الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

دولة الإجراءات 100ساعة ودولة الفساد إلى قيام الساعة

سأظل أصرخ ليل نهار من دولة الفساد التي تنتشر في مصر في كل مكان وداخل كل مؤسسة من مؤسسات مصر،فرغم شعارات الحكومات المتتالية التي ترفع جمل رنانه لزوم الإستهلاك المحلي،وأقول المحلي لأنها لا تخرج عن نطاق سماء المجتمع المصري،أما من بالخارج فللأسف يرون مالا نستطيع أن نراه نحن الشعب المصري،كل مسئول يقول أن الدولة تسعى للقضاء على الفساد الإداري وأن العملية تسير بخطى ثابتة نحو ذلك،فهم واهم كاذب،كل هؤلاء يتحدثون من وراء المكاتب الفخمة المريحة والمكاتب المكيفة في إنفصال كامل عن الواقع المصري،وهذه بالتأكيد هى السمة الغالبة على كل المسئولين،هل فكر وزير أو محافظ مثلاً أن يطلب من التلفزيون المصري أن يرسل له "ماكيير" يقوم بتغيير معالم وجه سيادته ثم إحضار "استيالست" يلبسه ملابس رثه لهيئة مواطن مطحون ثم يذهب لعمل مصلحة عادية مثله مثل أي مواطن ليكشف المؤامرة التي تحاك لهذا الشعب في كل لحظة داخل ردهات المصالح الحكومية،قد تهمسون الآن بينكم وبين أنفسكم بأن الكاتب مجنون أو يهذي،معقول يقوم وزير أو محافظ بهذا الفعل،وهل هذا من اختصاصه،أرد عليكم وأقول،نعم هذا من اختصاصكم أيها المسئولين،ألم تسمعون أن عمر بن الخطاب فعل ذلك،ألم يتطرق إلى مسامعكم أن عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين فعل ذلك،ياسادة تفحص حال الرعية من إختصاص المسئول وبنفسه وليس بواسطة تقارير من يكتبها هو أيضاً فاسد.
تعالوا معي الآن لأحكي لكم موقف حدث لمواطن داخل مصلحة من مصالح الدولة العامة التي تهدف في الأساس إلى تأدية خدمة للمواطن مقابل رسوم زهيدة رمزية والموظف الذي يقوم بها يحصل على مقابل أداء الخدمة متمثلة في مرتبه الشهري،يحكي زميل لي ذهب برفقه ابن زميل له في العمل،فقد توفى الأب منذ أيام وكان يعمل بأحد شركات القطاع العام،وكان قد إلتحق هذا الأب المتوفي في بداية حياته بوزارة التربية والتعليم بمنطقة حلوان وعمل بها فترة تم خلالها التأمين عليه فيها ثم ترك الوزارة وعمل في شركة القطاع العام،وبالتالي فإن ابن المتوفي يسعى لأن يثبت تلك الفترة التي عمل فيها أبوه بوزارة التربية والتعليم ليضمها إلى تأميناته لأن ذلك سيساعد على زيادة معاش والده.
انظروا معي ماذا حدث،دخل زميلي وبرفقته ابن الرجل المتوفي لمصلحة التأمينات الإجتماعية وسألوا عن الموظف المختص وعرضوا عليه ورقه بها تفاصيل مدد خدمة الوالد-رحمه الله- وطلبوا منه أن يحصلوا منه على الرقم التأميني لفترة خدمة المتوفي في وزارة التربية والتعليم،الموظف نظر في الورقة ثم أخرج قلم رصاص،وقلم رصاص لماذا؟،ستعرفون بعد قليل،أمسك بالقلم الرصاص وبدأ يمارس هوايته في التعقيد،علّم على كل مكان في الورقة،دائرة هنا يكتب بجوارها لابد من إحضار كذا من مكان كذا،دائرة أخرى في مكان أخر ويكتب بجوارها تعليقاً مفاده أن تلك المدة تحتاج إلى كذا،ثم في النهاية ينظر إليهما وهو يناولهم ورقتهم التي أصبحت مشوهة بشخابيط القلم الرصاص وهو يقول اذهبوا وأحضروا لي ماكتبته فهذا حقوق أموات ولابد أن نتحرى الدقة كاملة لنعطيهم حقوقهم،وبما أن زميلي "مدقدق"كما يقولون على الرجل الخبرة الفهلوي اللي بيفهمها وهى طايرة،لاحظ أن هذا الموظف يضع بجواره على المكتب علبتين سجائر ماركة "مارلبورو" إذاً هو مرتشي وإلا فكيف لموظف مرتبه متواضع أن يدخن هذا النوع الغالي من السجائر،خرج زميلي من الغرفة ومعه الورقه وذهب إلى الساعي "بتاع الشاي" في أخر الطرقة وعرض عليه الأمر وحين ناوله الورقه سارع الساعي مندهشاً وهو يقول "إنتوا روحتوا للأستاذ كذا"،عرف من دوائر القلم الرصاص أن من فعل ذلك أستاذ فلان،تقريباً هذا التشوية معروف به هذا الموظف،طلب "بتاع الشاي" من الرفيقان أن ينتظرا قليلاً بعد أن حصل منهم على 50 جنيهاً وأخذ الورقة وعاد بها إلى نفس الموظف الأستاذ فلان وبعد دقيقة طلب الساعي من الرفيقان أن يدخلا مرة ثانية للموظف،دخلا وكأنهم يدخلان لأول مرة لمكتبه،طلب منهم الجلوس ثم أمسك بالورقة وأخرج من درج المكتب "أستيكه" وبدأ يمسح كل الدوائر والشخابيط التي كتبها وهو يقول موجهاً حديثه لأصحاب الورقة"إنتوا مصعبين الموضوع ليه،الموضوع سهل والله يا أخوانا" وبعد أن أعاد الورقة إلى سابق نصوعتها وجمالها إلتفت إلى يساره ثم أخرج دفتر به الأرقام التأمينية وبحث عن الرقم ثم كتب على الورقة بقلم حبر هذا المره "3596..." كتب الرقم التأميني وزيلها بخاتم المصلحة ثم ناولهم ورقتهم ولكن هذه المره وهو مبتسم بشوش،هل علمتم الآن لماذا استعمل القلم الرصاص في أول مرة والقلم الحبر في المرة الثانية؟.
مارأيكم ياسادة في هذا الموقف،بالتأكيد كل المصريين يعلمون ما كتبت وحتماً جربوه في مره من مرات تعاملهم مع أي مصلحة حكومية،فهذا الطبع الغالب عليها كلها،حتى داخل أحد مؤسسات الشرطة التي تختص بتطبيق القانون على المخالف يحدث ذلك ولو متعجبين مما أقول اسألوا كل من يتردد على وحدات المرور،يحدث ذلك في قلب مصلحة تتبع وزارة العدل المنوطة بالفصل بين الناس في المظالم ولو متعجبين أعيدوا قراءة حكاية الشهر العقاري مرة أخرى،بل يحدث في معقل رمز الدين الإسلامي في مصر،في قلب مؤسسة الأزهر وبين الدعاه واسألوا في المعاهد الأزهرية وكذلك في الأوقاف داخل إدارات التفتيش الدعوي المسئولة عن مراقبة خطباء المساجد والتفتيش عليهم.
كل مؤسسات الدولة لم تنجوا من هذا الفساد الإداري الذي يصُب في جيوب الفاسدين ويعطل مصالح الناس ويؤلمهم في كرامتهم مثلما يؤلم السوط ظهر المذنب،ويُضّيع على الدولة مليارات الجنيهات ،ثم في النهاية نعود ونجد سيادة المسئول يرتدي أفضل الثياب ويقول لنا بقلب وبال مطمئن أن حرب الدولة ضد الفساد قائمة وأننا بصدد القضاء عليها في القريب العاجل،أعتقد إن كنتم تعلمون تلك الحقائق كلها من سوء وتدني مستوى الخدمة وتركها في يد بلطجية المصالح ما قلتم ذلك ولعلمتم أن دولة التعقيدات الإدارية تستغرق بدل الساعة مائة ساعة أما دولة الفساد رغم أن قضاء المصلحة فيها لا يستغرق ساعة إلا أنها ستظل قائمة إلى يوم الساعة إن لم نتخذ إجراءات واقعية تتلائم وطبيعة الفساد من شأنها القضاء على خراب طال الأخضر واليابس في بلدنا مصر.
وفقي فكري

الأحد، 16 نوفمبر 2014

ضابط المرور ونظرية وش القفص



مبدئياً وقبل أي كلام،هذا المقال كلفني كتابته 50 جنيهاً مصرياً،وهذه ليست المره الأولى التي يدفع فيها صحفي مقابل ليحصل على معلومة ثمينة،أو يدخل مغامرة غير محسوبة من أجل أن يصل إلى هدفه،ولكني اليوم دفعت الـ50 جنيهاً على سبيل المخالفة،أي نعم مخالفة مرورية بسبب عدم إرتدائي حزام الأمان،وأنا لا أعفي نفسي من الخطأ،فهو "راكبني راكبني" كما يقولون،ولأن ضمير قانون المرور لا يفهم انشغال الذهن بأمور قد تكون سبباً في ارتكاب المخالفة،مثل أن تكون تقود سيارتك مثلاً وأنت تنظر إلى خلفية فتاة مثيرة تسير بجوارك فتتفاجئ بسيارتك وقد لبست في المجاورة لها أو التي أمامها أو خلفها،أو تكون في مثل حالي تفكر في الإعلان الذي نزل بالجرائد اليوم على لسان وزير الإسكان يعلن فيه بمانشيت بالبونط العريض عن بدأ باب الحجز في وحدات سكنية لطبقة متوسطي الدخل بمقابل 400 ألف جنيه، وماكان يشغل عقلي وأنا أقود هو كيفية تدبير الألف جنيه المتبقية لأتمم الـ400 ألفاً وأذهب لألحق أو لا ألحق وحدة لقطة من تلك الوحدات،فمن الطبيعي والسهل على ما أعتقد أن يستطيع موظف مثلي من المنتمين للطبقة المتوسطة أن يدخر 400 ألف جنيه من تحويشة وظيفته بعد مصاريفه ومصاريف بيته وذلك في خلال سنه،إلا أنني وكما تعلمون لأني شاب مستهتر وسطحي فلم أستطع أن أحوش هذا المبلغ في سنه، وينقصني 1000 جنيه فقط هم الذين جعلوني شارد الذهن وأنا أقود سيارتي اليوم حتى أفقت وياليتني ما أفقت،وأنا واقف في إشارة ميدان دوران شبرا انتظر فتحها فإذا بالدنيا تنشق وتخرج علي بأمين شرطة أول من أبو ثلاثة شرايط يمسك بدفتر مخالفات ويطلب رخصي ورخص سياراتين أخرتين كانت الصدفة التعيسة قد جعلت القدر يضعنا في مقدمة الإشارة،ليدون لنا مخالفة عدم إرتداء حزام الأمان،اللعنة على التفكير اللعين الذي أخذني إلى شقة الأحلام وأنساني أني في دولة تحترم القانون،نزلت وتحاورت مع الأمين،قالي لي إما أن تدفع خمسون جنيهاً الآن أو أن أسحب الرخص وتعطل نفسك يوم وتذهب للنيابة تدفعهم 300 جنيه،بالتأكيد سيادة الأمين خيرني ما بين السهل والصعب،وهو يعرف أنني مثل كل المصريين سأختار الأسهل،أجبته بأنني كنت متوقفاً تماماً عن الحركة ومنتظر الإشارة ولا داعي لارتداء حزام الأمان،قالي لي القانون بيقول كده،قلت له لماذا لم تفحص مئات السيارات التي خلفي وتركتها تمر وأنت ترى قائدوها لا يرتدون الحزام،فقال لي عندما أنتهي منكم أذهب لأفحص غيركم وكل واحد ونصيبه،وفي تلك اللحظة فتحت الإشارة ومئات السيارات عبرت وبالتأكيد كلها غير مرتديه حزام الأمان،ولكن حظي العسر هو ما وضعني في مهب عاصفة المخالفة،قدر الله ومن يستطيع أن يهرب من قدره،بالتأكيد لم أعطيه الخمسون جنيهاً لأني اكتشفت حين سألته أن الدفتر للباشا الضابط المتوقف بعيداً فطلبت أن نذهب له ويوقع الإيصال أمامي وقلت له مداعباً "علشان أبروزه لأني تبرعت بـ50 جنيه لمصر" ثم قلت له "تحيا مصر"،فرد علي وقال "تسلم الأيادي"،بالطبع إصراري ولباقتي مع الأمين ثم مع الضابط حين طلبت منه أن يعرفني باسمه الثلاثي جعلهم في ريبة من أمرهم خشية أن أكون شخصية مهمة،فتراجع الأمين قليلاً ثم بدأ ينظر في خانة الوظيفة في رخصة قيادتي وكانت المفاجأة،المفاجأة أني أعمل في شركتي أخصائي ترميم أثار طبقاً للبطاقة الشخصية ولأن السادة المسئولين في وحدة التراخيص ثقافتهم على "أدُهم" فقد فضلوا أن يكتبوها في الرخصة أخصائي ترميم أثاث،بكل تأكيد أنا أشعر الآن بمدى النشوة التي شعر بها أمين الشرطة حيت فوجئ أن من يتحدث معه ليس إلا مجرد نجار فصيح،ورغم أني أحمل كارنيه للصحافة آثرت ألا أظهره حتى لا أتهم ذاتي بالفساد عن طريق إقرار مبدأ التمييز،فابتسم لي وناولني الرخص في شجاعة وثقة في النفس وهو يقول مع السلامة ياباشا،كم أشعر بسخرية ابتسامته التي تعتبرني الآن مجرد مجنون مر عليه.
خلال فترة خبرتي بالقيادة التي امتدت على مدار 10 سنوات فقط حدث لي عدة مواقف مع جهات المرور،اثنتين منهم في عهد مبارك واثنتان في عهد السيسي،أما الموقفين اللذين حدثا معى في عهد المخلوع مبارك فكان أولهما مخالفة حررت لي على الطريق الدولي بين دمياط وبورسعيد حين تخطيت السرعة المقررة ببضع كيلومترات مما جعل أول كمين يوقفني بواسطة أمين شرطة ويراودني على دفع 50 جنيه رشوة مقابل أن يتركني أعبر وأعفى من دفع القيمة الحقيقية للمخالفة وهى 150 جنيه ولأني وقتها فكرت أنه من الأفضل لي أن أعاقب وأدفع 150 جنيه كامله لتدخل في جيب الدولة،لأنها بالتأكيد ستعود لي في شكل خدمات،أفضل من أن أضع خمسون جنيهاً في جيب مرتشي فاسد أساعده على التمادي في فساده،طبعاً هذا التوجه كان تحليلاً خاطئ مني فقد اكتشفت أنه في الحالتين مقابل المخالفة تصب في جيب فاسدين،همهم تقفيل دفاتر المخالفات فقط مثلما حدث في موقفي اليوم،ولأني تصرفت بحسن نيه أعجبت الضابط،الذي أصررت كعادتي أن دفع لديه المخالفة مما جعله يندهش من أمري ويدفعه ضميره الحي لأن يحذرني من وجود رادار أخر على بعد 50 كيلو من هنا،وهو الأمر الذي أنقذني أن أدفع مخالفة أخرى،الموقف الثاني كان حين كنت أعمل في محافظة المنيا بعد تخرجي مع شخصية مرموقة في القضاء المصري وكنت عائداً لبلدتي بالأرياف في الفجر فغلبني النوم ولم أستيقظ إلا وأنا ملقى على وجهي ناحية كبوت سيارة الأجرة التي أركبها ويتم تفتيشي تفتيشاً كاملاً كأعتى المجرمين،بالطبع في هذا الموقف كنت هالك لا محالة إلا أن كارت الشخصية المرموقة الذي كان معي منع الضابط من أن يعاملني بأسلوب غير لائق وانتهى الأمر،أما الموقفان في عهد السيسي، فكان أولهما ماحكيته لكم في بداية المقال،أما الثاني فكان على النقيض من كل مواقفي الثابتة،فقد ذهبت لأجدد رخصة سيارتي وأضطررت لدفع رشوة لمهندس الفحص قيمتها 50 جنيهاً،ولا أدري ما السر وراء رقم الـ50 الذي يلاحقني في كل مكان،ولكني في النهاية رضخت للمهندس ودفعت الرشوة ووقع على أوراق الفحص بدون أن ينظر حتى للسيارة وجددت الرخصة.
مما سبق وعلى طريقة المعطيات والنتائج في مادة الهندسة أو المعادلات الكيميائية يتضح لنا أن دولة الرشوة مازالت وستظل موجودة وبانفراد تام دون منازع على قمة الساحة المصرية،لماذا،لأنها الأسهل والأسرع والأقوى في التعامل ولا تحتاج مناهدة ولا وجع دماغ،فمثلاً هل الأفضل لك أن تدفع رشوة بسيطة تفتح لك كل الأبواب المغلفة أم تعطل مصالحك وعملك من أجل أن تتردد على المصلحة لتنجزها وماهى بناجزه،إذاً دولة الرشوة هى الأسهل كما قلت،كما أن دولة "الكارنيه غلب الجنيه" هى الأخرى في تنافس دائم مع نظرية الرشوة وترسخ لنظرية "وش القفص"،فلو صادفت يوماً موكباً لفرح يبرطع في قلب طريق عام ويعطل المرور أمام أعين رجال المرور فتأكد أن هذا الفرح "تبع" شخصية هامة تحمل الكارنية أبو باسورد جهنمي في بلدك مصر،بالتأكيد ستجد لدى ضابط الشرطة-مثله مثل بقية طوائف الشعب التي تبرر دائماً أسباباً مقنعة لمخالفتها القوانين- ستجد لديه لسته من أسباب تسهيل المصلحة أو باسمها المباشر "الرشوة"،فمبرراته أن قروش المرتب لا تكفي للحياه،وأن الحياه صعبه،والعيشة مُره ياباشا،وغيرها من الأسباب الكثير،وبالتالي الرشوة مازالت وستظل هى ملكة التعاملات بمصرنا.
نصيحة أخيرة للحكومة قبل أن تصدروا القوانين ثم تغلظونها ابحثوا عن الأسباب الحقيقية وراء التجاوز،أصحلوا نفوس هؤلاء،أجعلوهم يعملوا بصدق وباحترام،فما أهمية القانون الذي يقضي بالحبس طالما وجدت فرد شرطة يسهل لك المرور من الإتجاه المعاكس دون محاسبة،مافائدة أن يقف ضابط كل هدفه هو إنهاء دفتر مخالفاته بعشوائية على أصحاب السيارات الملاكي في الإشارات داخل المدن وهناك آلاف سيارات النقل تحمل ضعف حمولتها تدمر طرقنا ولا تجد من يحاسبها،ضيفوا فوق قانونكم قوانين أخرى،بل قل مئات من تلال القوانين المغلظة لن تستطيعوا أن تحققوا الإنضباط لأن النفوس فاسدة والعقول خربة والرقيب فاسد وهو ثغرة المخالفين،وأخيراً أنا أعترف وأقر بخطأي لأني فكرت في الشقة أم 400 ألف جنيه وقدت سياراتي وأنا مهموم مسائلاً نفسي من أين أحصل على الألف جنيه المتممة لمبلغ الشقة ففوجئت بأمين الشرطة يسألني أن أدفع للدولة خمسون جنيهاً غرامة تفكير في شقق الإسكان المتوسط لأكفر عن ذنوب كل المصريين من أصحاب الطبقة المتوسطة.
وفقي فكري  

السبت، 15 نوفمبر 2014

ماما أمريكا وجمعية رعاية الحمير

حين شاهدت اليوم مسرحية "ماما أمريكا" بطولة الفنان الرائع محمد صبحي وتأليفه ومن إخراجه أيضاً والتي تم عرضها عام 1998 تأكدت بما لايدع مجالاً للشك أنني أنا على الأقل كنت حماراً لا أفقه شئ،بالطبع حماراً مثلما مثلها الفنان محمد صبحي في مسرحيته حين مثل العرب في جمعية رعاية حقوق الحمير،تأكدت لي تلك الفرضية بعد أن أتممت اليوم قراءة كتاب "البحث عن الذات" للرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد ذهولي من علاقات الدول العظمى بالدول العربية وكيف كانت مصر منبطحة إنبطاحاً كاملاً للإتحاد السوفيتي أيام عبدالناصر ثم بعدها للأمريكان أيام السادات بعد أن تسلمت قيادة العالم من بريطانيا وتفكك الإتحاد السوفيتي إلى دويلات وحتى اليوم،وكنت دائماً أتسائل لماذا نخضع لقوى عالمية أخرى ونحن نستطيع أن يكون رأينا من عقولنا،ولكن جاءت الإجابة على تساؤلي الليلة بعد أن شاهدت المسرحية بشكل مختلف وتصادف أن قرأت كتاب "البحث عن الذات" للسادات لأجد النتيجة الحتمية أن كافة الدول العربية فيها الكثير الذي يحكمه الغرب وأن قادتها مجرد هياكل أشباح فقط والبعض الأخر يرطع في صراعات داخلية تأججه نفس الدول صاحبة المصالح وبالتالي فهى تتحكم في مجرى الأمور داخلها وتستطيع أن تحول دفة الأحداث في أي لحظة تريدها والنتيجة الثانية أننا لا نستطيع أن ننتج غذائنا ولا سلاحنا وبالتالي فلابد أن نظل تابعين للأبد.
لقد شاهدت ولأول مرة مسرحية "ماما أمريكا" بشكل مختلف وكأني كنت أعمى ثم أبصرت اليوم،كأني كنت نائماً واستيقظت،كأني كنت مسافراً وعدت،لماذا لم أفهم، المعاني التي صرخ بها الفنان محمد صبحي منذ عام 1998 على خشبة المسرح يصرخ في المشاهدين أمامه حتى تنتفض عروقه ويتصبب عرقاً من أجل أن تفهم الناس ما يحدث حوله،فما يكن من هؤلاء إلا التصفيق الشديد للفنان ويضحكون بدلاً من أن يبكون،ويخرجون من المسرح وهم في غاية الإنشراح والفرح بعد وجبة الضحك المتواصل أمام فنان عملاق .
أنا الآن أكاد أقسم أن محمد صبحي كان كمن يكاد يلطم على وجهه ليلحظ الناس أنهم غافلون فلا يرى إلا شعباً كان قد غب في النوم غباً حتى تحول شخيره إلى ضحكات متواصلة على كل شئ وأي شئ بلا معنى وكأنهم مسوخ مغيبة عقولهم لا يفقهون شيئاً.
نظام مبارك الذي سمح بعرض تلك المسرحية التي تهاجم أمريكا وإسرائيل في المنطقة بكل صراحة كان متأكداً من أن الشعب كله لن يصحو من نومه العميق حتى وإن صرخ الفنان محمد صبحي ونزل من فوق خشبة المسرح يهز كل مشاهد ليوقظه من سباته المتواصل،لن يتجاوب معه أحداً فمثلما كنت أنا أفتح فاهي أمام من يتكلم أمامي بكلمتين سياسة كالأهطل كان الشعب كذلك منبطحاً على وجهه لا يرى إلا ما تريده السلطة أن يراه عن طريق أقراص الهلوسه والصرصرة القادمة من أبواق إعلام السلطة ومثقفي الحاكم والمعارضة الكرتونية الهشة التي تعايشت مع أصحاب المصلحة كالعائل والطفيل،كما أن نظام مبارك نفسه كان يحتاج أحياناً،مثله مثل غيره، لأن يضع أمام أمريكا موقفاً مستفزاً ليقول لها أن مصر مازالت تتحرك أو لا تتحرك،الأمر سيان،ولكن لابد أن يكون دائماً بين العبد وسيده بعض المناوشات التي تعطي للحياه معنى أو بعض المصلحة المتيادلة.
أنا اليوم حزين على نفسي وعلى وطني،حزين لأني أعلم أن الشعب المصري مازال كما كان،وكلمات "الشعب العظيم صاحب حضارة السبع آلاف سنة والفراعنة والشعب الواعي الفاهم اللي محدش يقدر يضحك عليه"،كل تلك الكلمات تحولت للبوس يأخذه الشعب ليشعر بالفرح ويعيش على التاريخ دون أن يقدم أي جديد في مستقبله،ولكن في الحقيقة الشعب لم يعد يملك من الثقافة إلا التفاهه والسحطية التي حولته إلى مسخ يسمع مايضخ له في عقله ضخاً ثم يعاود فيردده كالبغبغان دون أن يفهم منه شيئاً.
اصرخ يا محمد صبحي،اصرخ يا كل من استيقظ لتوه من نومه العميق وتأكد أنه لن يسمعك أحداً فمازال الشعب نائم كما كان نائماً بفعل مهدئات الإعلام المشعوذ الذي يطلب أذنك ليملؤه حقداً فوق حقدك وفي نفس اللحظة يمد يده لجيبك ليسرق منك مقابل الفتنة .

وفقي فكري

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

دنيا الموظفين وعالم القرود



صدق الراحل مصطفى محمود حين قال أن الفجوة ستزداد بين دول العالم الثالث والعالم المتقدم بسبب سياسات تلك الدول نحو التمكين وليس تطوير إمكانات  شعوبهم حتى سيأتي يوم يكون الفارق فيه بين تلك الدول ودول العالم المتخلف كما بين عالم الإنسان والقرود، وزادت معاناتي حين أجد هذا الكلام يتحول إلى حقيقة ونساهم فيه مساهمة فعالة ونحن مدركين ومرتاحين البال،فقد أصبحنا نتلقي كل يوم خبر جديد من دول أخرى أطلقنا عليها مجرات أو كواكب بعيدة عن دولنا مثل كوكب اليابان مثلاً الذي تأتينا منه كل يوم تقليعة جديدة نتعجب منها ونعقد الحاجبين ونفتح الفاه استغراباً لعادات وتقاليد لم نعد نشاهدها عندنا إلا في أفلام الخيال العلمي،ومن أمثلة تلك الأخبار الخبر الذي قرأته اليوم عن شركة فرنسية تمنح عاملاً لديها من أصل عربي علاواته كاملة رغم غياباته الطويلة بسبب مرض زوجته لكي يستمر في تقاضي راتبه كاملاً غير منقوص،وبالطبع فقد قامت الشركة بهذا الفعل بعد أن تبرع له زملائه في العمل بـ362 يوم من رصيد أجازاتهم بعد أن استنفذ كل رصيده لجلوسه بجانب زوجته المريضة،وبالتأكيد في كوكب فرنسا يتيح القانون الآن للموظفين التنازل عن أيام من أجازاتهم للأخرين داخل نفس المؤسسة.
نأتي الآن للحديث عن وضع الموظف المصري من خلال تطبيق ذلك على العاملين بشركة المقاولون العرب،تلك الشركة التي تنتمي للصف الأول من حيث الترتيب العربي والأفريقي ولها تصنيف عالمي بين كبريات الشركة العالمية،رغم ضخامة حجم أعمال الشركة وتنوعه وانتشارها في أرجاء المعمورة من خلال شبكة فروعها الخارجية وضخامة حجم العاملين بها ليتعدوا الـ70 ألف موظف وعامل إلا أنك ستجد داخلها العامل ما زالت تتم معاملته بلائحة داخلية عفى عليها الزمن ترجع للربع الأخير من القرن العشرين،فمازالت البدلات تحسب القروش والمنح والسلف نفس الحال،بالإضافة إلى تهميش دور العامل الذي يعد هو الركيزة الأساسية في الشركة وتعمد تحطيم نفسيته والإنحدار بها إلى أسفل سافلين،تعالوا نقارن رصيد الأجازات للعاملين بالشركة ومايحدث فيه بقصتنا عن عمال الشركة الفرنسية التي تحدثنا عنها،عندنا من يحصل على أكثر من يومين في الشهر اجازة حتى وإن كانت ظروفه مطينه بطين يتم الخصم من راتبه وفي بعض الإدارات من يغيب يوماً واحد فقط في الشهر يخصم منه كذلك وهذا كله على حسب هوى السيد مدير الإدارة،من يمرض أو يصاب ويحصل على أجازة مرضية يتأثر راتبه وبشدة وكأنه يعاقب على تفانيه في عمله وتضحيته من أجل شركته ووطنه،في فرنسا يمكن التنازل عن الأجازة الفائضة عن حاجه الموظف لزميله ولكن عندنا في الشركة ورغم أنك لن تستطيع أن تستفيد من رصيد الأجازات التي تمنح لك من قبل الدولة بسبب تعنت المدراء وقلة السماح بالحصول عليها حتى وكأنهم يعاملونك كآلة لا تتعب ولا تحتاج لراحة مشروع يمنحها لك القانون،يتم في نهاية العام حذف كافة رصيدك من الأجازات والبدء في العام الجديد على صفحة بيضاء،وإن سألت عن رصيدك يقولون لك اللائحة تقول ذلك رغم أن ذلك مخالف للقانون،وطبعاً السيد المدير هو عين القانون ومنفذه.
جائتني اتصالات كثيرة من زملائي العاملين بالشركة وخاصة هؤلاء الحرفيين أصحاب المهن الحرفية داخلها يطلبون مني أن أكتب عن معاناتهم من تفريق المدراء لديهم في تقييم الراتب الشهري لهم واتباع أساليب المحسوبية لأشخاص معينين هم من يحصلون على أعلى درجات التقييم المالي دون غيرهم،فالحكايات كثيرة والتباين بين المرتبات لأبناء المهنة الواحدة كالفارق بين السماء والأرض والحجة في حرية تقييم المهندس أو المدير بلا مراقبة أو محاسبة من أحد،اتصل بي أحدهم من ورش العامرية بالأسكندرية يروي لي عن تعنت المدراء معهم لأنهم قاموا بتنظيم مظاهرات في بداية العام الحالي مطالبين بتنفيذ بعض مطالبهم المشروعه،ورغم أن رئيس الشركة لبى بعضها واعتبرها مشروعه إلا أن هؤلاء المدراء مازالوا يعاقبونهم على تجرؤهم في تنظيم تلك المظاهرات،فقد شكى لي هذا الزميل من أن كافة المهندسين الذين يملكون أمرهم يديرون لهم ظهورهم في حالة الشكوى ويصمون أذانهم عن سماع شكواهم والنقاش معهم في ذلك،وكأنهم يدفعون هؤلاء العمال دفعاً مرة أخرى للإضراب ووقف العمل ثم نعود ونفاوض العمال بعد أن نكون قد خسرنا الملايين،فلماذ كل ذلك ولماذا هذا التعنت؟.
لماذا لا يتعامل المدراء بفكر أكثر إنفتاحاً،لماذا يعتبرون العامل كائن غير آدمي يعمل في عزبتهم الخاصه،في فترة سابقة كتبت مقالاً تحت عنوان"لا تتركوهم يشتكون للأشباح" طالبت فيه بالتجاوب مع العمال وتبنيهم مثلما كان يفعل المعلم الكبير ومنشئ الشركة المهندس عثمان أحمد عثمان،الذي كان يتعامل مع العامل كأخيه وصديقه قبل أن يكون عاملاً لديه،لأنه كان يدرك أن الحب هو الصلة الوثيقة التي بينه وبين عماله وتمكنه من أن يصنع المستحيل،مثلما صنعه فيما مضى في السد العالي وغيره من المشروعات العملاقة التي وقف العالم لها إحتراماً وتقديراً للعامل المصري،صرخت بأعلى صوتي وطرحت من خلال هذا المقال مبادرة لإنشاء وحدة تحت مسمى"وحدة الإستشعار والتواصل المجتمعي والدعم" من أجل استشعار المشاكل والأزمات قبل أن تحدث والتواصل مع أطرافها بهدف تفتيتها قبل تصاعد حدتها،طالبت أن يكون هناك تواصل بين القيادة والعامل البسيط لإشعاره بأهميته وحصوله على حقوقه،بل وتقدمت إلى رئيس مجلس الإدارة بهذا المقترح مكتوباً ولكن يبدوا أن مصيره كان صفيحة الزبالة.
لماذا تصرون على توسيع الفجوة بينكم وبين عمالكم،لماذا لا تسمعون للعامل إلا بعد أن ينفجر ويعطل العمل ونخسر جميعاً الكثير،لماذا نصر على أن نسير في درب توسيع الفجوة بينا وبين الدول المتقدمة في إطار التمكين للسلطة وإعطائها الأولوية قبل العلم والتطوير،لماذا تسيرون نحو مجتمع القرود بسرعة قصوى وتتركون الدنيا تمشى بنواميس الطبيعة دون أن تطبقوا القانون الحق بلا أدني عاطفة أو محسوبية أو فساد.
دعوة لقيادات مصر وقيادات شركة المقاولون العرب باعتبارها شركة عملاقة نموذج للنجاح أن يسمعوا للعامل وأن يسعوا سعياً حثيثاً لمعالجة مشاكله وعدم إلقاء العبء والخطأ الكامل على كاهله وظهور المدير بصورة الملاك البرئ حتى نسير في ركب التطور ونحاول اللحاق بالكواكب الأخرى التي سبقتنا بملايين السنين الضوئية ونحن مازلنا نرضخ في غياهب الذل والقهر.

وفقي فكري

التغليف على وساخه يصيب بالعفن

منذ حوالي أكثر من شهر كتبت مقال مطول في الشروق بعنوان "المرور تطوير بلاتغيير" تناولت فيه تجربتي الشخصية مع وحدات تجديد رخص السيارات حين اضطررت لدفع رشوة لإنهاء الفحص الفني لسيارتي وتحدثت عن معاناة اللف والدوران على نيابات المرور لاستخراج براءة شهادة براءة الذمة وطالبت فيها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بضرورة التطوير الفعلي لتلك الوحدات التي تم تطوير بعضها ظاهرياً دون أن يتم تطوير منظومة العمل الفعلي بها مما يفتح باب المحسوبية والرشوة ويعطل مصالح الناس حتى أصبح المواطن يعتبر نفسه إنتحارياً في ذمة الله إلى أن ينتهي من مصلحتة فيتنفس الصعداء.
اليوم وبعد تكرار حوادث الطرق المفزعة والتي راح ومازال سيذهب بسببها الكثير من أبناء الشعب المصري فقد اجتمع مجلس الوزراء وخرج علينا بتشديد بعض مواد قانون المرور الجديد حتى أن أغلبها أصبح يشمل الحبس مع مضاعفة الغرامة،والحقيقة فإني أقول أن تلك العقوبات المغلظة لن يستفيد منها المواطن وإنما المستفيد منها في المقام الأول هم الفاسدون وسيتكبد ضريبتها المواطن فبعد أن كان يدفع السائر عكس الإتجاة ألف جنيه سيدفع الآن 3 آلاف جنيه مع الحبس وهذا بالضرورة سيزيد من فيزيتة الرشوة لرفع المخالفة فبعد أن كان بإمكانك دفع 100 أو 200 جنيه للتغاضي عنها وتسهيل مخالفة القانون وربما سيقوم سائق النقل بالدفع المضاعف للرقيب حين يكتشف تناوله للمواد المخدرة أو ربما يهاديه بنصيبه من المخدرات التي يحملها وغيرها الكثير من المخالفات التي لا حصر لها.
ياسيادة رئيس الوزراء تغليظ العقوبات لا ينفع مع الشعب المصري لماذا؟، لأن الفساد ليس في المواطن وإنما في الرقيب على المواطن،في عسكري المرور،في أمين الشرطة الذي اصبح نموذجاً لأكثر فئات العالم فساداً،في موظفي نيابات المرور وموظفي وحدات الترخيص التي تمنح الرخصة احياناً بدون أن ترى السيارات بمجرد أن يلمع أمام اعينهم بريق الورقة أم 100 جنيه،لقد قالها الخبراء وأنا اقولها معهم،لن ينصلح حال المرور بتشديد العقوبات ولكن باتخاذ إجراءات تحل المشكلة من جذورها،وجذورها موجود في الرقيب ومنظومة العمل والترخيص وليس في المواطن نفسه،نعم جزء من المسئولية يقع على كاهل المخالف وسلوكه،ونرى ذلك حين نرى راداراً على الطريق نقوم بتحذير الإتجاه المعاكس بالأضواء للتنبيه بتخفيض السرعة قليلاً لحين عبور نقطة التفتيش وغيرها الكثير من السلوك،ولكن هذا المخالف إن لم يجد فاسد يساعده على دفن مخالفته فلن يجرؤ مرة أخرى على تكرارها لأن يعمل أنه سيكتوي بنارها.
انظرو للمبادرات العلمية في هذا المجال واخرجوا قليلاً عن نمط عواجيز الفرح وشلة الأنس الحكومية واعتمدوا على افكار الشباب لينصلح حال بلدنا فالتغليف بغطاء من ماء الذهب على وساخة سيصيب البضاعة بالعفن كريه الرائحة.
وفقي فكري