الجمعة، 22 نوفمبر 2013

أبهرني محلب


يكتبها : وفقي فكري
كثيراً مانتسرع بالحكم علي الأشخاص بمجرد السماع ونهاجمهم لأننا نتبني إنطباع معين لا نقبل التفاوض حوله فنتحول لدفة الهجوم المتواصل بلا تحقق أو متابعة لهؤلاء مثلما حدث معي أنا شخصياً وماكان عليه إنطباعي قبل لقاء وزير الإسكان الحالي ، واليوم أكشف لكم الستار عن كواليس لقائي مع المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان الحالي حينما كان يتولي رئاسة مجلس إدارة شركة المقاولون العرب ، كان هذا اللقاء في 23 يناير 2012 وكنت في هذا الوقت أعتبر نفسي مغامر كبير بأن أرسل طلب إجراء حوار صحفي معه حول أحوال شركة المقاولون العرب ومايرتبط بذلك من أقاويل واتهامات موجهه لشخصه ، وبما أنني كنت مغمور وأعتبر نفسي مجازف بشدة لأني موظف صغير بالشركة ويتقمص دور صحفي يرغب في أن يحاصر رئيس مجلس الإدارة من خلال تجهيز الأسئلة المناسبة إلا أنني كنت متحمس لذلك كثيراً رغم أن الكثير حذرني من القرب من محلب وهناك من قال لي بالحرف الواحد "القرب من محلب إما أن يخسف بي لسابع أرض أو الصعود بي إلي سابع سما" ، أتذكر أني جهزت 39 سؤال وأرسلتهم إلي البريد الخاص برئيس مجلس الإدارة وجاءني الرد مفاجأه حين رن جرس التليفون المحمول الخاص بي بعد أقل من 12 ساعة لأجد المتصل المنهدس إبراهيم محلب شخصياً والمفاجأه أنه يتصل بي من ليبيا حيث كان من ضمن الوفد المرافق لرئيس مجلس الوزراء في زيارة عمل إلي دولة ليبيا الشقيقة وأبدي إعجابه الشديد بالأسئلة وأن ما يعجبه فيها هو الجرأه والإلمام الذي رأه فيها وطلب مني أن أتصل بمديرة مكتبه وأن أطلب منها تحديد موعد قريب فور عودته من السفر لإجراء الحوار وفعلت ذلك وكان اللقاء مساء يوم 23 يناير 2012 في تمام الساعة السابعة واستمر المهندس إبراهيم محلب في مفاجأتي حين وجدته يدخل علي ويأخذني بالحضن ويحاول أن يخفف عني لأنه يعلم أن المقابلة ربما تخيفني ، الجميل أن الحوار كان من الإهتمام بمكان حتي أن رئيس مجلس الإدارة جهز لي قائمة من الملفات ليستعين بها في الإجابة عن أسئلتي وأحضر علي مائدة الحوار المهندس أحمد عبدالعزيز عضو مجلس الإدارة والمهندسة إيمان سليمان مديرة مكتبه والمهندسة نجلاء السعيد مديرة الشئون الفنية والمهندس كريم وبدأ الحوار وأتذكر أن من الأسئلة السياسية التي سألتها هي أن الناس يعتبرونه من الفلول لأنه كان من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني وظننت أني وضعته في مأزق ولكن لباقته وسرعة بديهته كان مدهشه وأذكر أنه أفاض في الرد وكان رده أنه إنضم لتلك اللجنة بصفته ومكانته العلمية بإعتبارة أحد هامات التشييد والبناء في مصر مثلما إنضم إليها بقية العلماء وليس بصفة سياسية ، واجهته بزيارات شباب الثورة له في مكتبه وماعلاقة ذلك بعدم تولية وزارة الإسكان رغم ترشحه للمنصب لمرتين متتاليتين وسألته الكثير من الأسئلة السياسية وكان لديه سعة صدر كبيرة لإحتوائي وتفهم طموحي ونشوتي في مقابلته فأفاض في الرد ولم يضجر أو يمل من مواجهة سيل الإتهامات التي وجهت له في صيغ أسئلة متتالية بل كان صبوراً ومداعباً لي أحياناً بل بالعكس أعجب بشده بأسلوبي وطلب مني أن أنضم إلي مجلة الشركة أو العمل بالعلاقات العامة لأنه اعتبرني متميز في إدارة الحوار ولكني اعتذرت بإحترام وقدر هو ذلك ولم يشأ أن يضغط علي في ذلك وأتذكر جيداً حين داعبني قائلاً "إنت كأنك عايش معايا ده واضح من أسئلتك اللي مغطية كل حاجه" وكنت أحلم قبل إجراء الحوار بنصف ساعة ولكني أمضيت قرابة الساعتين في إمتاع شديد أبهرت خلالهما بالتمكن الشديد من الأدوات وامتلاك قوة الحجه في الردود وخرجت من مكتبه وأنا أحطم توقعات الكثير فلا أنا غطست إلي سابع أرض ولا أنا إرتفعت إلي سابع سما ولقد كان هذا هو السبب الأساسي لعدم قبولي العمل في مجلة الشركة وقتها .
واليوم وبعد إنضمامي لمجلة الشركة في عهد رئيس مجلس الإدارة السابق الدكتور أسامة الحسيني عاد لنا المهندس إبراهيم محلب وزيراً للإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وساقني القدر لأخوض معه تجربة جديدة ولكن هذه المرة عملياً فقد كلفت بأن أغطي صحفياً زيارته لبعض مشروعات محافظة القليوبية بمرافقة المحافظ  واستقيظت مبكراً وتوجهت إلي مقر بداية الزيارة لأجد الوزير يحضر مبكراً وفي سيارة عادية وبدون تعطيل للمرور مثلما يفعل الأخرون وبدأت فعاليات الزيارة المريرة وأقول مريرة لأنني كشاب لم أستطع أن أجاري الوزير خلال الزيارة حيث زار ما يقارب 8 أماكن بالمحافظة في أماكن مختلفة استمرت من الساعة السابعة صباحاً وحتي السابعة مساءاً حتي أن القنوات التليفزيونية والصحافة المرافقة انسحبت قبل زيارة أخر مكان من شدة الإرهاق وهذا الوزير مازال رغم سنه بقلب أنشط من الشباب ونحن الشباب نتألم من التعب ، ولست أكتب هذا لمنافقته أو مراءاته ولكني أكتب ذلك عن تجربة شخصية قريبة من هذا الرجل وجدت فيها الهمة والنشاط والحرص علي متابعة العمل الميداني بنفسه مثلما تحدثت معه ووجدت لديه اللباقة وقوة الحجة التي تستطيع ان ترد علي أي سؤال مهما كان .
بالتأكيد هناك من سيعارضني وربما سيسبني لأني أكتب ذلك كونه يتبني فكرة معارضة لوجهة نظري أو سيتهمني بالنفاق من أجل الوصول إلي مصلحة معينة ولكني مثلما أحترم من يعارض فعلي المعارض أن يحترم وجهة نظري فهكذا ينبغي أن نحرص جميعاً علي ثقافة الرأي والرأي الأخر وقد كتبت كواليس تجربة شخصية وضعني القدر بداخلها فانتهيت إلي إنبهار بشخصية مصرة علي العمل رغم الهجوم الذي قد تلقاه أي شخصية عامة تتقلد منصب هام في أي مكان وأعلم أن الموضوع شائك ولكن هذه قناعتي وهذا قلمي الحر الذي أكتب به ما أشاء دون التجريح أو المحابه لأحد مهما كان ليكون شاهداً علي أصحاب الهامات مثلما يكون مهاجماً لمن شرد عن الصف وبعد عن الدرب .

الخميس، 14 نوفمبر 2013

قانون حسن النيه ونظرية المهلبيه




يكتبها : وفقي فكري

وقف صادق يشرح للقاضي ماحدث ويبرر مافعله بأنه جاء بناءاً علي واجبه كمواطن مصري يخاف علي أرواح المواطنين ، فكيف يترك امرأه تتعرض للخطر ولا يقوم بإنقاذها ، ورد عليه القاضي لقد ارتكبت مخالفة قانونية وأوقفت خط المترو قرابة النصف ساعة مماعطل مصالح الناس ولذلك نحكم عليك بغرامة ألف جنيه وشهر حبس مع النفاذ ، ويصرخ صادق لقد فعلت ذلك بحسن نيه وأطلقت فرملة الخطر بعربة المترو لأني سمعت صراخ شديد واعتقدت أنه ربما تعرض أحدهم للخطر فأوقفت المترو ، فيرد القاضي القانون ميعرفش حاجه اسمها حسن نيه أنا هنا بطبق القانون رفعت الجلسة

منظر أخر طبيب يحاكم بتهمة القتل الخاطئ والطبيب يصرخ أين العدالة لقد حاولت أن أنقذ حياته ولكن قدر الله نفذ والقاضي يأمر بالحبس وغرامة مالية والنقابة تشطب اسمه والدموع تنهمر علي وجهه والقضاه يتعاطفون معه ولكن لسان حالهم هذا هو القانون لا يعرف شئ اسمه حسن النيه ولابد من تطبيقه.
مدرس يتعرض إلي الفصل بسبب ضرب تلميذ والمدرس يصرخ لقد فعلت ذلك بحسن نيه لحرصي علي مستقبله وليتعلم ويصبح شاب صاحب مستقبل جيد ، والإدارة التعليمية تقول لا يوجد شئ اسمه حسن نيه ، لقد منع الضرب بالمدارس بقرار الوزير وأنت خالفت التعليمات ولابد من فصلك .
الأمثلة كثيرة لمواطنين قاموا بتصرفات علي أنها بمبدأ حسن النيه ولكن الرد عليهم جميعاً يأتي " لايوجد في القانون شئ اسمه حسن النيه " فلماذا تجعلونه قانوناً الأن للوزراء وكبار رجال الدولة ؟ !!!
الأولي أن يصدر قانون لحسن النيه للشعب وليس للمسئول ، فالمسئول الأولي به أن يطبق القانون ويحرص علي سريان أحكامه ليس أن نحميهم فيما يقومون به من تصرفات ، إن كنتم تريدون أن تصدروا هذا القانون فعليكم أولاً أن تلغوا كل القوانين لأنه لن يكون هناك أي ضرورة لوجودها ، فكل شئ سيعلق علي شماعة حسن النيه ، تلك الكلمة المطاطه التي ستتسع لكل شئ وسيفسرها المشروعون كما يحبون ، أي أنه سيكون قانون علي كيف كيفك ، قانون تفصيل .
قانون حسن النيه سيكون خلطة من الفساد والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ تماماً مثل نظرية المهلبية ، شوية ميه علي نشا وسكر وقلب تاخد أحلي مهبية منزوعة الطعم والرائحة .
لقد كنا نطالب أثناء ثورة 25 يناير أن يصدر قانون نستطيع به محاكمة أي مسئول وهو في السلطة حتي الرئيس واليوم بعبقرية الرجوع إلي الخلف نلبي مطالب الثورة ونبحث عن إصدار قانون يحصن قرارات أي وزير أو موظف كبير تحت مبدأ حسن النيه ليفلت من العقاب ويفعل مايشاء وقتما يشاء.
إن كنتم تريدون تطبيق قانون يسمي بحسن النيه فعليكم أن تطبقوه بأثر رجعي علي مبارك وأعوانه فقد كانوا هم أيضاً ينوون حماية مصر وقتلوا المتظاهرين بحسن نيه حرصاً علي المصالح العليا للوطن وكذلك طبقوه علي مرسي ومن معه فقد أرادوا بحسن نيه أن ينقذوا مصر من الفساد والظلم .
نلوم علي الإخوان لأننا سمعنا أنهم كانوا ينوون المكوث في السلطة مئات السنين والأن نرسخ لحكومة الألف عام بالتحصين بقانون حسن النية من جانب وقانون التظاهر من جانب أخر ومن طرف ثالث قانون الإرهاب لنكبل الشعب بجنازير من فولاذ حتي لا يفلت من العقاب في كل الأحوال والله أعلم ماهي القوانين التالية التي ينوون سنها علي رقاب الشعب .
لكي الله يامصر ورحم الله المواطنين الأحياء بأجسادهم فقط لكن الأرواح ميته فالظلم قادم بلا رحمة والفساد متوغل بلا توقف

الخميس، 7 نوفمبر 2013

حين يتحول عرش مصر إلي وظيفة



يكتبها : وفقي فكري


أثناء ثورة يناير 2011 وبالتحديد في شهر مارس من نفس العام كانت أختي علي موعد مع إمتحان القبول للتعيين كمعلمة بأحد المعاهد الأزهرية التي كانت أهلية وانضمت للأزهر بكامل هيكلها الإداري وتقرر عقد إمتحان القبول بالمنطقة المركزية بالحي السابع بالقاهرة وتوجهت هي وأكثر من 30 معلمة مثلها للإمتحان وطلب من كل واحدة أن تدفع ألف جنيه مقدماً كرشوة لتضمن النجاح وإلا فلا نجاح مهما كانت متميزة وكان هذا في عقر دار مشايخ الأزهر.
في شهر سبتمبر 2011 وخلال نفس عام الثورة ذهبت لأجدد رخصة سيارتي بالمرور وطلب مني أحدهم رشوة ليساعدني في استخراجها سريعاً وبدون مجهود مني وعندما رفضت عانيت الروتين الطبيعي حتي وصلت إلي أخر النهار وحين جاء موعد استلامي الرخصة طلب مني دفع 5 جنيهات حلاوة الإستخراج.
منذ أيام تعرضت أم أحد زملائي لمرض السرطان في الفم وتم إجراء عملية لها لإستئصال الورم وبعدها بأيام دخلت في غيبوبة وحولتها طبيبة خاصة إلي مستشفي القصر العيني الفرنساوي وفي أربعة أيام فقط طلب من زميلي مبلغ 15 ألف جنيه قيمة الإقامة علي الرغم من أن المستشفي لا تتكلف شئ مطلقاً سوي الغرفة والأجهزة وكافة الأدوية والأدوات الطبية التي تكلفت الألاف في أربعة أيام كان يشتريها أهلها من الخارج وعلي حسابهم الخاص .
ومنذ أسبوع وجدت زوجتي تشتكي لي من معلمة ابنتي الصغري بمرحلة الحضانة بأحد المدارس الخاصة لأنها تعلم البنت الدين خطأ حين تجعل الأطفال يرددون خلفها مايلي :
(ما ربك ... فيرد الأطفال الله ، ما دينك ... فيرد الأطفال الإسلام ، ما نبيك ... فيرد الأطفال محمد) ورغم أنها معلمة منتقبة تعلم الأطفال بسؤال حول الله بصيغة السؤال عن الجمادات وعن النبي بنفس الصيغة وحين تصحح زوجتي المعلومة لإبنتي وتقول لها اسمها ( من ربك ... من نبيك ) تبكي الطفلة وتقول المس علمتنا هكذا ، وقبلها بشهر يصحح المعلمون لأبنتي الكبري بالصف الثالث الإبتدائي الإجابة لأحد الاسئلة بالخاطئة لأنها ذكرت جمعاً غير الذي أعطوه لها بالمدرسة رغم أنه جمعاً صحيحاً وحين نعتب عليهم يقولون هو هكذا علي الطفلة أن تحفظ ما نعطيه لها وفقط .
هذا هو حال الكادر الإداري بالدولة الذي يلمؤه الفساد حتي في عقر رمز الإسلام بمقر الأزهر الشريف وحتي ولو كان في قلب أحداث الثورة يمارسون الرشوة والمحسوبية ولا حياء من الدين أو تأثر بشعارات الثورة التي كانت مازالت مرفوعة داخل ميدان التحرير وشبابنا يقتل من أجلها ، وهذا هو نمط الشرطة خلال عام الثورة حين تستمر في ممارسة نفس الأسلوب في إدارة العمل والممارسات ضد أفراد الشعب ، وهذا هو حال الصحة بمصر وماتتعرض له من إهمال والسلوك الذي يتعامل به الأطباء معه علي أنها تجارة وسوق للربح دون مراعاة لأحوال وظروف الناس ، وهذا أيضاً هو حال التعليم بمصر الذي يعتمد علي التلقين والإعتماد علي معلمين غير مدربين أو لديهم ثقافة وعلم يعتمدون عليه في تعليم الأجيال القادمة .
أتدرون لما كل ذلك ؟، لأن الثورة لم تغير قيد أنملة من شئ يذكر فيما كنا فيه ، فمصر تطفوا علي محيط من الفساد والمحسوبية والرشوة الذي يملؤ كافة قطاعات الدولة ، لا يوجد حرية ولا أدني عدالة إجتماعية ولا حتي حق في العيش الكريم ، أنماط الناس التي قامت ضدهم الثورة هم الأن من يرفعون شعاراتها ويحاكمون من يخالفهم الرأي بمقصلتها .
عرش مصر الذي يتقاتل عليه الجميع الآن أولي لديهم من أن يلتفتوا إلي غياهب الجهل والتردي والفقر الذي مازال الشعب يعيش فيه منذ زمن طويل ، يتصارعون علي السلطة والصدارة وتركوا القاع يئن بما يحمل من أسفار الجوع والتخلف والمعاناه اليومية لأسر فقيرة لا تجد قوت يومها وليس لديها الحق في أن تعيش حياة آدميه وتلك الأسر تمثل غالبية الشعب المصري .
لن ينصلح الحال إلا إن تعامل القاده والمتصدرون للأضواء ببلدنا مع منصب الرئيس علي أنه وظيفة ، مجرد وظيفة من يتقلدها يعاني العذاب والجهد الجهيد حتي تمر فترته بأمان ويقدم خلالها ما يستطيع من أجل الشعب وليس من أجل نفسه ومصلحة من حوله ، وحين يتوقف الشعب عن تأليه هؤلاء وصناعة الفراعنة ، فنحن شعب يعشق صناعة الفرعون لما نقدمه له من خضوع وذل وهوان .
ألا تنظرون قليلاً إلي القاع وتحاولون أن تصلحوا بعضاً من المفاسد التي عشنا معها علي مر الزمان ؟ ، لدينا المشاكل الكثيرة الأهم من الدستور والرئيس ومجلس الشعب ومجلس الشيوخ ، لدينا إصلاح التعليم والصحة والكادر الإداري بالدولة ، لدينا إصلاح البنية التحتية والمرافق والإسكان والمرور والقمامة ، لدينا لقمة العيش والبطالة وغيرها وغيرها الكثير ، إنصلحوا يصلح الله أحوالكم .