحتاج لحكومة ولماذا نحتاج إلى وجود خزينة للدولة نضع فيها أموال الدخل القومي الخاصة بالشعب؟ إن كان ذلك فلنفعل إذاً مثلما فعل الفنان هاني رمزي في فيلم "عايز حقي" بأن يأخذ كل مصري حقه من الممتلكات العامة ثم يدفع في كل مشروع نصيبه من التمويل من جيبه الخاص.

وفقي فكري














































الاثنين، 15 يونيو 2015

هزمتني نمله


أن تخاف من أسد حين تراه يزأر من خلف القضبان بحديقة الحيوان فهذا أمر طبيعي، أن تشاهد ثعبان من بعيد عبر صندوق زجاجي في بيت الزواحف وتقرأ على لوحة مكتوب بجواره "أفعى ذات سم فتاك" وتشعر بقشعريرة من تلك الجملة تسري في جلدك بسبب ارتفاع نسبة الأدرينالين في الدم المرتبط برؤيتك هذه الأفعي تتلوي بجوار تلك اللوحة فهذا أيضاً رد فعل طبيعي.
فمن الطبيعي أن يخاف الإنسان من كل شئ يمثل على حياته خطورة داهمة،وقس على ذلك كافة أنواع الحيوانات المفترسة التي لم نجرب أكثر من أن نشاهدها عن بعد عبر التلفزيون مثلاً أو محبوسة خلف أسوار أو أقفاص أو حتى صناديق محكمة الإغلاق.
كل ذلك قد يكون منطقياً وبديهي ولا شئ فيه ولكن ماذا لو اصبت بالرعب من نملة؟
أجل نملة،هل تخيلت نفسك مثلاً في لحظة من اللحظات محمولاً على ظهر سرب من النمل وأنت نائم وهم يتجهون بك إلى مخبأهم ليخزنوك فيه ثم يأكلوك في فصل البيات الشتوي لهم،هل تخيلت نفسك وقد أوثقوك بحبالهم وكمموا فمك وترى وتشاهد نفسك وأنت مخطوف من قبل سرب لا بداية ولا نهاية له من النمل يسير في نظام صارم ومصر على أن يخطتفك من منزلك معلناً تأجيل إعدامك حتى الشتاء؟
هذا ليس حلماً ولكنه قد يكون توقع أصبح بالنسبة لي محتمل الوقوع لما يمكن أن يحدث لي في اي لحظة من اللحظات،فمنزلي لا يسكنه البشر فقط،فمثلما تتألف الكرة الأرضية من نسبة كبيرة من المحيطات والأنهار ونسبة أخرى من اليابسة،كذلك منزلي يتألف سكانه من نسبة كبيرة من النمل ونسبة أخرى قليلة من البشر، وكأنه أصبح مستعمرة قومية لقوم النمل،وكدت أشك أن النملة التي قالت حين رأت جيوش سيدنا سليمان قادمة نحوهم " يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: 18]. قد أوصت قبل أن يقضى نحبها بأن تكون مساكن النمل مقرها منزلي.
هذه مشكلة حقيقية بالتأكيد قد تقابل الكثير منا حين يجد احتلالاً من جيوش النمل لمنزله أو شقته ولا يعرف كيف يتخلص من ذلك،أنا نفسي جربت معهم كافة أنواع المبيدات الحشرية ولكنها لا تعدو إلا أن تقوم مقام المانع اللحظي البسيط ثم تعود ريمه لعادتها القديمة وربما ينتقم منك النمل بعدها بهجوم أشد ضراوة وبأعداد مضاعفة،بل وأصبحوا وكأنهم يضعون أقنعة كيماوية واقية من المبيدات يستخدمونها حين أهاجمهم بها فاضطررت أن ألجأ مرة أخرى لمحلات المبيدات الحشرية أسئلهم المساعدة فنصحوني بالعجينة العجيبة مثل تلك التي تستخدم لإبادة الصراصير ولكن النمل لم يتعجب منها وسار في مساراته وكأنه لا يراها.
أخيراً قررت البحث على الإنترنت عن طرق للتخلص من النمل ووجدت 10 طرق لذلك هى: الخل، الزيوت العطرية،التوابل،الكحول،الطباشير،عجينة البوريكس،عجينة الصودا،الماء والصابون،قشر الخيار والسمسم وكلها في كومة والسمسم في كومة أخرى فقد ذكر النت أن السمسم يعطل حاسة الشم عند النمل وبالتالي يعتبر مصدر خطر يؤخره عن استكشاف غذاءه وبالتالي يهرب من هذا المكان ولكن عجب العجاب أن النمل حين رأي السمسم نقله لمخبأه واختفت كومة السمسم خلال ساعات،أي نمل هذا وما هو سر تحديه الكامل لي ولوجود بشر في المنزل؟!! لم يعد أمامي إلا أن أسأل شيوخ متخصصين بعد أن أوعز لي أحدهم بأن هذه قد تكون عيناً حاسدة تسببت في ظاهرة هجوم النمل وكدت أعتقد الآن أن هذا النمل ماهو إلا جن يريد أن ينغص علي حياتي وربما لن يطرده من المنزل إلا جلسة زار أو إحضار شيخ يحضر أرواحهم ويسألهم ماذا يطلبون رشوة ليغادورا منزلي.
العشرة طرق التي ذكرتها قد يكون بعضها غير فعال وقد تكون كلها ليست بتلك الفاعلية التي تتحدث عن إبادة النمل من المنزل خاصة وأني اكتشفت أن هناك شركات انشأت وأسست من أجل مكافحة النمل بصفة خاصة وأصبحت تكسب لقمة عيش العاملين فيها من ذلك ولو كانت الطرق السابقة تقضي على النمل بكفاءة لأفلست تلك الشركات وشحتت على باب السيدة أو باب سيدنا الحسينوانهارت من زمن بعيد.
ممتاز أن يخلق النمل من أجل أن يفتح مصدر رزق لبشر آخرين ولكن ما ذنبي أنا في أن أجد نفسي محاصر بأسراب النمل في كل مكان بالمنزل وكيف يكون شعورك حين تلدغك نملة لا تكاد ترى بالعين المجردة تجعلك تشعر بالألم وتجعل جلدك يلتهب ويتورم وكأنك لدغتك أفعى.
الآن أنا أعترف أن النملة على صغر حجمها تستطيع أن تهزمني،بل هى فعلاً هزمتني وتحولت إلى عملاق كبير يمثل خطر للكثير وربما السر الذي لا يعلمه الكثير ونريد أن نتعلمه من حكاية النمل هو الإتحاد،فالنمل قوم حالهم حال النحل لديهم ثلاث صفات مشتركة هم الإتحاد والتعاون والنظام،فإن اتحد قوم بيد واحدة مهما كانت ضآلة أحجامهم سيكونون أقوى مهما كانت اجسامهم ضعيفة فما بالك لو غلف هذا الإتحاد بسمة التعاون والعمل بنظام متكامل؟ بالتأكيد سيكون تأثيرهم قوي وكبير مثلما يفعلون بي الآن وربما ضرة نافعة،فقد تعلمت من هذه المحنة أن الإتحاد والتعاون والنظام قوة لا يضاهيها قوة ولعل هذا ماجعل نملة تهزمني بلا رحمة.